آخر الأخبار

واشنطن بوست ترسم صورة قاتمة للأوضاع في الفاشر السودانية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، لم يعد الموت خيارا بل أصبح يقينيا. فمن بقي داخل الحصار يواجه شبح المجاعة والمرض والقصف، ومن يحاول الفرار يقع ضحية الخطف أو الاغتصاب أو القتل، في واحدة من أبشع المآسي الإنسانية في العصر الحديث.

وهذه هي الصورة القاتمة التي رسمتها صحيفة واشنطن بوست الأميركية للأوضاع هناك، في تقرير مطول لمراسليْها الميدانيين كاثرين هوريلد وحافظ هارون.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 فايننشال تايمز: عزلة إسرائيل تزداد مع تصاعد مقاطعتها عالميا
* list 2 of 2 إعلام إسرائيلي: الجيش دخل غزة لتدميرها ودفع سكانها إلى الجنوب لتهجيرهم end of list

وجاء في التقرير أن مدينة الفاشر -آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور- تحولت إلى بؤرة ترزح تحت حصار مميت يختزل ملامح المأساة السودانية الراهنة.

فمنذ أبريل/نيسان 2023، يواجه سكان المدينة البالغ عددهم أكثر من ربع مليون نسمة، خيارات: إما البقاء لمواجهة الجوع والمرض والقصف، أو محاولة الفرار ليقعوا في قبضة قوات الدعم السريع التي تخطف المدنيين وتبتزهم وتعرِّض النساء والأطفال للاغتصاب، وفق الصحيفة.

وضع كارثي

ووصف تقرير الصحيفة الأميركية الوضع الصحي في المدينة بأنه كارثي موضحا أنه من بين 36 مستشفى وعيادة لم يعد يعمل سوى واحد بشكل جزئي، في حين يختبئ الأطباء خوفا من الاستهداف.

وتعاني المدينة أيضا من شح المياه بعدما ضُربت المحطة الرئيسية عدة مرات، كما يجتاح وباء الكوليرا السكان المنهكين من الجوع، والعائلات تقتات على بقايا مخلفات الفول السوداني المستخدمة علفا للحيوانات أو على الأعشاب البرية، طبقا للتقرير الصحفي.

وتقول واشنطن بوست إن الخروج للبحث عن طعام بات مغامرة قاتلة، إذ يتعرض الرجال للإعدام الميداني، بينما تُختطف النساء والفتيات. وروى أحد الآباء للصحيفة أن ابنته البالغة من العمر 14 عاما وابنة شقيقه 16 عاما تعرضتا للاغتصاب على أيدي مسلحين، في حين قُتلت والدة الأخيرة بقذيفة خلال محاولة علاجها.

وأبان المراسلان أن الانهيار الاقتصادي أدى بدوره إلى انهيار الأسواق، حتى أن الطحين بات حلما بعيد المنال إذ بلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه ما يعادل 30 دولارا أميركيا، ووصل سعر المقدار نفسه من الدخن (نوع من الحبوب) إلى 53 دولارا، بحسب السكان.

إعلان

وذكرا أنهما تحدثا أو تبادلا رسائل صوتية مع طبيب، ومسعف متطوع، و3 من عمال الإغاثة، و6 من المدنيين. وبعضهم قدّم صورا وفيديوهات لدعم رواياتهم، لكنهم طلبوا عدم نشرها خوفا من أن يصبحوا هدفا لقوات الدعم السريع. وتنسجم رواياتهم -كما يفيد الصحفيان- مع بيانات من وكالات الإغاثة وتقارير أخرى حول الوضع داخل الفاشر.

قوات الدعم السريع شيدت جداريا ترابيا محكما حول المدينة (الطوق القاتل) بطول 31 كيلومترا

الموت في كل مكان

ونقلت الصحيفة عن أحد السكان القول إن "الموت في كل مكان" مضيفا -كغيره ممن تحدثوا إلى المراسليْن- أن أفعال قوات الدعم السريع "قد ترقى إلى جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة الجماعية" وهو ما أعلنت عنه الأمم المتحدة هذا الشهر.

ومن الفضاء يمكن رؤية جدار "الطوق القاتل" الذي تضربه قوات الدعم السريع حول الفاشر، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها من مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل أظهرت أن هذه المليشيا شيدت جدارا ترابيا محكما بطول 31 كيلومترا حول المدينة.

وتحذر واشنطن بوست من نُذُر كارثة مثل تلك المجزرة التي شهدتها مدينة الجنينة (عاصمة ولاية غرب دارفور) في مايو/أيار 2024، وحصدت أرواح 15 ألف شخص تقريبا.

وقالت الصحيفة الأميركية إن الوضع الإنساني يتدهور أكثر مع انعدام المساعدات الدولية منذ أبريل/نيسان الماضي، بعد استهداف قوافل تابعة للأمم المتحدة بالقصف، مضيفة أنه حتى مع دعوات أميركية وعربية لهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، لم تُبدِ قوات الدعم السريع أي تجاوب.

استمرار النزوح

وفي الأثناء، يستمر نزوح السكان حيث فقد فرَّ أكثر من 600 ألف شخص خلال 16 شهرا، في رحلات هروب محفوفة بالرعب حيث تعد الوجهة النهائية لكثير منهم مدينة طويلة الصغيرة التي تستضيف 800 ألف نازح وتعاني من تفشي الكوليرا، حسب وصف الصحيفة الأميركية.

وعلى الطرقات، تنتشر الجثث، والناجون يتحدثون عن اعتقالات تعسفية وفدى مالية باهظة مقابل المرور -وفق تقرير واشنطن بوست- الذي يشير إلى أن كثيرين عجزوا عن الدفع فظلوا محتجزين في معسكرات مؤقتة حيث ينامون تحت الأشجار في ظروف مهينة.

وتكشف الروايات التي أدلى بها بعض الأفراد للصحيفة الأميركية حجم الفاجعة. ومن بين الضحايا امرأة تدعى فاطمة (31 عاما) التي فقدت ثلاثة من أطفالها الأربعة أثناء هجوم قوات الدعم السريع على معسكر زمزم الذي كان يضم نصف مليون نازح.

وأضاف تقرير واشنطن بوست أن زوجها أصيب ثم اختفى أثناء محاولته البحث عنهم. واليوم تعيش فاطمة مع ابنتها الكبرى في مدرسة متهالكة تحولت إلى مأوى لعشرات الأسر، حيث يتهددهم القصف العشوائي.

مآسٍ لا تتوقف

ومضى تقرير واشنطن بوست في سرد المآسي، مشيرة إلى أن الهجمات على المدينة لا تهدأ حيث أودى قصف مدفعي في أغسطس/آب بحياة أطفال من بينهم طفلة عمرها 3 سنوات حيث تمزقت أشلاؤها أمام والدتها.

وفي سبتمبر/أيلول الحالي، قصفت مُسيرة مسجدا أثناء صلاة الفجر فقُتل أكثر من 50 شخصا.

ورغم هذه الأوضاع المزرية، تلفت الصحيفة الأميركية إلى أن الأطباء ما زالوا يعملون سرا داخل المنازل، ويستخدمون الشِباك بدل "الشاش"، والماء الساخن بدل المطهرات لتضميد جراح المصابين. ومع ذلك، يرفضون الرحيل لأن المرضى بحاجة إليهم.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا