آخر الأخبار

دونالد ترامب: هل سيُسقط الأمريكيون العرب الرئيس الأمريكي؟

شارك
مصدر الصورة

كان للأمريكيين العرب والمسلمين دور في إعادة دونالد ترامب الى البيت الأبيض. وعلى الرغم من أن نسبتهم ليست كبيرة في الولايات المتحدة، لكن تأثيرهم كان كبيراً لسببين رئيسيين: الأول هو تركّزهم في بعض الولايات الحاسمة التي اشتد فيها التنافس في الانتخابات الرئاسية مثل ميشيغان، والثاني هو حجم التأثير الإعلامي الذي تحظى به القضايا التي ترتبط بالعرب والمسلمين، وأبرزها القضية الفلسطينية وتجسيدها الدرامي الأخير في حرب غزة.

وقد كانت القضية الأولى مهمة بالطبع لترامب من الناحية الانتخابية، بينما تستمر أهمية القضية الثانية مع بدء رئاسته. وقد تعرض الأمريكيون العرب والمسلمون إلى صدمة وهم يستمعون إلى أفكار الرئيس ترامب مع مطلع رئاسته، التي طرح فيها موضوع نقل الفلسطينيين من قطاع غزة و"استيلاء" الولايات المتحدة على القطاع.

في مدينة ديربورن في ميشيغان، يشكل السكان من أصول عربية الغالبية، وقد مثلت المدينة نموذجاً واضحاً لتفوق ترامب ووصوله إلى الناخبين الأمريكيين العرب، والحصول على أصواتهم على حساب منافسته الديمقراطية كمالا هاريس نائبة الرئيس السابق جو بايدن. فقد كان بايدن قد حصل على نسبة تفوق الثلثين من أصوات ناخبي ديربورن عندما فاز على ترامب عام 2020 لكن الأمور تغيرت كثيراً بعد أربع سنوات.

مصدر الصورة

عندما ذهبت مع فريق بي بي سي لزيارة ديربورن ومناطق أخرى في ميشيغان أثناء تغطيتي للحملات الانتخابية عام 2024، كان السكان من أصول عربية غاضبين من إدارة بايدن- هاريس، ويحملونها المسؤولية عن حرب غزة واستمرارها. من بين أولئك كانت سمراء لقمان الناشطة التي تنتمي لحزب بايدن الديمقراطي، لكنها قررت التصويت لترامب الجمهوري لأنها حمّلت بايدن مسؤولية حرب غزة وعدم إيقافه لإسرائيل، بحسب تعبيرها.

حدثتني يومها عن تأثرها وألمها بسبب حرب غزة، وحدثتني أيضاً عن لقاء مباشر مع ترامب عن طريق حملته الانتخابية التي اتصلت بها، رغم انتمائها للحزب المنافس. بادر ترامب - كما قالت - بالحديث معها، وأخبرها بضرورة إيقاف الحرب، وقد لعب ذلك دوراً كبيراً في اتخاذها القرار بالتصويت لصالحه.

ورغم أن ترامب لم يخفِ يوماً تأييده لإسرائيل، لا عندما كان رئيساً في رئاسته الأولى، ولا أثناء حملته الانتخابية، إلا أن تحركه نحو الأمريكيين العرب كان ناجحاً، إذ ركز على فكرة وعده بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط، وعلى القول إنها ما كانت لتندلع لو كان رئيساً.

ومن الناحية العملية زار ترامب ميشيغان مراراً، بل وذهب إلى ديربورن نفسها، حيث احتفى به الناخبون العرب، وتفاعلوا مع وعوده بإنهاء الحرب وبدء عهد جديد، وفي النهاية دفعت هاريس ثمناً سياسياً باهظاً عندما لم تحصل سوى على 37 في المئة فقط من أصوات ناخبي ديربورن، بينما نال ترامب 43 في المائة من أصواتهم، وذهبت أصوات أخرى إلى مرشحين آخرين.

حدثنا سمراء الآن وسألناها إذا ما كانت نادمة على التصويت لترامب، فقالت إنها تتلقى كثيراً من الأسئلة التي تأتي بصيغة: "هل أنت سعيدة الآن بعد أن بدأ ترامب في الدعوة إلى تطهير عرقي في غزة؟"، لكنها ترد عليهم متحدية ومذكرة بما كان يجري في غزة أثناء الحرب، وما يمكن أن يطلق على ذلك من مسميات.

وتقول سمراء إنها تؤمن تماماً بأن بايدن ما كان ليوقف الحرب، بينما تمكن ترامب من إيقافها، وبأن مشاهد العائدين من أهل غزة إلى ديارهم رغم صعوبة ظروفهم، ما كانت لتحدث لو أن إدارة بايدن - هاريس كانت في الحكم.

وتمضي سمراء في شرح موقفها بالقول إنها ليست سعيدة بتصريحات ترامب عن غزة، ولكن عندما يقارن الأمر بما كان يمكن أن يحدث ويستمر لولا إيقافه للحرب، فهذا أمر يجعلها راضية، أو على الأقل في حال أفضل مما كانت عليه أيام الحرب.

مصدر الصورة

أما بشارة بحبح فيرأس منظمة كان اسمها (أمريكيون من أجل ترامب)، وطبيعة نشاطها واضحة من الاسم، وهي الحشد الانتخابي والسياسي لترامب، لكن المنظمة قررت تغيير اسمها ليصبح (أمريكيون من أجل السلام).

ويشرح بحبح أن تغيير الاسم، جاء مع تصريحات ترامب بشأن نقل الفلسطينيين من غزة إلى خارجها، والاستيلاء على القطاع، لكنه يقول إن سبب التغيير المباشر، هو أن مرحلة جديدة قد بدأت في علاقة منظمته وعلاقة الأمريكيين العرب مع ترامب، تتمثل في أنه أصبح رئيساً فعلاً، وأن الانتخابات الرئاسية قد حسمت.

صدمت أفكار ترامب كثيراً من خصومه السياسيين في الولايات المتحدة، فانتقدوها بشدة. منهم مثلاً السيناتور تيم كاين، الذي يمثل ولاية فرجينيا، التي تضم ناخبين عرباً ومسلمين كثيرين، وهو من قادة حزب بايدن الديمقراطي، إذ وصف أفكار ترامب بـ "المجنونة". أما النائبة الأمريكية الوحيدة التي لها أصول فلسطينية، رشيدة طليب من ميشيغان، فقد حملت بشدة على ترامب وتصريحاته.

دعت طليب زملاءها في الكونغرس ممن يؤيدون حل الدولتين إلى التحرك، لكن الانتقادات لترامب، لا تعني أن التأييد الأمريكي لإسرائيل قد ضعف. فقد أقرت حليفة طليب، وهي النائبة الديمقراطية التقدمية ألكساندريا أوكازيو كورتيز، بأن التأييد لإسرائيل ما يزال كبيراً في كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وأن القضية تثير انقساماً في الولايات المتحدة، على مستوى الأجيال المختلفة، إذ إن كثيراً من الشباب يميلون إلى معارضة سياسات إسرائيل والدعم الأمريكي لها، مقارنة بمن هم أكبر سناً.

الانتقادات لأفكار ترامب لم تقتصر على معارضيه، فقد أعرب بعض من حلفائه أيضاً عن شكوكهم العميقة فيها، مثل السيناتور ليندسي غراهام، وهو من المؤيدين عادة لاستخدام القوة العسكرية وسيلة للتأثير، لكنه تحفظ على فكرة إرسال جنود أمريكيين إلى غزة.

إلا أن ترامب يحكم السيطرة على حزبه الجمهوري بسبب فوزه الكبير في الانتخابات، الذي جعل من الصعب على الأصوات المعارضة في صفوف حلفائه أن ترتفع. ومع ذلك عاد ترامب ليتراجع فقط عن جزئية إرسال قوات إلى غزة مع إصراره على فكرة السيطرة على غزة، وإعمارها بعد إخراج الفلسطينيين منها.

ويقول مؤيدو ترامب في الكونغرس وفي إدارته، إن الأفكار التي يطرحها قوية وشجاعة وجديدة في منطقة، ولم تشهد تغييراً أو تقدماً، بل إعادة للأفكار والتصريحات والسياسات نفسها على مدى عقود من الزمن.

في ديربورن وميشيغان ومناطق تركز العرب الأمريكيين، يشكك كثير منهم في إمكانية أن تتحول أفكار ترامب بشأن غزة إلى واقع عملي، ويقول كثير من هؤلاء إن انتخابه رئيساً أوقف الحرب على الأقل، وفتح المجال لأمل بمزيد من تأثير العرب على سياساته في المستقبل.

ويقول بشارة بحبح إنه يريد تذكير ترامب بأن هناك انتخابات قادمة للكونغرس، حيث يمتلك حزب ترامب الجمهوري، غالبية ضئيلة في المجلسين، مجلس النواب ومجلس الشيوخ.

وستجري الانتخابات نهاية العام المقبل، ويوضح بحبح: "سيحتاج ترامب لأصواتنا من أجل بقاء سيطرة حزبه على مجلسي الكونغرس، نحن هنا ولم ننته بعد".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار