آخر الأخبار

مزيلات العرق بين الدعاية والعلم.. هل تضعف روابطنا الاجتماعية؟

شارك

بينما تُسوّق شركات كبرى لمستحضرات "مزيل العرق"، يذهب باحثون إلى التحذير من ثمن خفي قد ندفعه جميعًا: إضعاف واحدة من أقدم وسائل التواصل بين البشر، تلك القائمة على الشم، فهي تمكّن الأطفال من التعرف إلى أقاربهم، وتُنبئ الآخرين بصحة الفرد، وقد تكون وسيلة لاكتشاف التوافق الجيني.

بحسب تقرير موسّع نشرته مجلة "ذا أتلانتيك"، تروّج الحملات الإعلانية الجديدة لفكرة أن الإنسان "تفوح منه رائحة كريهة"، ليس فقط من الإبطين، بل من الجسم بأكمله، من الرأس إلى القدمين. وتشير هذه الإعلانات إلى أن الجسم البشري في حالته الطبيعية أشبه بعلبة حليب منسية في سيارة.

وتضيف المجلة أن هذا التوجه التجاري دفع شركات كبرى إلى الاستثمار في ما يُعرف بمزيل العرق للجسم بالكامل. فشركة "Lume" مثلاً، التي انطلقت عام 2017، حققت مبيعات تجاوزت 320 مليون دولار في 2023، بينما صرّح رئيس يونيليفر أميركا لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن المنتج يمثل "ابتكار العام".

أثر الجائحة على حاسة الشم

تنقل "ذا أتلانتيك" عن كاري كاستيل، أستاذة في جامعة بوفالو، أن هذا الهوس قد يكون نتيجة غير مباشرة لجائحة كورونا، حيث فقد الناس اعتيادهم على الروائح اليومية خلال فترات العزل. وتقول: "عندما عدنا للتواصل، بدت الروائح الطبيعية أكثر بروزاً مما كانت عليه سابقاً".

بين الدعاية والعلم

يشير التقرير إلى أن الروائح الجسدية تنتج عادة عن تفاعل البكتيريا مع العرق، وأن مزيلات العرق تعمل على قتل جزء من هذه البكتيريا وتغطية الباقي بالعطور . لكن تريسترام وايت، أستاذ الأحياء في جامعة أوكسفورد، حذّر في حديثه لـ"ذا أتلانتيك" من أن إزالة الروائح الطبيعية بشكل كامل قد تعني العبث بوسيلة تواصل بشرية تطورت على مدى مئات آلاف السنين: "من يدري ما الذي نخسره عندما نزيل رائحتنا الطبيعية كلياً؟".

جذور تسويقية قديمة

ويوضح التقرير أن الخوف من الروائح استخدم منذ بدايات القرن العشرين كوسيلة دعائية. ففي عام 1919 مثلاً، روّجت شركة "Odorono" لمنتجها من خلال إعلانات أوحت للنساء بأن "العرق يهدد سمعتهن الاجتماعية"، وهو ما رفع المبيعات بشكل كبير. وتصف "ذا أتلانتيك" هذه الاستراتيجية بأنها وضعت الأساس لإعلانات قائمة على زرع القلق في المستهلكين، وهو ما لا يزال قائماً حتى اليوم.

ثمن خفي؟

يختم التقرير بالقول إن الإفراط في استخدام هذه المنتجات قد تكون له آثار غير متوقعة، مشيراً إلى تحذيرات بعض الباحثين من أن تعطيل الرائحة الطبيعية للإنسان قد يضعف الروابط الاجتماعية والفطرية القائمة على الشم. ومع ذلك، فإن صناعة "مزيل العرق الشامل" تواصل النمو كجزء من سوق الجمال والعطور في الولايات المتحدة.

يورو نيوز المصدر: يورو نيوز
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار