في عرض الصحف لهذا اليوم نطالع عدداً من المقالات، بداية بقراءة في قمة الدوحة الطارئة وما تشير إليه على صعيد السياسة الخارجية الأمريكية؛ ثم نستعرض قراءة في الطريقة التي يُعامل بها حزب العمال البريطاني إسرائيل؛ قبل أن نختتم بمقال عن كيفية تفادي حرب تبدو وشيكة بين الصين والولايات المتحدة بسبب تايوان.
ونستهل جولتنا من الغارديان، ومقال بعنوان: "سياسة إدارة ترامب الخارجية إزاء قطر والهند تمثّل فوضى كاملة الأركان"، للكاتبة نسرين مالك.
ولفتت نسرين إلى التقاء قيادات سياسية حول العالم في اجتماعات وقِممٍ عاجلة، مشيرة بالتحديد إلى قمة طارئة في الدوحة تضم قيادات من العالم العربي والإسلامي؛ وإلى قمة أخرى انعقدت قبل أيام معدودة في تيانجين بحضور قيادات الصين وروسيا والهند وغيرهم.
ونوّهت الكاتبة إلى أن قمة الدوحة الطارئة تأتي في أعقاب اعتداء إسرائيل الأسبوع الماضي على سيادة دولة قطر – التي تعدّ حليفاً مقرباً للولايات المتحدة؛ وإلى أن قمة تيانجين جاءت رداً على قرارات ترامب الاقتصادية العقابية تجاه الهند – التي تعدّ أيضاً حليفاً مقرباً لواشنطن.
وأعادت الكاتبة إلى الأذهان كيف أنّ الزعيم الهندي ناريندرا مودي حتى وقت قريب كان يُدعى في واشنطن "صديقاً عظيماً"، مشيرة إلى أنه كان من أوائل القادة الذين زاروا الولايات المتحدة بعد عودة ترامب للبيت الأبيض.
ورغم ذلك، لم يتورّع ترامب عن صفع الهند برسوم جمركية تناهز نسبتها 50 في المئة عقاباً على شراء النفط الروسي. ولم يكتفِ ترامب بذلك بل إنه يمارس ضغوطاً على الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية على الهند والصين.
وبالمثل، أعادت الكاتبة إلى الأذهان كيف أعرب ترامب، قبل أشهر معدودة، عن شُكره وامتنانه للصداقة مع قطر.
ثم خلصت الكاتبة إلى القول إنه "يبدو أن الحصول على لقبِ صَديقٍ مع ترامب لا يعني تأمين علاقات طيبة، بقدر ما يعني الإنذار بالعقاب أو على أقل تقدير التخلّي والتجاهُل".
ومع ذلك، رأت صاحبة المقال أن بعض هذه القِمم المشار إليها -بما تتضمنه من بيانات تعبّر عن تضامن وعن تحالفات إقليمية – هي من بعض النواحي "للاستعراض" فقط.
وأوضحت الكاتبة بأن أياً من الهند أو قطر ليس من مصلحته معاداة ترامب ومن ورائه الولايات المتحدة، وأن هاتين الدولتين إنما تعبّران عن غضبهما، وأنّ استعراض هذه التحالفات والصداقات هي رسالة للولايات المتحدة مُفادها أنّ هذه الدول متاحة وأنها لا تتخلى عن أصدقائها ولا تتجاهلهم، على حدّ تعبير صاحبة المقال.
وإلى صحيفة التلغراف، حيث نطالع مقالاً بعنوان "بريطانيا تتعامل مع إسرائيل كعدوّ"، بقلم ستيفن بولارد.
ورصد بولارد إعراب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في مؤتمر صحفي الإسبوع الماضي، عن أسفه لعدم امتلاك بلاده سلاحاً نووياً لكي يُهدّد به إسرائيل.
ولفت الكاتب إلى أن أياً من كير ستارمر أو أي من أعضاء الحكومة البريطانية لم يصل إلى هذا الحدّ من تهديد إسرائيل بضربها نووياً، لكن، "كلّ أسبوع يمرّ تحت قيادة حزب العمال، تلقى إسرائيل معاملة الدولة العدوّة من بريطانيا"، وفقاً لصاحب المقال.
وأشار بولارد إلى أنّ الكلية الملكية البريطانية للدراسات الدفاعية لم تعُد تقبل طُلاباً إسرائيليين، لافتاً إلى أن هذا يحدث للمرة الأولى منذ إعلان قيام إسرائيل في عام 1948.
ولفت إلى أن إسرائيل تعتبر حليفاً رئيسياً للمملكة المتحدة منذ عقود، "إلا أنه من الواضح أن حكومة حزب العمال بقيادة ستارمر قررّت ومنذ اليوم الأول في السلطة إنهاء هذا التحالف القديم".
ورأى صاحب المقال أن "حكومة ستارمر لا تتعامل مع إسرائيل كحليف يخوض حرباً بالوكالة نيابةً عن الغرب ضد الإرهاب الإسلامي، وإنما تتعامل معها كدولة مارقة تستحق العقاب".
ولفت الكاتب إلى قيام حكومة ستارمر في غضون أسابيع من تولّيها السلطة بإعادة تمويل وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة، "رغم ما أفادت به تقارير من تورّط بعض موظفيها في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الذي شنّته حماس على إسرائيل".
كما أشار إلى قيام حكومة ستارمر بـ "حظر تصدير بعض الأسلحة إلى إسرائيل؛ وبدعم قرارات المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بتوقيف نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت".
الأنكى من ذلك، بحسب الكاتب، هو "تعهُّد ستارمر بالاعتراف بدولة فلسطينية إذا لم يتوقف إطلاق النار في غزة – في مكافأة للجماعة الإرهابية على ما قامت به من مذبحة بحق إسرائيل"، وفقاً للكاتب.
ورأى بولارد أنه لم يبقَ أمام حكومة ستارمر ما تقوم به للتدليل على أنها تعتبر إسرائيل دولة تستحق العقاب سوى أن تحذو حذو حكومة بيدرو سانشيز في إسبانيا وتهدّد إسرائيل بالسلاح النووي "إذا هي لم توقف من جانب واحد عمليتها العسكرية ضد حماس"، على حدّ قول الكاتب.
ونختتم جولتنا من نيويورك تايمز ومقال بعنوان "كيف يمكن لترامب أن يمنع حرباً ضد تايوان؟"، بقلم جينيفر كافاناه مديرة الأبحاث العسكرية في مؤسسة ديفينس برايوريتيز.
ورأت الكاتبة أن الصين والولايات المتحدة لم تكونا أقرب إلى الحرب بسبب تايوان كما هما الآن، مشيرة إلى أن العقد الماضي شهد "حلقة مفرغة" من التحدّي من جهة تايوان، والتهديد والوعيد من الصين من جهة ثانية، ومن الدعم الخطابي لتايوان من الولايات المتحدة من جهة ثالثة.
ولفتت إلى أنّ ذلك جعل تايوان "شوكة" في قلب العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، على نحو يزيد في ظله خطر اندلاع الصراع بين القوتين العُظميين.
واستدركت الكاتبة بأن هذا الوضع ليس محتوماً ولا هو غير قابل للتغيير، وبأنّ في إمكان إدارة ترامب أن تتعامل معه بشكل إيجابي.
ورأت أن أفضل طريقة يمكن أن تتبعها إدارة ترامب لتجنُّب نشوب مثل هذه الحرب مع الصين تتمثل في السعي لإبرام صفقة جديدة مع بكين، يتم بموجبها استعادة التوازن في مضيق تايوان عبر تقليص الوجود العسكري الأمريكي في تلك المنطقة، وإبلاغ تايوان صراحةً بأنّ الدعم العسكري الأمريكي ليس مضموناً ولا هو غير محدود.
ونوّهت الكاتبة إلى أن هذه الطريقة سبق وأثبتت جدواها، وكان ذلك في مصلحة كل الأطراف.
ونبّهت إلى توصُّل كلّ من الصين والولايات المتحدة في عام 1970 إلى تفاهُمٍ يقضي بأنْ تعترف واشنطن بأن تايوان هي جزء من الصين، وبأنْ تمتنع الولايات المتحدة أيضاً عن دعم استقلال تايوان، وبأن تحُدّ واشنطن من اتصالاتها مع تايوان عبر القنوات غير الرسمية.
ورأت الكاتبة أن هذا التفاهم أثبت نجاحاً وأثمر عن استقرار في المنطقة حققتْ في ظله كل من الصين وتايوان وأجزاءٌ كبيرة من آسيا قدراً من الرخاء، كما استفادت الولايات المتحدة أيضاً عبر توسيع تجارتها وتعاونها مع دول هذه المنطقة، كما ظلّتْ تايوان حتى هذا اليوم تنعم بالديمقراطية وتتمتّع بالحكم الذاتي.
ورأت الكاتبة أن على إدارة ترامب مطالبة الصين بأن تخطو خطوات في المقابل، كأنْ تُعلن بكين أنه ليس لديها جدول زمني لتحقيق الوحدة مع تايوان ولا لديها أي اعتزام لاستخدام القوة.
كما يتعيّن على الصين، بموجب مثل هذا التفاهم حال التوصل إليه، أن تلتزم بالحدّ من حربها السيبرانية، ومن التهديدات العسكرية والعقوبات التجارية ضد تايوان والتي من شأنها أن تثير مخاوف الأخيرة وتدفعها إلى التحدّي.