أصدر رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، اليوم الأحد، قراراً بتشكيل "لجنة وطنية مستقلة" للتحقيق في "أحداث الساحل السوري"، وذلك في إشارة إلى المواجهات الدموية التي وقعت في بعض مناطق الساحل.
وقال حساب الرئاسة على منصة إكس، إن اللجنة منوطة بـ "الكشف عن الأسباب والظروف والملابسات، التي أدت لوقوع هذه الأحداث، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها، والتحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة، ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها".
وأشار القرار إلى أن اللجنة سترفع تقريرها في هذا الشأن إلى رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع في مدة أقصاها ثلاثين يوماً من تاريخ صدور قرار تشكيلها.
وتعهّد الشرع الأحد بمحاسبة كل من "تورط في دماء المدنيين"، بعد اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات رديفة لها، ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد في غرب البلاد، قتل خلالها أكثر من ألف شخص بينهم مئات المدنيين العلويين، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال الشرع في كلمة بثّت على قناة الرئاسة السورية على تلغرام " نؤكد أننا سنحاسب بكل حزم وبدون تهاون كل من تورط في دماء المدنيين أو أساء إلى أهلنا ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مأربه الخاص"، مضيفا "لن يكون هناك أي شخص فوق القانون وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين سيواجه العدالة عاجلا غير آجل
وكان الشرع قد قال، خلال كلمة ألقاها في أحد مساجد دمشق في وقت مبكر اليوم الأحد، إن "ما يحصل في البلد هو تحديات متوقعة".
وأضاف: "يجب أن نحافظ على الوحدة الوطنية، على السلم الأهلي قدر المستطاع"، مؤكداً أن السوريين قادرون على "العيش سوية بهذا البلد".
في سياق متصل، قالت وزارة الدفاع السورية إن قواتها بدأت بتنفيذ المرحلة الثانية من عملياتها العسكرية في منطقة الساحل السوري، بهدف ملاحقة من أسمتهم بـ "فلول" النظام السابق.
وأضافت الوزارة على لسان المتحدث باسمها حسن عبد الغني، أن العمليات العسكرية تهدف لتطويق المسلحين المتبقين في منطقة الساحل.
وأعلنت وكالة الأنباء السورية (سانا) العثور على مقبرة جماعية قرب مدينة القرداحة الساحلية، تضم جثامين لعناصر من إدارة الأمن العام والشرطة.
ونشرت الوكالة صوراً لما قالت إنها جثامين تعود لأفراد من القوى الأمنية قُتلوا على يد "فلول" النظام السابق، ودُفنوا في مقبرة جماعية في أحد الأودية القريبة من القرداحة.
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، فجر الاثنين، إن 973 مدنياً أعدموا، بينهم نساء وأطفال، في 39 "مجزرة".
وسجل المرصد السوري مجازر جديدة في حارة القنيطرة بطرطوس، ومدينة بانياس وحي الدعتور في اللاذقية وقرية الرملية وقرية الرصافة في ريف مصياف.
وأوضح بيان سابق للمنظمة الحقوقية أن من بين الضحايا "عائلات قُتلت داخل منازلها"، في منطقة الساحل منذ يوم الخميس الماضي، فيما هُجّر "عشرات الآلاف منهم".
كما سجل المرصد السوري "مجازر جديدة" في حارة القنيطرة بطرطوس، ومدينة بانياس وحي الدعتور في اللاذقية وقرية الرملية وقرية الرصافة في ريف مصياف.
واتهم مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، خلال مقابلة مع بي بي سي، مجموعات تتبع الأمن العام ووزارة الدفاع بارتكاب ما وصفها بـ "المجازر" بحق المدنيين بدوافع انتقامية.
وأفاد المرصد في بيان منفصل بمقتل 481 من المقاتلين، بينهم 231 من قوى الأمن وعناصر وزارة الدفاع السورية، ما يرفع الحصيلة الإجمالية للقتلى في منطقة الساحل منذ الخميس الماضي إلى 1311 بين مدنيين وعسكريين.
بدوره، أدان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اليوم الأحد، ما وصفها بـ "المجازر التي تُرتكب بحق أقليات في سوريا"، وحضّ السلطات الانتقالية على محاسبة المسؤولين عنها.
وقالت الأمم المتحدة، إنها تتلقى تقارير "مقلقة للغاية" بشأن مقتل عائلات بأكملها في شمال غرب سوريا، ودعت إلى وقف فوري للعنف.
وجاء في بيان للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك: "قتل المدنيين في مناطق ساحلية في شمال غرب سوريا يجب أن يتوقّف فوراً".
وندد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بما وصفها بـ "المجازر المروعة" بحق المدنيين في شمال غربي سوريا.
وطالب لامي، في تغريدة على منصة إكس، السلطات في دمشق بـ "ضمان حماية جميع السوريين وتحديد مسار واضح للعدالة الانتقالية".
قي سياق متصل، عُقد في العاصمة الأردنية عمّان، الأحد، اجتماع لوزراء ومسؤولين من سوريا ودول مجاورة لها هي الأردن والعراق وتركيا ولبنان، وذلك لبحث التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتهريب السلاح والمخدّرات.
وشارك في الاجتماع، بحسب الخارجية الأردنية، وزيرا الخارجية والدفاع ورؤساء هيئات الأركان ومدراء أجهزة المخابرات في كل من الدول الخمس "لبحث آليات عملانية للتعاون في محاربة الإرهاب، وتهريب المخدرات والسلاح، ومواجهة التحديات المشتركة الأخرى".
وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إن الاجتماع بحث التحديات التي تواجه سوريا، ومحاربة الإرهاب وتنظيم داعش.
وقال الصفدي، خلال مؤتمر صحفي مشترك أعقب الاجتماع، إنه تم الاتفاق على أمن سوريا ونبذ أي محاولات لزعزعة الأمن فيها.
وأضاف أن هناك اتفاقاً على محاربة تهريب المخدرات من سوريا، مشيراً إلى أن دول الجوار أكدت ضرورة إسناد سوريا في إعادة البناء.
وبين الصفدي أن اجتماعاً ثانياً سيُعقد في تركيا الشهر المقبل، مؤكداً أن الدول تسعى من الاجتماعات المستمرة إلى إسناد سوريا.
ويتركز العلويون في سوريا بمنطقة الساحل شمال غربي البلاد، وهي الطائفة التي تنتمي لها عائلة الأسد التي حكمت البلاد على مدار خمسة عقود.
ومنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نفذت السلطات حملات أمنية بهدف ملاحقة ما تصفها بـ "فلول النظام" السابق في سوريا، شملت مناطق يقطنها علويون خصوصاً في وسط البلاد وغربها.
وتخلل تلك العمليات اشتباكات وحوادث إطلاق نار، إذ يتهم مسؤولون أمنيون مسلحين موالين للأسد بالوقوف خلفها.
ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل أعمالاً انتقامية، وعادة ما تضع السلطات هذه الانتهاكات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها.