في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أنقرة – أعيد انتخاب أوزغور أوزال رئيسا ل حزب الشعب الجمهوري خلال المؤتمر الاستثنائي الـ22 الذي عقده الحزب اليوم الأحد في العاصمة أنقرة ، حيث خاض الانتخابات مرشحا وحيدا على المنصب.
وجاء المؤتمر المنعقد تحت شعار "لا للانقلابات ولا للوصاية" بعد أقل من 6 أشهر على مؤتمر استثنائي سابق، وسط دعاوى قضائية لا تزال منظورة بشأن إبطال نتائج المؤتمر العادي الـ38، الذي أفرز قيادة أوزال عام 2023، وحمل الاجتماع رسالة سياسية داخلية وخارجية، مع تأكيد المندوبين على تجديد الثقة بالقيادة الحالية في مواجهة تلك الطعون.
وبذلك يكون أوزغور أوزال قد انتُخب رئيسا لحزب الشعب الجمهوري للمرة الثالثة خلال نحو عامين، بعد فوزه أولا في المؤتمر العادي الـ38 المنعقد يومي 4 و5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ثم في المؤتمر الاستثنائي الـ21 بتاريخ 6 أبريل/نيسان 2025، وصولا إلى المؤتمر الاستثنائي الـ22 الذي عقد اليوم.
شارك في المؤتمر 917 مندوبا، اعتمدت منها 835 بطاقة اقتراع، وجاءت جميعها لصالح أوزغور أوزال الذي أعيد انتخابه دون منافس.
وقد أدرج المندوبون بندا خاصا بـ"تصويت الثقة" على جدول الأعمال، غير أن أوزال طلب بنفسه التصويت بحجب الثقة عن القيادة القائمة تمهيدا لتجديد التفويض وإزالة أي التباس بشأن شرعية مؤتمر 2023، وأسفر التصويت عن سقوط الهيئات الحزبية، ثم إعادة انتخابها عبر قائمة موحدة.
وجاء اختيار أوزال في أجواء متوترة، إذ لا تزال دعاوى قضائية منظورة تتهم قيادات في الحزب بارتكاب "مخالفات إجرائية" و"شراء أصوات" خلال مؤتمر 2023، وتشمل القضايا 12 عضوا، بينهم رئيس بلدية إسطنبول الموقوف أكرم إمام أوغلو .
ورغم أن المحكمة رفضت مؤخرا طلبا لتعليق مهام أوزال، فإنها ستنظر يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في دعوى إبطال المؤتمر السابق، مما دفع الحزب إلى التعجيل بعقد هذا المؤتمر تحسبا لأي قرار قضائي.
انعقد المؤتمر بمشاركة واسعة من المندوبين والرؤساء المحليين وشخصيات بارزة من تاريخ الحزب، وانتخب النائب مراد أمير لرئاسة أعماله.
ولتفادي أي إشكال قانوني محتمل، استبعدت قيادة الحزب 196 مندوبا من فرع إسطنبول سبق أن أبعدوا من مناصبهم، كما امتنع الأعضاء الطبيعيون في الهيئات القيادية عن التصويت.
اعتمد المؤتمر نظام القائمة الموحدة لانتخاب الأمانة العامة والهيئة التأديبية، في وقت أوضح فيه أوزغور أوزال أنه سيكتفي بتغييرات محدودة في الأسماء حفاظا على الاستقرار.
وقبيل بدء الاقتراع، دعا أوزال المندوبين إلى حجب الثقة عن الهيئات كخطوة تمهد لإعادة انتخابها بالكامل، مبررا ذلك بأن منح الثقة ثم العودة إلى التصويت مجددا سيكون تكرارا للمؤتمر السابق، ورغم الجدل الذي أثارته الدعوة، فإن أنصار الحزب اعتبروها وسيلة لإغلاق الباب أمام أي طعون، في حين وصفها البعض بأنها تكتيك يضع القضاء أمام أمر واقع.
كما غاب الرئيس السابق كمال كليجدار أوغلو عن المؤتمر رغم توجيه الدعوة إليه، ونقلت وسائل إعلام أنه فضل الصمت بعد خلافات حول تصريحات نسبت إليه. في المقابل، حضر قادة سابقون وشخصيات وازنة، في حين أرسل رئيس بلدية إسطنبول الموقوف أكرم إمام أوغلو رسالة صوتية من محبسه.
وفي كلمته الافتتاحية، اعتبر أوزغور أوزال أن تركيا تقف عند مفترق طرق جديد، مشيرا إلى أن استهداف حزب الشعب الجمهوري يعود -بحسب تعبيره- إلى كونه القوة السياسية الوحيدة القادرة على إحداث تغيير عبر صناديق الاقتراع.
وأضاف أن الحكومة تسعى إلى إضعاف الحزب وشل حركته عبر إثارة الصراعات الداخلية أو الدفع نحو تقسيمه، معتبرا أن العداء لا يوجّه إلى الحزب بحد ذاته، بل إلى احتمال فقدان السلطة.
وانتقد أوزال دور القضاء، قائلا إنه "مهد طريقا قذرا ضد الحزب"، قبل أن يخلص إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب "الشجاعة لا مجرد النوايا الحسنة"، وأن الوقت قد حان لكتابة "قصة جديدة من الشجاعة والبطولة" في مسيرة البلاد.
في السياق، قال مراد جان إيشيلداق نائب رئيس لجنة الانضباط في حزب الشعب الجمهوري، إن المؤتمر الاستثنائي الذي عقد اليوم لا يمكن اختزاله في كونه مجرد عملية انتخابية، بل يمثل محطة تاريخية تظهر حيوية الديمقراطية الداخلية في الحزب، وقوة العقل الجماعي ووحدة البنية التنظيمية.
وأضاف أن جوهر الحركة الاجتماعية الديمقراطية يقوم على المشاركة و الشفافية والمساءلة، معتبرا أن المؤتمر شكل ساحة لتجسيد هذه المبادئ عمليا.
وأوضح إيشيلداق، في حديث للجزيرة نت، أن إعادة انتخاب أوزغور أوزال تحمل رسالتين أساسيتين:
وأكد أن نتائج المؤتمر عكست رغبة الحزب في تجاوز الجدل الداخلي والتوجه نحو المستقبل، موجها رسالة خاصة إلى الشباب مفادها أن الحركة الاجتماعية الديمقراطية ماضية في نضالها من أجل نظام أكثر عدلا وحرية ومساواة في تركيا.
وختم بالقول إن المؤتمر لم يكن مجرد إعادة انتخاب لزعيم، بل تجسيدا لعملية تجديد ديمقراطي صيغت بروح المشاركة والعقل الجماعي، وأسهمت في تعزيز معنويات التنظيمات القاعدية وتجديد روح التضامن والنضال داخل الحزب.
من جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن المؤتمر الاستثنائي الأخير منح حزب الشعب الجمهوري دفعة سياسية داخلية، إذ أعاد تثبيت موقع أوزغور أوزال بوصفه زعيما يحظى بتفويض واسع من قواعد الحزب، ورسخ مشهد التماسك في لحظة كان الحزب بأمسّ الحاجة إليها. لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن هذه الحصانة تظل سياسية أكثر منها قانونية، مما يعني أن التحديات لم تطو بعد.
ويوضح تورال، في حديث للجزيرة نت، أن آثار المؤتمر لا تقتصر على حزب الشعب الجمهوري فحسب، بل تمتد إلى المشهد المعارض بأكمله، فالتفويض الجديد عزز موقع أوزال كأحد الأقطاب البارزين في المعارضة.
غير أنه يرى أن التحدي الحقيقي أمام أوزال لا يكمن في الحفاظ على هذا التفويض، بل في تحويله إلى برنامج عملي قادر على توحيد صفوف المعارضة ومنحها زخما فعليا في مواجهة السلطة، بدلا من الاكتفاء برسائل رمزية مؤقتة.