قال موقع ميديا بارت إن عددا من المسؤولين المنتخبين الإسبان استقالوا مؤخرا بسبب كشف خلفياتهم الأكاديمية، في حين يستمر التشكيك بفرنسا في مصداقية هذه القضايا رغم فضائح عديدة.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم أنطون روجيه- أن فضيحة جديدة تتعلق بشهادات مزورة تهز الطبقة السياسية الإسبانية وخاصة تيار اليمين، بعد 6 سنوات من فضيحة مماثلة عرقلت وصول رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز إلى السلطة.
فقد أُجبرت النائبة وعضو الحرس الشاب لحزب الشعب نويليا نونيز (33 عاما)، على الاستقالة يوم الثلاثاء 22 يوليو/تموز، بعد أن تعرضت للتشهير في اليوم السابق على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل وزير النقل الاشتراكي أوسكار بوينتي.
وذلك بعد أن ادعت أنها حاصلة على شهادات في القانون والإدارة العامة وفي اللغة الإنجليزية، قبل أن تعترف تحت الضغط، ببدء دراستها في هذه التخصصات المختلفة، دون أن تكمل الدورات المعنية.
وكانت قضية نويليا نونيز -حسب الموقع- بمثابة الشرارة التي أشعلت سلسلة من الفضائح في الأيام التالية، تضرر منها مسؤولون منتخبون على مختلف المستويات والأحزاب.
وقد أدت هذه الموجة إلى استقالة خوسيه ماريا أنخيل باتالا، عضو مجلس الشيوخ السابق عن الحزب الاشتراكي الفالنسي يوم الخميس 31 يوليو/تموز، بعد بلاغ مجهول اتهمه باستخدام شهادة مزورة للعمل كموظف حكومي.
وفي اليوم التالي، استقال إغناسيو هيغيرو، مستشار حزب فوكس من أقصى اليمين في إكستريمادورا، بعد أن ادعى حصوله على شهادة في التسويق من جامعة لا تمنح هذه الشهادة.
ومؤخرا -يتابع ميديا بارت- تورط رئيس مجلس الشيوخ بيدرو رولان يوم السبت في الثاني من أغسطس/آب بشكل مباشر في تحقيق أجرته صحيفة لا سيكستا، وبدا أن خلفيته الأكاديمية تشوبها "تناقضات عديدة"، إذ ادعى في عدة منشورات حصوله على شهادة في التسويق من مدرسة خاصة لا تمنح هذه الشهادة، وفقا لقناة التلفزيون.
وقد حظيت هذه التقارير باهتمام كبير في إسبانيا التي تعتبر فيها حالات الاحتيال الفكري أمرا شائعا -كما يقول الموقع- حيث استقالت رئيسة منطقة مدريد كريستينا سيفوينتس في أبريل/نيسان 2018، من منصبها وأنهت مسيرتها السياسية بعد الكشف عن شهادة مجاملة حصلت عليها، والوثائق المزورة التي قدمتها في محاولة للدفاع عن نفسها، يوضح الموقع الفرنسي.
وفي الوقت نفسه، شعر زعيم حزب الشعب في الكونغرس بابلو كاسادو، بالحرج بعد اعترافه بحصوله على درجة الماجستير في ظل ظروف مواتية للغاية، وإعفائه من حضور الفصول الدراسية ومن تقديم أطروحة، كما أدى تحقيق آخر إلى سقوط وزيرة الصحة الاشتراكية المعينة حديثا، كارمن مونتون، لسرقة من ويكيبيديا في أطروحة الماجستير الخاصة بها.
انتشار الشهادات الجامعية غير المكتملة أو المزورة ظاهرة لا تقتصر على الحزب الشعبي أو إسبانيا، وهي تزيد انعدام الثقة في القادة السياسيين
بواسطة إلباييس
وفي هذا السياق، طالب زعيم المعارضة ألبرت ريفيرا رئيس الحكومة بيدرو سانشيز ، بالكشف عن أطروحته كاملة، وبالفعل وافق رئيس الوزراء على نشر النص وأقر بوجود "خطأ" بعد أن كشف تحقيق أجرته صحيفة إلباييس الإسبانية عن نسخه ولصقه فقرات كاملة من خطاب دبلوماسي إسباني في أحد كتبه، دون علامات اقتباس أو ذكر للمصدر.
ونقل ميديا بارت عن صحيفة إلباييس توضيحها أن هذه الفضيحة تسلط الضوء على "انتشار الشهادات الجامعية غير المكتملة أو المزورة، وهي ظاهرة لا تقتصر على الحزب الشعبي أو إسبانيا"، وهي تزيد "انعدام الثقة في القادة السياسيين"، كما أنها "إحدى القوى الدافعة وراء صعود اليمين المتطرف في إسبانيا وأوروبا اليوم".
وتصر إلباييس على أن "الكذب وتكرار الأكاذيب هو ما يدين السياسي"، مذكرة بأن "شهادة الحقوق ليست أساسية لتمثيل المواطنين، بل النزاهة هي الأساسية".
ومن جهة أخرى، نبه موقع ميديا بارت إلى أن أي شيء من هذا القبيل لم ينظر إليه في فرنسا، حيث تراقب الهيئة العليا للشفافية في الحياة العامة أصول المسؤولين الحكوميين وتضارب مصالحهم المحتمل، ولكنها لا تراقب المعلومات المتعلقة بمسارهم المهني.
ومع ذلك، لا تخلو فرنسا من الاحتيال الفكري، كما أظهرت عدة قضايا حديثة.
وبالفعل تزامنت هذه القضايا في إسبانيا -يوضح ميديا بارت- مع إعلان موعد محاكمة وزير الداخلية الاشتراكي السابق برونو لورو في قضية توظيف وهمي، كان يدفع بموجبها لابنتيه مخصصات برلمانية عندما كانتا في المدرسة الثانوية ثم الجامعة، ولكنه كان قد تورط سابقا في تهمة الكذب بشأن شهاداته، حين ادعى أنه التحق بجامعتي هيك وإيسيك قبل أن يشير إلى أن ذلك "خطأ"، دون أن ينهي ذلك مسيرته الحكومية.
وذكر الموقع بأن وزيرة أخرى قبله في عهد الرئيس السابق فرانسوا هولاند ، وهي جينيفيف فيوراسو، اعترفت بوجود "خطأ" عندما كشفت ميديا بارت عام 2015 أنها لم تحصل قط على "درجة الماجستير في الاقتصاد" المذكورة في سيرتها الذاتية، ولكن القضية رفضت بسرعة، رغم أن المعنية كانت آنذاك وزيرة دولة للتعليم العالي.
وكعلامة على هذه اللامبالاة، تهرب الرئيس الحالي للمجلس الدستوري ريشار فيران من الأسئلة المتعلقة بتعليمه الجامعي لعدة أشهر، قبل أن يرسل الأمين العام للمجلس الدستوري أخيرا شهادة تثبت أنه حاصل بالفعل على شهادة الدكتوراه من جامعة باريس ديكارت في أكتوبر/تشرين الأول 1983.