آخر الأخبار

ماذا بعد إعلان الأمم المتحدة المجاعة في غزة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بعد أشهر من التردد أعلنت الأمم المتحدة وخبراء دوليون رسميا تفشي حالة المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة الذي يتعرض منذ أشهر لحصار وتجويع إسرائيلي متعمد أدى إلى استشهاد 281 فلسطينيا بينهم 114 طفلا، وفق إحصاء لوزارة الصحة في القطاع.

فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة، مطالبين إسرائيل بضمان توفر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة من دون عوائق للحد من الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية.

وبالتزامن مع البيان الأممي المشترك، أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة عالمية متخصصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية، تقريرا قال فيه إن "المجاعة تتفشى في محافظة غزة".

وأكد التصنيف المرحلي -الذي يضم خبراء من دول عدة- أن "أكثر من مليون فلسطيني بغزة يواجهون انعداما حادا بالأمن الغذائي"، مشيرا إلى أن المجاعة تفشت في محافظة غزة اعتبارا من منتصف أغسطس/آب الجاري وستمتد إلى دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب)، في سبتمبر/أيلول المقبل.

ورجح أن يواجه ما يقرب من ثلث السكان (641 ألف شخص) ظروفا كارثية، بينما من المرجح أن يرتفع عدد من هم في حالة الطوارئ إلى 1.14 مليون شخص، أي ما يعادل 58% من عدد السكان.

وعلى الفور، سارعت إسرائيل إلى مهاجمة التقرير، زاعمة أنه استند إلى شهادات "هاتفية"، وأنه مصمم على مقاس حركة حماس .

فماذا يعنى إعلان المجاعة في غزة؟ ولماذا هو مهم؟ وما تداعيات الإعلان على إسرائيل؟ وما السيناريوهات المحتملة بعد الإعلان الأممي؟ وكيف يمكن إنقاذ سكان القطاع؟ الجزيرة نت تحاول الإجابة عن هذه الأسئلة.


*

ما معنى إعلان المجاعة في غزة ولماذا هو مهم؟

إعلان

يعدّ الإعلان عن المجاعة إنذارا رسميا في وجه العالم بخطورة الوضع الإنساني في قطاع غزة، وقد عبر عن هذا الموقف بكل وضوح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي حمل إسرائيل المسؤولية المباشرة عن انتشار المجاعة في غزة، مؤكدا أنه لا يمكن السماح باستمرار هذا الوضع من دون عقاب.

وقال غوتيريش إن "المجاعة في غزة كارثة من صنع الإنسان، وإن على إسرائيل ضمان توافر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة".

بدوره، شدد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( أونروا ) فيليب لازاريني على أن المجاعة في غزة متعمدة، وهي نتيجة مباشرة لحظر إسرائيل دخول الغذاء والمواد الأساسية على مدى شهور.

وأضاف لازاريني أن إعلان المجاعة بشكل رسمي في مدينة غزة أمر مقلق للغاية لكنه ليس مفاجئا، مؤكدا أن وقف انتشار المجاعة ممكن عبر وقف إطلاق النار والسماح للمنظمات الإنسانية بأداء عملها.


*

ما العوامل التي أدت إلى نشوء المجاعة في غزة؟ وهل ذكرت بوضوح في الإعلان؟

عقب انقلابها على اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي، بدأت إسرائيل تجويعا ممنهجا لسكان غزة من خلال تقييد دخول المساعدات وحصرها بداية من مايو/أيار بيد ما تسمى " مؤسسة غزة الإنسانية " الأميركية.

ومنذ ذلك الوقت، ارتكبت قوات الاحتلال والمتعاقدون الأجانب التابعون للمؤسسة الأميركية مجازر في محيط مراكز توزيع المساعدات، أسفرت عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني وإصابة 15 ألفا آخرين.


*

لماذا تأخرت الأمم المتحدة في الإعلان رسميا عن المجاعة في غزة؟

أقر مارتن غريفيث منسق الأمم المتحدة السابق للشؤون الإنسانية بأن إعلان المنظمة الدولية رسميا المجاعة في غزة جاء متأخرا، وأن الناس في غزة والمنطقة والعالم كانوا ينتظرونه منذ أشهر.

ووصف غريفيث، في لقاء سابق مع الجزيرة، ما يحدث في غزة بأنه مجاعة من صنع الإنسان، وأكد أن منعها كان ممكنا.

بدوره، قال جان مارتن باور مدير في برنامج الأغذية العالمي إن الإعلان عن حالة المجاعة أمر صعب للغاية، فمنذ إنشاء التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قبل أكثر من 20 عاما، هذه هي المرة الخامسة فقط التي يتم فيها تأكيد المجاعة.

وأضاف في مقابلة مع الجزيرة أن المجاعة تمثل "حرمانا غذائيا شديدا وسوء تغذية حادا واسع الانتشار ووفيات بسبب الجوع"، مشددا على أن هذه المرة الأولى التي تؤكد فيها المجاعة بالشرق الأوسط مما يمثل "لحظة تاريخية".

