في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الخرطوم- اقترب الجيش السوداني من إحكام السيطرة على ولاية الخرطوم، إثر تحييد جسر المنشية، وتحريره محلية شرق النيل التي كانت المخزن البشري والعسكري لقوات الدعم السريع، وتؤوي نخبة قواتها وثلاثة من مراكزها اللوجستية.
وأطلق الجيش السوداني في 26 سبتمبر/أيلول الماضي عملية عسكرية واسعة في مدن ولاية الخرطوم الثلاث، عبر جسور النيل الأبيض والفتيحاب والحلفايا، نحو أهداف قوات الدعم السريع، وسيطر على مواقع مهمة وسط الخرطوم، قبل أن يتمدد في أم درمان ومحلية أم بدة غربا، والخرطوم بحري شرقا وأحياء جنوب الخرطوم.
وسيطر الجيش أمس الاثنين على الجانب الشرقي من جسر المنشية الذي يربط شرق النيل مع شرق الخرطوم ووسطها، وبذلك لم يعد تحت سيطرة قوات الدعم السريع سوى جسر جبل أولياء، الذي يربط الخرطوم مع غرب أم درمان، من أصل 10 جسور رئيسية بين مدن العاصمة السودانية الثلاث -الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري- على النيلين الأزرق والأبيض ونهر النيل.
تم افتتاح جسر المنشية مطلع عام 2006، ليربط بين الخرطوم وشرق النيل، بطول 350 مترا وبمسارين للسيارات بعرض 8.25 أمتار في كل اتجاه، تفصلهما جزيرة في الوسط، وممرات للمشاة في كل جانب، كما يربط الجسر بين العاصمة الخرطوم ومحلية شرق النيل عبر النيل الأزرق.
كان الجسر معبرا مهما لإمداد قوات الدعم السريع، ويسهل حركتها بين الخرطوم وبحري وشرق النيل خلال العمليات العسكرية، مما يمنحها فرصة للمناورة وإسناد قواتها، حسب مسؤول عسكري تحدث للجزيرة نت.
وفي 24 فبراير/شباط الماضي، تمكن الجيش من استعادة السيطرة على المدخل الشرقي لجسر سوبا الإستراتيجي الرابط بين جنوب الخرطوم وشرق النيل، وصار ما تبقى من قوات الدعم السريع في شرق النيل محاصرا ومعزولا، ولا يوجد منفذ له للانسحاب غربا نحو الخرطوم.
وحسب حديث الخبير العسكري أبو بكر عبد الرحيم للجزيرة نت، فإن محلية شرق النيل كانت أحد أهم معاقل قوات الدعم السريع بعدما سيطرت على 3 مواقع مهمة، حولتها إلى مراكز لوجستية، وهي معسكر خولة في الجريف (شرق) بالقرب من أم دوم، ومعسكر حي النصر الذي شكل نقطة تمركز رئيسية، وكلية البيطرة بحلة كوكو كمقر عسكري.
ويوضح الخبير أن قوات الدعم السريع استخدمت أيضا المزارع الممتدة في شرق النيل كمخازن للأسلحة والمعدات العسكرية ولإخفاء مركباتها القتالية من طيران الجيش، ولتدريب مقاتلين جدد من شباب المنطقة والمرتزقة من جنوب السودان الذين استجلبتهم بأعداد كبيرة.
كما كان موقع محلية شرق النيل حلقة ربط بين نخبة قوات الدعم السريع -التي ظلت مسيطرة على مصفاة الجيلي لتكرير النفط في شمال محلية الخرطوم بحري- وكبار قادتها المقيمين في ضاحية كافوري بشرق المحلية ومقاتليها المنتشرين في شرق ولاية الجزيرة، مما مكنها من التحرك بحرية في مساحات واسعة، والتحكم في الإمداد وتعويض الأسلحة والمقاتلين في مدن العاصمة الثلاث.
يوضح الخبير العسكري سالم عبد الله أن وجود قناصة من قوات الدعم السريع في برج الاتصالات في أقصى شرق الخرطوم المطل على جسر المنشية عطّل عبور الجيش السوداني نحو الخرطوم عبر الجسر، وعدها مسألة وقت تتطلب تحييد القناصة.
وتوقع في حديث للجزيرة نت أن تتم عملية متزامنة بعبور الجيش والكتائب المساندة له جسر سوبا في شمال محلية شرق النيل، والالتحام مع القوات القادمة من شمال ولاية الجزيرة لتحرير أحياء جنوب الخرطوم في سوياء (غرب) والأزهري والسلمة وأحياء جنوب الحزام حتى المدينة الرياضية.
كما سيعبر الجيش جسر المنشية لتحرير شرق الخرطوم، وهي أحياء المنشية والرياض وبريو امتداد ناصر والصفا على الجانب الشرقي لمطار الخرطوم، وللالتحام مع القوات الموجودة في مقر القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم، وفقا للخبير العسكري.
وبعبور جسري المنشية وسوبا تنتقل كل العمليات إلى غرب النيل في الخرطوم، مما يجعل ظهر الجيش مؤمنا، ويتيح له تنفيذ خطته العسكرية بتحرير جنوب العاصمة ووسطها بلا متاعب أو مفاجآت عسكرية من الدعم السريع، بعدما قطعت خطوط إمداده وتدمير قواته الصلبة وعزله في بؤر ضيقة.
يوضح الخبير العسكري أن قوات الجيش وقوات النخبة التي دشنت نشاطها بشرق النيل وقوات مكافحة الإرهاب وكتائب درع السودان ولواء البراء باتت جميعها في انتظار مهمة جديدة بعد إنجاز مهمتها بعد معارك شرسة.
وحسب الخبير فإن الحركة صارت ميسورة من أم درمان الى بحري وشرق النيل وولايات الجزيرة ونهر النيل والقضارف حتى بورتسودان، وفي المقابل فقدت قوات الدعم السريع نقاط تمركزها وتمددها وأوراق مناورتها.
يقول قائد لواء البراء بن مالك المساند للجيش المصباح أبو زيد طلحة عبر منشور له على منصة "فيسبوك"، إن "القوات المسلحة نجحت في تحرير محلية شرق النيل بالكامل من قبضة المليشيات المتمردة"، وإن المرحلة القادمة تتطلب تحرير أحياء متبقية في محلية أم بدة بغرب أم درمان وبعض مناطق الخرطوم ومنطقة جبل أولياء في جنوب غرب الخرطوم، وهو ما يقرّب القوات المسلحة من حسم معركة استعادة العاصمة بالكامل.
ويضيف "باتت كل جسور ومعابر ولاية الخرطوم تحت سيطرة القوات المسلحة عدا جسر جبل أولياء، لا فائدة منه للعدو لأنه تحت نيران ومسيرات وطيران الجيش".
بث سلاح المدرعات بالجيش أمس الاثنين، مقاطع مصورة لتمركز قواته في جنوبي جسر الحرية القريب من وسط العاصمة، وأظهرت الصور اقتراب الجيش من وسط الخرطوم، حيث لاحت بنايات السوق العربي في المقاطع المصورة.
وقال قائد منطقة الشجرة العسكرية وسلاح المدرعات اللواء نصر الدين عبد الفتاح لدى تفقده دفاعات الجيش بجسر الحرية إن "النصر سيكتمل في الخرطوم وكل السودان خلال شهر رمضان" باعتباره شهرًا عُرِف بالانتصارات والثبات حسب تعبيره.
وتعهّد قائد سلاح المدرعات بوصول قوات الجيش إلى القصر الجمهوري وجزيرة توتي خلال رمضان، قائلًا إن أمتارًا قليلة تفصل قواته عن عبور جسر الحرية والوصول إلى القصر الرئاسي.
وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على القصر الجمهوري ومقار الوزارات منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023، كما فرضت سيطرتها على جزيرة توتي داخل النيل الأزرق بعد شهرين من الحرب.
تجنب مسؤول في إعلام قوات الدعم السريع -طلب عدم الإفصاح عن هويته- الخوض في تفاصيل معارك الخرطوم بعد خسارتهم محلية شرق النيل، وقال للجزيرة نت إن قواتهم لديها خطط إعادة تموضع عسكري في مناطق بولاية الخرطوم، وتُعدّ لحملة جديدة تحمل مفاجآت خلال المرحلة المقبلة.