آخر الأخبار

لماذا يطالب ترامب طالبان بتسليم المعدات الأميركية؟   

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

واشنطن، كابل- خلال الأشهر الأخيرة، كرر دونالد ترامب، كمرشح ثم كرئيس، الحديث حول إعادة حكومة حركة طالبان الأسلحة الأميركية المتبقية في أفغانستان، والتي تركت هناك عقب انسحاب القوات الأميركية منها، حيث وصف انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في أغسطس/آب 2021 بأنه خطوة غير حكيمة وأكثر اللحظات المخزية في التاريخ الأميركي.

وهاجم الرئيس الأميركي ترامب ترك أسلحة أميركية في أفغانستان، كجزء من إستراتيجيته للهجوم على سجل إدارة الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، وبحسب قوله فإن الانسحاب أدى إلى بقاء تلك المعدات العسكرية لتصبح الآن في أيدي طالبان، ومن وصفهم بالجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة، لتثير مطالبه ضجة للحكومة في أفغانستان.

وفي تجمع حاشد عشية تنصيبه يوم 20 يناير/كانون الثاني الماضي، أشار ترامب في كلمة له إلى حالة عدم اليقين بشأن موقف إدارته من أفغانستان، وقال "لقد أعطت إدارة بايدن مليارات المليارات من الدولارات لطالبان، لقد أعطوا جزءا كبيرا من معداتنا العسكرية للعدو". وأشار إلى الانسحاب المضطرب والمتسرع للقوات الأميركية من أفغانستان، بأمر من الرئيس جو بايدن".

ويقول ترامب إن المساعدة المالية المستقبلية لأفغانستان ستكون مشروطة بإعادة المعدات العسكرية الأميركية من قبل قادة طالبان الحاليين في السلطة، لكنه لم يخض في أي تفاصيل.

إعلان

ومن الجدير بالذكر أنه -وحتى اليوم- لا يزال اتفاق الدوحة بين الولايات المتحدة وطالبان يعتبر ساري المفعول، ويلزم طالبان بتقييد تنظيم "الدولة الإسلامية" والجماعات الأخرى من استخدام ملجئهم في أفغانستان لارتكاب أعمال إرهابية في الغرب.

مصدر الصورة القوات الأفغانية تؤكد استخدامها الأسلحة في مواجهة الإرهاب في البلاد (الفرنسية)

الموقف الأفغاني

رفضت الحكومة الأفغانية الحالية الطلب الأميركي تسليمها هذه الأسلحة، وقالت مصادر حكومية إنها تستخدم هذه المعدات ضد الإرهاب وخاصة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وأن على الولايات المتحدة أن تقدم مزيدا من المساعدات العسكرية لمكافحة الإرهاب.

من جهته، علّق المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد للجزيرة نت على الحديث عن الأسلحة الأميركية في أفغانستان قائلا "لن نسلم الأسلحة المتبقية من الأميركيين، هذه غنيمة حرب، ومن يطالبون بها سنحاربهم بنفس الأسلحة".

ويرى خبراء الشؤون العسكرية الأفغانية أن القوات الأميركية قامت قبيل انسحابها من أفغانستان بنقل المعدات الحساسة إلى الولايات المتحدة وبعضها إلى أوكرانيا، وأتلفت تلك التي لم تكن قابلة للنقل، وما تبقى منها في القواعد العسكرية سقطت في أيدي مسلحي طالبان وحاولت وزارة الدفاع الأفغانية ترميمها والاستفادة منها.

كما يرون أنه سيكون من الصعب استعادة هذه الأسلحة حتى وإن وافقت حركة طالبان على تسليمها، لأن عملية جمع ونقل هذا الحجم من المعدات سوف يتطلب وقتا، وستكون تكلفة النقل أعلى مقارنة بسعرها، كما أن نسبة كبيرة منها غير صالحة للاستخدام حسب معايير الجيش الأميركي، وانتهت مدة صلاحية استخدامها.

مصدر الصورة الانسحاب الأميركي من أفغانستان تلاه حالة من الفوضى وانتشار الأسلحة (غيتي)

حالات تهريب

يقول الجنرال جليل باركزاي المسؤول في القوات الجوية الأفغانية السابقة للجزيرة نت إنه "تم شراء 78 طائرة بقيمة 923.3 مليون دولار أميركي للحكومة الأفغانية، وقبيل انسحابها قامت القوات الأميركية بنزع سلاحها وإبطال صلاحيتها، وهي الآن عاطلة".

إعلان

وذكر باركزاي أن وزارة الدفاع الأفغانية حاولت إصلاحها والاستفادة منها "لكنها تحتاج إلى قطع غيار، ومن الصعب توفيرها قريبا لأسباب أمنية وسياسية، وطالبان بصدد البحث عن جهة أخرى لشراء الأسلحة".

كما يقول محللون سياسيون إنه بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان عمت الفوضى في عموم البلاد، وقام بعض الناس بنهب الأسلحة الأميركية وتهريبها إلى الخارج في السنة الأولى بعد الانسحاب، حيث إن 20-30% من هذه الأسلحة سقطت في أيدي جماعات مسلحة، مما أحدث قلقا أمنيا في البلاد.

من جهتها، ترفض السلطات الأفغانية مزاعم تهريب الأسلحة المتبقية، ويقول نائب المتحدث باسم الحكومة الأفغانية حمد الله فطرت للجزيرة نت إن "جميع الأسلحة الموجودة في أفغانستان وضعت في المخازن الخاصة بها، ويتم حراستها بدرجة عالية من الدقة، ولا يحق لأحد استخدامها بطريقة غير قانونية"، معتبرا أن كل ما يقال عن تهريب أسلحة واستخدامها على أيدي مسلحي طالبان باكستان وجماعات مسلحة أخرى عار عن الصحة.

مصدر الصورة عرض عسكري ضمن الاحتفالات بالذكرى الثالثة لتولي طالبان الحكم في أفغانستان (الأناضول)

حقيقة الأسلحة

وبينما يصرح ترامب أن قيمة هذه المعدات تصل إلى 80 مليار دولار، اعتبرت بعض وسائل الإعلام هذا الرقم مبالغا فيه، وذكر تقرير أصدره مكتب المحقق القانوني لوزارة الدفاع الأميركية في أبريل/نيسان 2023 أن حركة طالبان تمتلك ما يقرب من 7.2 مليارات دولار من الأسلحة والذخيرة والطائرات وقطعها، والتي مولها دافعو الضرائب الأميركيون، نتيجة الانسحاب العسكري الفاشل لإدارة بايدن من أفغانستان.

وبحسب التقرير، فقد تم تجاهل ما لا يقل عن 78 طائرة تتجاوز قيمتها 923 مليون دولار، و95 ألفا و524 قذيفة جو – أرض بقيمة 6.54 ملايين دولار، وأكثر من 40 ألف مركبة عسكرية وغير عسكرية، وأكثر من 300 ألف قطعة سلاح، وجميع معدات الرؤية الليلية والمراقبة والاتصالات والبيومترية المقدمة إلى الجيش الأفغاني السابق بين عامي 2005 و2021 .

إعلان

وفي حديث مع الجزيرة نت أشار آدم وينشتين، المحارب السابق في أفغانستان، وخبير الشؤون الأفغانية حاليا بمعهد كوينسي، إلى أن "الولايات المتحدة لم تترك أسلحة في أفغانستان، وأن ما يتحدث عنه ترامب هو أسلحة القوات الأفغانية"، موضحا أنها "مجموعة من الأسلحة الصغيرة ومواد وأجهزة مساعدة، لا تشكل تهديدا لأمن الولايات المتحدة، وهي قد سقطت في أيدي طالبان".

وخلص وينشتين إلى أن ما يطالب به ترامب "يُحتمل أن يكون بهدف الاستغلال السياسي داخل الولايات المتحدة، أو سعيا لمزيد من النفوذ في أفغانستان".

أميركا وطالبان

دعا مستشار الأمن القومي مايك والتز -في لقاء تلفزيوني- مجتمع الاستخبارات الأميركي لأن يلعب دورا أكثر نشاطا في التعامل مع التهديدات التي تمثلها "الجماعات الإرهابية العاملة على الأراضي الأفغانية"، وأن يفكر في مساعدة إحدى "جماعات المقاومة" على حد وصفه.

واعتبر مارفن واينباوم مدير برنامج دراسات أفغانستان وباكستان في معهد الشرق الأوسط، في تقرير كتبه للمعهد، أن "وصول ترامب للحكم قد يمثل فرصة لتطبيع العلاقات مع نظام طالبان الحاكم في أفغانستان، حيث إن حركة طالبان عبرت عن رغبتها في فتح فصل جديد مع الولايات المتحدة لبناء علاقة بناءة بين الطرفين، وهذا يدفع لحصولها على اعتراف دبلوماسي رسمي خلال إدارة ترامب".

وأضاف أن طالبان ربما تعول أيضا على إدارة ترامب لتكون أقل اهتماما بمتابعة قضايا حقوق الإنسان، وخاصة تعليم الفتيات والنساء، وأشار إلى أنه من المتوقع أن تشكك إدارة ترامب في تمويل المساعدات الإنسانية الأميركية لأفغانستان، وأن تنظر إليها على أنها تساعد في دعم حكومة كابل.

وفي حديث للجزيرة نت، قال واينباوم إن "إعادة الأسلحة قد تبدو فرصة مثالية لطالبان للحصول على بعض التنازلات من إدارة ترامب، لكنني لا أرى أي صفقة، فبالنسبة لطالبان تعد الأسلحة التي حصلت عليها مع رحيل الولايات المتحدة المتسرع ذات أهمية كبيرة، ومن غير المرجح أن تعيدها حتى لو كان من الممكن سحب بعضها من أيدي مقاتليها".

إعلان

وأشار إلى أنه من الصعب فهم ما قد تكون الولايات المتحدة على استعداد لتقديمه في صفقة من شأنها أن ترضي طالبان مقابل إعادة الأسلحة.

من جانب آخر، أوضح تقرير نشرته مؤخرا وحدة خدمات أبحاث الكونغرس، وهي الجهة البحثية التي تمد أعضاء الكونغرس بتقارير ودراسات متخصصة، أن "توابع الانسحاب الأميركي من أفغانستان وعودة طالبان إلى السلطة لا يزال يتردد صداها حتى اليوم"، وذكر التقرير أن أعضاء الكونغرس يراقبون حكم طالبان "من وراء الأفق".

كما أشارت آخر إستراتيجية للدفاع الوطني -صدرت عام 2022- إلى وجود معضلة تتمثل في الرغبة بدعم تنمية الشعب الأفغاني مع تجنب دعم حكم حركة طالبان في الوقت نفسه.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا