آخر الأخبار

إقالة واستقالة وانقسامات بحزب العمال.. ستارمر يواجه اختبار البقاء

شارك





لندن- في وقت كان يُتوقع فيه أن تكون حكومة حزب العمال البريطانية أقل إثارة للجدل من سابقاتها في عهد حكم المحافظين الذي استمر 14 عاما، لم يكد يمضي سوى 14 شهرا حتى بدأت الأزمات تعصف بها، ما اضطر رئيس الوزراء كير ستارمر للتخلي عن اثنين من كبار مسؤوليه لاحقتهما سلسلة من الفضائح.

فقد أدت إقالة بيتر ماندلسون -سفير بريطانيا لدى الولايات المتحدة- لصلته بالمدان بجرائم جنسية جيفري إبستين، واستقالة وزيرة الدولة ونائبة زعيم الحزب أنجيلا راينر في قضية تهرب ضريبي، إلى زيادة الشكوك حول مستقبل الحكومة وقدرة ستارمر على الاستمرار في القيادة بظل حالة الفوضى التي بدأت تدب في أوصال الحزب.

وأدت إطاحة ستارمر بماندلسون قبل أيام قليلة من وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى لندن في زيارة تاريخية، إلى إثارة التساؤلات عن مدى معرفته بطبيعة العلاقة التي جمعت السفير البريطاني بإبستين قبل تعيينه في هذا المنصب.

أزمات متتالية

وفي الوقت الذي أبدى فيه طيف واسع من النواب العماليين غضبهم من تسبب ستارمر في فضيحة جديدة للحزب بعد تعيينه غير المحسوب لأحد المقربين من دائرة إبستين، دعت زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوك إلى تحقيق في ملابسات التعيين، وهي الدعوة التي أيدها أيضا زعيم حزب الليبرالي الديمقراطي إيد دافيي.

لكن هذا المأزق الذي لم يتحسب الزعيم العمالي لمواجهته في وقت مبكر من ولايته، ليس أكثر حدة من الاشتباك السياسي الدائر بين أجنحة الحزب والمستعر على خلفية استقالة أنجيلا راينر نائبة ستارمر، والتعديل الوزاري الأخير الذي حاول عبره إعادة هندسة حكومته وضبط بوصلة سياساتها في اتجاه اليمين، ما عدّه كُثر داخل الحزب تهميشا لجناح أقصى اليسار.

إعلان

وعمد رئيس الوزراء البريطاني للاستفادة من التعديل الوزاري الذي شمل نصف الوزراء في حكومته لا فقط من أجل تغيير الوجوه وتبادل المواقع بين قياداتها، بل أيضا سعيا لتحويل مسار سياساته لتقترب أكثر من أجندة اليمين الذي يضيق الخناق على الحكومة العمالية في قضايا الهجرة والأزمة المعيشية.

وهاجم كلايف لويس، وهو نائب يساري من حزب العمال، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ستارمر محذرا من أن الحزب "لا يملك ترف الاستمرار تحت قيادته بعد أن أظهر أنه لا يملك الأهلية لإدارة الأزمات".

يرى توني ترافيرس أستاذ السياسيات العامة بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية أن الحزب يعيش حالة أزمة واحتقان مزمن أضحت تتخذ عند كل منعطف شكلا جديدا، ما يدفع البعض داخله -حسب كلامه للجزيرة نت- للبحث عن بديل سياسي ومغادرة صفوفه، بينما يهدد آخرون بمواصلة التمرد وتعطيل المخططات الحكومية، في وقت يبدو فيه أن قيادته السياسية لا تنجح إلا في خلق المزيد من الانقسامات.

ويشدد على أن ضعف الانسجام الواضح في صفوف الحزب البريطاني الحاكم يستنزف من رصيده الانتخابي، بينما لا تزيد محاولته تبني خطاب وسياسات يمينية إلا حدة الانقسام داخله دون أن ينجح في إقناع ناخبيه أنه قادر على الخروج من الأزمة.

محاولة للاستدراك

ويحاول ستارمر أن يرمم علاقته بكتلة نيابية واسعة تضم 80 نائبا عماليا قرروا منذ بضعة أسابيع التمرد على خطة الحكومة التقشفية لإصلاح نظام الرعاية الاجتماعية رافضين تمريرها، لكن بدا أن التعديل الوزاري كان محاولة أيضا لمعاقبتهم باستثنائهم من الاستوزار أو التخلي عن خدمات الوزراء المقربين منهم.

ويزيد ذلك من المخاوف بشأن صدام محتمل مع هذه الكتلة القادرة على نسف الأغلبية البرلمانية التي تتوفر عليها الحكومة، حيث يتجدد التحذير من تمرد مماثل خاص في صفوف نواب المقاعد الخلفية المحسوبين على تيار أقصى اليسار مع استعداد وزيرة المالية راشيل ريفرز لطرح مشروع الميزانية الجديدة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ويعيش حزب العمال منذ أشهر على وقع صراع حاد بين أجنحته، أشعله الانقسام الحاد بشأن الخيارات السياسية والاقتصادية للحكومة، خاصة بعد تبنيها إجراءات تقشفية وتذبذب مواقفها تجاه الحرب الإسرائيلية ضد أهالي قطاع غزة .

وكشفت صحيفة "فايننشال تايمز البريطانية" أن أندي بورنهام وجه العمال البارز وعمدة مدينة مانشستر أسس تيارا داخل الحزب أطلق عليه "التيار الأساسي" وحصل على دعم عدد من النواب داخل الحزب، ويحاول الحشد للحصول على مقعد برلماني، في إشارة لإمكانية أن يصبح هذا التيار منصة محتملة لأي تحرك مقبل ضد قيادة ستارمر.

هذا الاشتباك السياسي بين أجنحة الحزب يرتقب أن يبلغ أوجه خلال مؤتمره السنوي المرتقب الشهر الجاري، حيث يتوقع أن يخضع مسار ستارمر لتدقيق القواعد العمالية، فيما يحتد التنافس حول منصب نائب زعيم الحزب بعد استقالة أنجيلا راينر المحسوبة على تيار أقصى اليسار.

وبات السباق لخلافتها محصورا بين وزيرة التعليم بريجيت فيليبسون التي تعهدت بالعمل على توحيد الحزب ومواجهة صعود حزب الإصلاح، والوزيرة السابقة في الحكومة العمالية لوسي باول التي رغم إقالتها لم توجه نقدا حادا لقيادة ستارمر للحكومة.

علاقة متوترة

وغاب رئيس الوزراء البريطاني قبل أيام عن حضور الاجتماع العام للنقابات العمالية التي توترت علاقته بها والغاضبة من أداء حكومته.

إعلان

كما تتوجس النقابات من التعديل الوزاري الأخير الذي أقال وزير العمل السابق المؤيد للمشروع، ودفع بدلا عنه بأحد المحسوبين على جناح يسار الوسط، حيث يخشى قادتها على مكانتهم داخل الحزب ويتوجسون من تعديل قانون العمال أو إلغائه.

ويرى دافيد ستيفان، أستاذ السياسات العامة في جامعة نوتنغهام البريطانية، في حديث للجزيرة نت، أن "قيادة حزب العمال موزعة بين رغبتها في اتخاذ قرارات صعبة اقتصاديا من أجل إصلاح الأحوال المتدهورة للاقتصاد، وبين الحذر من الغضب المتنامي في صفوف قواعدها والنقابات".

وحذر من أن الاحتقان الحاد داخل الحزب وفقدان الانسجام بين كتلته الانتخابية وقيادته السياسية قد ينعكس على سوء الأداء الحكومي وتردده في اتخاد خطوات واضحة لحل العديد من الملفات الاقتصادية العالقة وفي مقدمتها ضعف مؤشرات النمو وزيادة الديون.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل حماس نتنياهو

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا