في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
نشرت صحيفة إندبندنت البريطانية مقالا لأستاذ جامعي تناول فيه بالتعليق والتحليل مخرجات مؤتمر عُقد مؤخرا في مدينة أنطاليا التركية، حيث تداول المشاركون من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية أفكارا حول البديل للنظام الدولي الغربي الذي بدأ يتفكك.
وكتب سلمان سيد -أستاذ البلاغة والفكر المناهض للاستعمار في جامعة ليدز بإنجلترا- أن تفكك النظام القائم على القواعد ليس مجرد ظاهرة جغرافية اقتصادية تميزت بظهور الصين بوصفها أكبر قوة اقتصادية في العالم، بل هي أيضا ظاهرة ذات أبعاد ثقافية وأخلاقية عميقة.
وقال إن منتدى أنطاليا للدبلوماسية -الذي انعقد في وقت سابق من الشهر الجاري- قدم لمحة مثيرة للاهتمام لما قد يكون عليه هذا المستقبل، في وقت بدت فيه ملامح نظام عالم جديد بالتشكل.
وانتقد الكاتب الدول الغربية الكبرى لضعف مشاركتها في المنتدى. وقال لو أن حكومات الأثرياء الغربية شاركت بأي عدد من ممثليها، لشعرت بالقلق والارتباك بسبب المناقشات التي دارت، ليس فقط لأنهم كانوا سيعترضون على مزاعم مثل تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن هوية أوكرانيا ليست عميقة أو متميزة بما يكفي لتبرير وجودها كدولة قومية مستقلة، ولكن لأن المنتدى خلق مساحة للحجج والأطر التي غالبا ما كان الغرب قد أحالها إلى الهامش.
وأعرب الأستاذ الجامعي عن اعتقاده أن السلطة الأخلاقية للغرب قد انهارت تماما، وليس أدل على ذلك مما حدث لأسرى تنظيم القاعدة و حركة طالبان في سجن غوانتانامو الأميركي، وما يحدث الآن في قطاع غزة للفلسطينيين على أيدي الإسرائيليين.
فعندما تدين وسائل الإعلام الغربية اعتقال الصحفيين في مكان ما بحق وبكل حماسة، تلتزم الصمت إزاء القتل الممنهج للصحفيين في مكان آخر، وفق المقال الذي يشير كاتبه إلى أن عديدا من المشاركين في منتدى أنطاليا يرون أن العنصرية نجحت في تقويض ليس فقط المبادئ، بل حتى التضامن المهني.
وسخر كاتب المقال من مواقف الغرب تجاه القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن المنتدى أشار إلى أنه حتى المعلقين والمحللين الذين يحنون إلى عصر التنوير الأوروبي ينسون كل شيء عندما يدينون الاحتجاجات المناهضة للإبادة الجماعية والمؤيدة للفلسطينيين.
وفي أنطاليا -كما يقول سيد في مقاله- كان هناك شعور سائد بأن القتل الجماعي في غزة ، وتواطؤ كثير من المؤسسات الغربية في المساعدة والتحريض عليه، تسبب في تقويض أي إحساس عام بالمسؤولية والتواضع وإحقاق العدالة.
ويرى الكاتب أن في اللغة الدبلوماسية المنمقة ما يوحي ضمنيا بأن مركز العالم لا يتغير فحسب، بل إن القدرة على توظيف المعرفة والخبرة المكتسبة لم تعد تساعد في التعامل مع الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالعالم.
غير أن ما كان يرمي إليه منتدى إيطاليا ليس استعادة سلطة أخلاقية تستند إلى مبادئ ليبرالية ديمقراطية مركزها الغرب، بل يرمي إلى بناء حس إنساني مشترك جديد.
وخلص الكاتب إلى أن منتدى أنطاليا لا يشبه مؤتمر باندونغ الذي عُقد في إندونيسيا عام 1955 وشكّل النواة الأولى لقيام حركة عدم الانحياز التي كانت رمزا لمناهضة الاستعمار في عالم تهيمن عليه قوتان عظميان مسلحتان بأيديولوجيات صريحة ونزعة تدميرية مؤكدة.
وأكد أن هناك اعترافا ضمنيا -برز على الأقل بين عديد من المشاركين الحاضرين في أنطاليا- بأنّ جعل الناس يعتادون مشاهد الإبادة الجماعية في غزة لا يهدد الشعب الفلسطيني وحده، بل يجرد جميع شعوب العالم من إنسانيتها.