دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN ) -- وقعت الحكومة المصرية ثلاث اتفاقيات جديدة مع شركات عالمية عاملة في مجالات التنقيب عن البترول والغاز، وذلك بمناطق الصحراء الغربية وخليج السويس وشمال سيناء، بإجمالي استثمارات يتجاوز 121 مليون دولار.
تأتي هذه التحركات بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي لوح فيها بوقف تصدير الغاز إلى مصر، وهو ما دفع الحكومة إلى تسريع خططها لزيادة الإنتاج المحلي، ليس فقط لتقليل الاعتماد على الاستيراد والحد من الضغوط الواقعة على الدولار، وأيضًا لاستعادة قدرتها التصديرية إلى الأسواق الخارجية .
وحسب بيانات رسمية، تشمل الاتفاقيات الجديدة حفر عشرات الآبار وتقديم منح توقيع تتجاوز 30 مليون دولار، وتعكس هذه الاتفاقيات نجاح الحكومة في جذب شركاء عالميين وتطبيق سياسات تحفيزية لمناخ الاستثمار، في وقت تمكن فيه القطاع من تحقيق نتائج قوية خلال العام المالي 2024/2025، شملت توقيع 11 اتفاقية أخرى وتحقيق 49 كشفًا جديدًا للبترول والغاز، بالإضافة إلى تنفيذ خطة طموحة لحفر 71 بئرًا استكشافيًا .
وقال أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية، جمال القليوبي، إن توقيع وزارة البترول للاتفاقيات "يمثل خطوة استراتيجية لزيادة إنتاج البترول والغاز".
وتابع: "هذه الاتفاقيات تأتي بعد أن تمكنت الوزارة من تسوية كامل مستحقاتها المتأخرة للشركاء الأجانب خلال الفترة الماضية، ما فتح الباب أمام ضخ استثمارات جديدة لحفر آبار استكشافية في مناطق الصحراء الغربية والبحر الأحمر وشمال شرق وغرب المتوسط، لتحقيق الالتزام أمام توجيهات القيادة السياسية بتسريع وتيرة البحث والتنقيب وتحقيق اكتشافات جديدة في فترة وجيزة" .
وأضاف القليوبي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن قطاع البترول يمتلك خطة واضحة لتأمين كامل احتياجات السوق المحلي من الوقود ، سواء عبر الإنتاج المحلي أو من خلال الاستيراد باستخدام سفن التغييز، مشددًا على أن الأولوية تظل لزيادة الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي والزيت الخام. وأشار إلى أن قطاع البترول يعد من أكثر القطاعات جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث يستحوذ على أكثر من 33% منها، وهو ما يستدعي استمرار ضخ استثمارات جديدة للحفاظ على هذا الزخم .
وبشأن صادرات الغاز الإسرائيلي، قال القليوبي إنها تشكل "ورقة دعم للاقتصاد الإسرائيلي أكثر من كونها ورقة ضغط على مصر"، مستندًا إلى أن ما تستورده مصر من إسرائيل "لا يتجاوز مليار قدم مكعب، أي ما يعادل نحو 11% فقط من احتياجاتها المحلية، كما أن هناك بدائل متعددة لتعويضه إما من خلال تكثيف أعمال البحث والتنقيب في شمال المتوسط".
ولفت إلى "إمكانية الاعتماد على عقود طويلة الأجل للاستيراد من مصادر أخرى إذا دعت الحاجة، في المقابل فإن إسرائيل لا تملك بدائل حقيقية لتصريف غازها سوى عبر مصر أو الأردن، في حين لا تتجاوز قدرة الأردن التصديرية 250 مليون قدم مكعب، ما يجعل مصر هي المنفذ الأساسي" .
وقال الخبير البترولي يسري حسان، إن توقيع ثلاث اتفاقيات جديدة للبحث عن البترول والغاز يمثل خطوة محورية في مسار قطاع الطاقة المصري، حيث تفتح هذه الاتفاقيات آفاقًا أوسع لاكتشاف احتياطيات جديدة من الموارد الطبيعية، بما يعزز فرص رفع نسبة الاعتماد على الإنتاج المحلي لتغطية الطلب المتزايد على الوقود.
وأوضح حسان، في تصريحات لـ CNN بالعربية، أن "أهمية الاتفاقيات لا تقتصر على كونها عقودًا للتنقيب فحسب، بل إنها تعكس رؤية استراتيجية طويلة الأمد تستهدف ضمان استقرار إمدادات الطاقة وتأمين احتياجات السوق المحلي في مواجهة تحديات النمو السكاني والاقتصادي" .
وأشار حسان إلى أن التركيز الواضح على مناطق البحر المتوسط في هذه الجولة من الاتفاقيات يعكس قناعة الشركات العالمية بجدوى الاستثمار في مصر، مٌعتبرًا أن "استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية رغم ما تشهده المنطقة من توترات إقليمية يبعث برسالة ثقة في المناخ الاستثماري المصري، وأن هذه الثقة لا تنحصر في قطاع الطاقة وحده، بل تمتد آثارها لتشجع استثمارات جديدة في قطاعات أخرى ترتبط بالنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة".