آخر الأخبار

الهرمونات تعيد رسم الدماغ..كيف تغيّر الدورة الشهرية بنية الذاكرة والمشاعر؟

شارك

كشفت دراسات حديثة أن الدورة الشهرية تحدث تغييرات ملحوظة في دماغ المرأة، خاصة في الحُصين المسؤول عن الذاكرة والمشاعر.

أظهرت أبحاث علمية حديثة أن الدورة الشهرية يمكن أن تعيد تشكيل بعض مناطق الدماغ لدى النساء، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان لذلك صلة مباشرة بالتقلبات العاطفية التي ترافق هذه الفترة.

تجارب شخصية تكشف الأثر اليومي

إلما جاشيم، خريجة جامعية حديثة تستعد لدخول كلية الطب، تتحدث عن قلقها من تأثير "التقلبات الشهرية" على جدولها الأكاديمي المزدحم. وتصف شعورها قبل الدورة: "أشعر وكأنني في حالة حياد عاطفي، لست حزينة ولا سعيدة". ومع بداية الحيض، تصبح أكثر حساسية حتى لأبسط المواقف.

ما الذي يحدث في "دماغ الدورة الشهرية"؟

العلماء ما زالوا يحاولون فهم هذه الظاهرة. فقد أظهرت دراسات سابقة على القوارض أن حجم بعض مناطق الدماغ يتغير استجابة لهرمون الإستروجين، لكن لم يكن معروفًا ما إذا كان هذا التأثير ينطبق أيضًا على دماغ المرأة.

الآن، تكشف فحوصات بالرنين المغناطيسي أن الدورة الشهرية ، التي تمتد عادة 29 يومًا، تُحدث تغييرات واضحة في مناطق الدماغ المسؤولة عن المشاعر والذاكرة والسلوك وكفاءة نقل المعلومات.

تغييرات متكررة عبر مئات الدورات

توضح جوليا زاشر، طبيبة نفسية وباحثة في معهد ماكس بلانك في لايبزيغ: "من المدهش أن يتغير الدماغ البالغ بهذه السرعة". وتشير كاثرين وولي، عالمة أعصاب بجامعة نورث وسترن، إلى أن المرأة تمر بما يقارب 450 دورة شهرية خلال حياتها الإنجابية، ما يعني أن هذه التغييرات متكررة بشكل واسع.

كيف تتحكم الهرمونات في الدورة الشهرية؟

تبدأ الدورة بانخفاض هرموني الإستروجين والبروجسترون مع نزول الحيض. ثم يرتفع الإستروجين لبناء بطانة الرحم، قبل أن ينخفض ليسمح بخروج البويضة في منتصف الدورة. بعد ذلك، يعود الإستروجين والبروجسترون للارتفاع استعدادًا لاحتمال الحمل، وإن لم يحدث، تنخفض مستوياتهما مجددًا لتبدأ الدورة من جديد.

الإستروجين يحفّز مناطق الإدراك

منذ اكتشاف وولي عام 1990 أن الإستروجين ينظم كثافة تشعبات الخلايا العصبية في الحُصين (الهيبوكامبوس)، تغيّرت نظرة العلماء لدور هذا الهرمون، فلم يعد محصورًا بالوظائف التناسلية، بل مرتبطًا أيضًا بالمجالات الإدراكية.

الحُصين، وهو مركز رئيسي للذاكرة والتعلم في الدماغ، يتميز بمرونته الكبيرة. يمكن أن يتضخم مع تعلم مهارات جديدة، أو ينكمش في حالات مثل الخرف.

دراسات دقيقة تكشف التفاصيل

في دراسة حديثة نُشرت بمجلة Nature Mental Health، استعانت زاشر وفريقها بتقنية الموجات فوق الصوتية لتحديد وقت الإباضة بدقة لدى 27 متطوعة، وأجروا فحوصات دم ورنين مغناطيسي عالي الدقة في ست مراحل من الدورة. أظهرت النتائج تغيرات متسلسلة في الحُصين، حيث ازداد سمك طبقاته مع ارتفاع الإستروجين وانخفاض البروجسترون.

دراسة أخرى، لم تُنشر بعد بشكل محكّم، وجدت أن التغيرات لم تشمل فقط المادة الرمادية، بل طالت أيضًا المادة البيضاء التي تنقل المعلومات بين مناطق الدماغ المختلفة، ما قد يزيد من كفاءة الاتصال العصبي.

ماذا تعني هذه النتائج؟

رغم وضوح التغيرات البنيوية، يشدد العلماء على أن هذه النتائج لا تعني بالضرورة تحسنًا أو تراجعًا في القدرات الإدراكية أو الذاكرة. كما أن المتطوعات في هذه الدراسات لم يذكرن أعراضًا عاطفية أو معرفية مرتبطة بالدورة.

تؤكد إميلي جاكوبس، عالمة أعصاب بجامعة كاليفورنيا، أن هذه النتائج تبرز الحاجة الملحة إلى أبحاث أعمق في علم أعصاب المرأة، لفهم خصوصية دماغها واستجابته الفريدة للتقلبات الهرمونية.

يورو نيوز المصدر: يورو نيوز
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار