جاء تصريح الشرع خلال مشاركته في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في العاصمة السعودية الرياض، وقد شكّل أول إعلان رسمي عن حجم التدفقات المالية الجديدة إلى سوريا، بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار.
الشرع، الذي استُضيف في النسخة التاسعة من المنتدى بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، شدد في كلمته على أن "الفرص في سوريا هائلة، وهناك مجال للجميع"، مؤكداً أن بلاده باتت "مركزًا تجاريًا مهمًا لنقل البضائع" في المنطقة.
يأتي هذا الإعلان في وقت بدأت فيه سوريا مهمة شاقة لإعادة بناء اقتصادها المنهار بعد حرب خلّفت عشرات الآلاف من القتلى وملايين النازحين ومدنًا مدمّرة.
بعد سنوات من العزلة والعقوبات، تسعى الحكومة الانتقالية إلى استعادة الثقة الدولية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية. ووفق تقديرات البنك الدولي ، فإن "الحد الأدنى التقديري لتكلفة إعادة إعمار البلاد يبلغ نحو 216 مليار دولار".
وقد لعبت السعودية دورًا محوريًا في هذا التحول، مستندة إلى ثروتها النفطية الضخمة. ففي نيسان/أبريل، تعهدت الرياض إلى جانب قطر بسداد 15 مليون دولار من ديون سوريا للبنك الدولي.
كما وقّعت في تموز/يوليو اتفاقيات استثمار وشراكة مع دمشق بلغت قيمتها 6.4 مليارات دولار لدعم جهود إعادة الإعمار. وتبعتها في آب/أغسطس صفقات إضافية تجاوزت 14 مليار دولار، شملت مشاريع في مطار دمشق وقطاعات النقل والعقارات، وفق ما نقلته وسائل الإعلام الرسمية السورية.
كانت السعودية أول وجهة خارجية للشرع في شباط/فبراير الفائت، حيث حظي بدعم مباشر من ولي العهد الذي قاد جهودًا دبلوماسية لإعادة سوريا إلى المشهد الدولي.
في أيار/مايو، نجح الأمير محمد في إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا، ما فتح الباب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية. كما نظم اجتماعًا تاريخيًا جمع بين ترامب والشرع الذي كان مدرجاً على قائمة المطلوبين لدى السلطات الأمريكية، بسبب دوره السابق في قيادة "هيئة تحرير الشام"، وعلاقاته الموثقة حينها بداعش.
وخلال الأشهر الماضية، كثّف الشرع جولاته الدولية، فزار عدداً من العواصم والتقى قادة عالميين، من بينهم خصوم سابقون في روسيا، في إطار مساعيه لتعزيز الدعم الدبلوماسي والاقتصادي لحكومته.
وفي أيار/مايو الماضي، وقعت سوريا اتفاقًا للطاقة بقيمة 7 مليارات دولار مع ائتلاف من الشركات القطرية والتركية والأمريكية، في خطوة تهدف إلى إنعاش قطاع الطاقة المنهار وإعادة دمج البلاد في النظام الاقتصادي العالمي.
اليوم، وبعد عام واحد فقط على سقوط الأسد، تبدو سوريا أمام مشهد اقتصادي وسياسي جديد، تقوده تحالفات غير مألوفة، وتمويلات ضخمة، وطموح لاستعادة موقعها كمحور استثماري وتجاري في الشرق الأوسط.
المصدر:
يورو نيوز