أكّد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه أجرى اتصالاً مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال المحادثات التي أجراها في البيت الأبيض، مع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وقادة من الاتحاد الأوروبي.
وقال ترامب،عبر منصة "تروث سوشال" للتواصل الاجتماعي، إنه بدأ بإجراء ترتيبات لعقد لقاء بين زيلينسكي وبوتين، مضيفاً أن اجتماعاً ثلاثياً آخر سيعقب ذلك الاجتماع، وسيجمعه بالرئيسين الروسي والأوكراني.
وأشار ترامب إلى أن الضمانات الأمنية لأوكرانيا نوقشت خلال المحادثات في البيت الأبيض، وقال إن هذه الضمانات "ستقدمها مختلف الدول الأوروبية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة".
من جهته، أكد الكرملين أن ترامب تحدث مع بوتين عبر الهاتف لمدة 40 دقيقة تقريباً خلال محادثاته مع زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض.
وأضاف الكرملين في وقت لاحق أنّ بوتين أبلغ ترامب خلال الاتصال أنه منفتح على "فكرة" نقل المحادثات المباشرة مع أوكرانيا "إلى مستوى أعلى"، بحسب ما أفادت وكالة تاس للأنباء.
وتحدث زيلينسكي للصحفيين من أمام البيت الأبيض، وأبدى تقديره وشكره لترامب، قائلاً إن "لقاء اليوم مع الرئيس الأمريكي كان ودياً وإنه الأفضل حتى الآن".
وأبدى زيلينسكي انفتاحه على فكرة عقد لقاء ثنائي مع الرئيس الروسي، أو ثلاثي بحضور الرئيس الأمريكي، لكنه أكد على أنه لم يُحدّد حتى الآن أي موعد لأي محادثات مستقبلية بينه وبين بوتين.
من جهته، أعلن المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، أن الرئيس الروسي بوتين وافق خلال الاتصال مع ترامب على لقاء زيلينسكي "في غضون أسبوعين".
وكان قادة أوروبيون قد انضموا إلى اجتماع الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
وصرّح ترامب خلال الاجتماع بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقال ترامب إنه سيتضح خلال أسبوعين تقريباً، ما إذا كان التوصل إلى اتفاق سلام ممكناً أم لا.
ووجه بعض الصحفيين أسئلة إلى ترامب والزعماء المشاركين، لكنها لم تلق رداً.
ومن المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي عبر الفيديو، الثلاثاء، لاستعراض نتائج اجتماعات البيت الأبيض بشأن أوكرانيا، بحسب ما أعلن رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، لكن ردود أفعال القادة الأوروبيين اتسمت بالتفاؤل والحذر خلال حديثهم مع الصحفيين في واشنطن.
وقال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه "سعيد للغاية" بنتائج الاجتماع في البيت الأبيض، وتحديداً التقدم الذي أحرزه القادة فيما يتعلق بالضمانات الأمنية وعقد الاجتماعات الثنائية والثلاثية بين أوكرانيا وروسيا.
وأضاف ستارمر ردّاً على سؤال من بي بي سي: "هذا ما أردت أن يحدث اليوم وأنا سعيد حقا لأننا وصلنا إلى هذه النقطة".
وأجرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حديثاً مع الصحفيين في واشنطن، وقال إنه ينبغي على القوات المسلحة للدول الأوروبية المشاركة في أي عمليات حفظ سلام في أوكرانيا مستقبلاً.
وقال ماكرون: "سنحتاج إلى جيش أوكراني قوي، وسنحتاج إلى مساعدة أوكرانيا بقوات برية. سنحتاج إلى عمليات حفظ سلام يكون حلفاء أوكرانيا على استعداد لتقديمها".
وأضاف ماكرون أن إحدى الضمانات الأمنية التي ينبغي تقديمها لأوكرانيا في إطار أيّ اتفاق سلام بينها وبين روسيا هو أن يكون جيشها "قوياً" بما يكفي لردع أيّ غزو روسي جديد.
من جهته، شدّد المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، على وجوب عدم "إرغام" أوكرانيا على التنازل عن إقليم دونباس لروسيا في أيّ اتفاق سلام محتمل بين البلدين.
وقال ميرتس للصحفيين عقب محادثات في البيت الأبيض إنّ "الطلب الروسي بأن تتخلّى كييف عن الأجزاء الحرّة من دونباس يعادل، بصراحة تامّة، اقتراحاً بأن تتخلّى الولايات المتحدة عن فلوريدا".
وأكّد المستشار الألماني أنّ هذه المسألة لم تُبحث بشكل مباشر في المحادثات التي جرت في البيت الأبيض.
ويأتى تصريح ميرتس بعد أن تطرق ترامب مجدّداً إلى إمكانية حصول "تبادل أراض" بين أوكرانيا وروسيا، وضرورة أن يتم في هذا الصدد أخذ خط خطوط الجبهة في الاعتبار.
كان الرئيس ترامب قد التقى، في وقت سابق من يوم الإثنين، نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، حيث بحثا سبل إنهاء الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا.
وشكر الرئيس الأمريكي نظيره الأوكراني على زيارته للولايات المتحدة، قائلاً إن "إحراز تقدّم" يتم على طريق إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وأوضح ترامب أنّه عقد اجتماعاً "جيداً جداً" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرجّحاً أن يسفر عن "نتيجة إيجابية".
وقال ترامب للصحفيين: "أنا وزيلينسكي نريد انتهاء الحرب، ونتفق مع بوتين في ذلك"، لكنه رفض الكشف عن الجهة التي يراها تملك أوراقاً أقوى في النزاع، مضيفاً: "هذه ليست حربي"، ملقياً باللوم على الرئيس السابق جو بايدن لعدم وقفه الغزو الروسي عام 2023.
وعن إمكانية إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا ضمن قوة لحفظ السلام، قال ترامب: "سنعمل مع أوكرانيا ومع الجميع لضمان أن يكون السلام طويل الأمد جداً"، مضيفاً أنّ واشنطن ستتعاون مع موسكو وكييف "للتأكّد من نجاحه".
ورغم تأكيده على وجود "فرصة جيدة" لعقد اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا للتوصل إلى اتفاق، لم يعلن ترامب موقفاً واضحاً بشأن نشر قوات أمريكية، وهو ما قد يثير جدلاً داخل قاعدته السياسية.
في المقابل، شدّد زيلينسكي على أنّ "وقف روسيا هو الأولوية"، مؤكداً أنّ الأوكرانيين أقوياء ويدعمون خطط ترامب لإنهاء الحرب "بطريقة دبلوماسية"، وأعرب عن استعداده لعقد قمّة ثلاثية مع ترامب وبوتين.
في خضمّ اللقاءات السياسية الحسّاسة بين الرئيس الأوكراني والرئيس الأمريكي عام 2025، لم تكن النقاشات محصورة في الملفات العسكرية والاقتصادية فحسب، بل امتدّت لتشمل تفاصيل رمزية، مثل زيّ الرئيس الأوكراني، وطريقة تعامل إدارة ترامب معه. وبين اجتماع فبراير المتوتر، ولقاء أغسطس الأكثر هدوءاً، برزت تحوّلات لافتة في الشكل والمضمون.
جدل البدلة: بين رمزية الحرب ومراعاة البروتوكول
في الاجتماع الأول الذي عُقد في فبراير، أثار أحد الصحفيين الأمريكيين جدلاً غير متوقع حين سأل زيلينسكي عن سبب عدم ارتدائه بدلة رسمية، قائلاً:
"أنت في أعلى منصب في بلادك وترفض ارتداء بدلة. هل تملك بدلة؟ كثير من الأمريكيين يرون أن هذا تصرّف غير محترم تجاه مكانتك".
ردّ زيلينسكي بسخرية، قائلاً إنه سيرتدي "الزي الرسمي" بعد انتهاء الحرب، في إشارة إلى أن زيه العسكري هو تعبير عن حالة بلاده المستمرة في الدفاع عن سيادتها.
وفي اجتماع أغسطس، ظهر زيلينسكي مرتدياً بدلة رسمية، لكنها حملت طابعاً عسكرياً في تصميمها، ما اعتُبر محاولة للتوفيق بين احترام البروتوكول الأمريكي، والحفاظ على رمزية الحرب التي باتت جزءاً من صورته السياسية.
وفيما يبدو أن زيلينسكي لم يغيّر زيه فقط، بل غيّر الرسالة. هو يحترم الأعراف، لكنه لا يتخلّى عن رمزية الصمود.
تدخلات إدارة ترامب: من الضغط إلى التهدئة
في اجتماع فبراير، شهدت القاعة لحظة مثيرة للجدل حين خاطب نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، زيلينسكي بلهجة اعتُبرت غير دبلوماسية، قائلاً:
"قُل كلمة شكر للولايات المتحدة وللرئيس الذي يحاول أن ينقذ بلادكم".
هذا التصريح أثار استياء الوفد الأوكراني، واعتُبر محاولة لإحراج زيلينسكي أمام الإعلام، في وقت كانت فيه كييف تطالب بضمانات أمنية لا شروط سياسية.
أما في اجتماع أغسطس، فقد غابت هذه التدخلات الهجومية، وبدأ زيلينسكي اللقاء بتوجيه شكر واضح لترامب، في خطوة فُسّرت على أنها محاولة استباقية لنزع فتيل التوتر، وفتح المجال لحوار أكثر توازناً.
المقاطعات والإنصات: نبرة التواصل بين الرئيسين
في اللقاء الأول، قاطع ترامب زيلينسكي عدّة مرّات، أبرزها حين قال:
"بلدك في مشكلة كبيرة"، فردّ زيلينسكي: "أعرف، أعرف"، قبل أن يحاول الدفاع عن صمود بلاده، لكن دون أن يُمنح مساحة كافية للشرح.
في المقابل، شهد اجتماع أغسطس تحسّناً واضحاً في التواصل، حيث منح ترامب زيلينسكي وقتاً أكبر للحديث، واستمع إلى مداخلاته دون مقاطعة تُذكر، ما ساهم في خلق أجواء أكثر إيجابية، رغم استمرار الخلافات في المضمون.
ويبدو التحوّل في سلوك إدارة ترامب، وفي مظهر زيلينسكي، لا يعكس فقط تغيّراً في البروتوكول، بل يشير إلى إدراك متزايد لأهمية الرمزية في السياسة الدولية. فبين بدلة تحمل طابعاً عسكرياً، وشكر دبلوماسي مدروس، يسعى زيلينسكي إلى الحفاظ على صورة القائد المقاوم، دون خسارة الدعم الأميركي.
وفي المقابل، يبدو أن إدارة ترامب بدأت تدرك أن الضغط العلني لا يُثمر، وأن الإنصات قد يكون أكثر فاعلية في دفع كييف نحو خيارات تفاوضية.