وبحسب منظمة "أنقذوا الأطفال"، لا توجد جهة واحدة مسؤولة حصريا عن إعلان المجاعة، بل يتم بالتعاون بين حكومة الدولة المتأثرة ووكالات الأمم المتحدة وشبكات الإنذار المبكر مثل "إف إي دبليو إس إن إي تي" التي أسستها الحكومة الأميركية.

وغالبا ما يكون الإعلان قرارا سياسيا، مما يفسر تردد بعض الدول في الاعتراف الرسمي رغم وصول الأزمة إلى مستويات حرجة.


*

ما موقف إسرائيل من قرار الأمم المتحدة؟

سارعت إسرائيل إلى مهاجمة التقرير الأممي، وادعت الخارجية الإسرائيلية أن تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يستند إلى ما سمتها "أكاذيب حماس".

إعلان

كما ادعت أن تقرير منظمة الصحة العالمية "مفبرك ومصمم ليلائم الحملات الدعائية لحماس"، وأنكرت مجددا أن يكون هناك تجويع في القطاع.

كذلك هاجم جيش الاحتلال الإسرائيلي التقرير الأممي، وزعم أنه يقدم صورة خاطئة، وأن الغزّيين يحصلون يوميا على قدر كاف من الغذاء.

لكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ردت على الفور، وقالت في بيان إن "إنكار الاحتلال وادعاءاته الكاذبة بعدم وجود مجاعة في قطاع غزة يعكس عقلية إجرامية تتعمد الكذب والتضليل".

وأضاف بيان للحركة أن ما أعلنه التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي التابع للأمم المتحدة حول تفشي المجاعة في محافظة غزة، وما أكدته منظمة الصحة العالمية من أن مدينة غزة تعاني من مجاعة تمتد في جميع أنحاء القطاع، يمثل شهادة دولية دامغة على الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق أكثر من مليوني إنسان محاصر.

وأوضحت حماس أن "العدو المجرم يستخدم التجويع سلاحا للإبادة ضد المدنيين في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني"، مؤكدة أن إعلان المجاعة وصمة عار على الاحتلال وداعميه، ويفرض تحركا فوريا لوقف الحرب وفتح المعابر.


*

ما تداعيات إعلان المجاعة في غزة على إسرائيل؟

بعد الإعلان عن المجاعة سارع عدد من المسؤولين الأممي ودول عدة إلى مهاجمة إسرائيل، وحملوها المسؤولية المباشرة عن تفشي المجاعة في غزة، بعد تدميرها المتعمد لنظام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة الجماعية .

وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن "المجاعة في غزة نتيجة مباشرة لإجراءات الحكومة الإسرائيلية، والوفيات الناجمة عن التجويع في غزة قد تكون جريمة حرب تتمثل في القتل العمد".

كما قال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن تجنب المجاعة في غزة كان ممكنا لكن كانت هناك عرقلة للمنظمة الأممية، مضيفا أن نظام توزيع المساعدات في القطاع تم تفكيكه.

وعقب التأكيد الأممي، قالت "لجنة الإنقاذ الدولية" إن ذلك يجب أن يكون جرس إنذار للمجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات عاجلة.

كما أصدرت الخارجية الألمانية بيانا حذرت فيه من تفاقم المجاعة في غزة، ودعت إسرائيل للسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وكاف.


*

ما تبعات إعلان المجاعة على إسرائيل وكيف يمكن إنقاذ غزة؟

يقول الأكاديمي والباحث في الشؤون السياسية محمد غازي الجمل في تصريح للجزيرة نت إن الإعلان الأخير من شأنه أن يضاعف عزلة إسرائيل دوليا ويزيد حجم الضغوط العالمية عليها، لكنه لا يرتقي -في المدى القصير- إلى مستوى يجبرها على إجراء تغيير جذري في سياسة التجويع الممنهجة بحق قطاع غزة.

وأضاف أن الاحتلال سيحاول الالتفاف عبر إجراءات محدودة لا تتجاوز كونها مناورة، في وقت ستتولى فيه الإدارة الأميركية وعدد من الدول الغربية الداعمة له تبرير هذه الخطوات باعتبارها "تقدما"، بينما الهدف الفعلي هو تغطية استمرار المجاعة والإبادة برعاية دولية لفرض الهيمنة ومنع أي إمكانية لتحرير الشعب الفلسطيني.

وأشار الجمل إلى أن الضغط الفعلي على الاحتلال قد يأتي من الدول الأكثر تضررا من سياساته، خاصة الدول المجاورة التي يعتمد عليها اقتصاديا مثل الأردن ومصر.

ورأى أن استمرار المشاريع الاقتصادية المشتركة مع هذه الدول يمد الاحتلال باحتياجاته الحيوية، بل يجعل أمنها الاقتصادي مرهونا به، في وقت يصرح فيه قادة إسرائيل علنا عن طموحاتهم التوسعية تجاه أراضي تلك الدول.

وخلص إلى أن التغيير الجوهري في مواقف الدول الإقليمية سيكون الأكثر تأثيرا على سلوك الاحتلال، مؤكدا أن الموقف الأميركي والغربي لا يُعوَّل عليه، إذ يظل داعما لإسرائيل حتى أقصى مدى، والخلافات معه لا تتعدى كونها جزئية، بينما الجوهر هو استمرار السياسة الاستعمارية للهيمنة على المنطقة

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل حرب غزة الإمارات

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا