يترقب المستثمرون والأسواق العالمية مساء اليوم الأربعاء قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في خطوة تأتي وسط تباطؤ واضح في سوق العمل وتراجع في مؤشرات التضخم .
ويعكس القرار المنتظر حالة انقسام داخل المجلس بين مؤيدين لمزيد من الخفض ومحافظين يخشون من عودة الضغوط التضخمية.
كما تتزامن هذه التطورات مع تصاعد الضغوط السياسية من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، التي تطالب بخفض أعمق للفائدة لدعم النمو الاقتصادي .
وفي ظل الإغلاق الحكومي وغياب البيانات الرسمية، يبقى الغموض مسيطرا على توقعات الأسواق بشأن مسار السياسة النقدية المقبلة.
وتشير بيانات عقود الفائدة الآجلة -بحسب بلومبيرغ- إلى أن احتمالات خفض الفائدة بلغت 99.9% حتى مساء الثلاثاء، وهو ما يتوافق مع توقعات غالبية الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع الوكالة.
وترى المحللة ماريا إلويسا كابورو أن تراجع سوق العمل الأميركي وتباطؤ نمو الأجور خلال الأشهر الماضية كانا العاملين الرئيسيين اللذين أقنعا غالبية أعضاء الفدرالي بضرورة التحرك نحو خفض الفائدة للمرة الثانية على التوالي.
وجاء ذلك بعد صدور تقرير تضخم متأخر الأسبوع الماضي أظهر نتائج "أضعف من المتوقع"، مما خفف من حدة المخاوف لدى من وصفتهم بلومبيرغ بـ"صقور التضخم" داخل المجلس.
لكن الوكالة أشارت إلى أن "أقلية كبيرة من أعضاء المجلس" ما زالت تبدي تحفظها، معتبرة أن ارتفاع الأسعار في قطاعات الخدمات لا يزال مقلقا، خصوصا تلك التي لا تتأثر مباشرة ب الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس ترامب مؤخرا.
وتضيف بلومبيرغ أن "مجلس الاحتياطي بات أكثر انقساما من أي وقت مضى"، إذ أظهرت توقعات سبتمبر/أيلول الماضي أن 9 من أصل 19 عضوا لا يؤيدون أكثر من خفض واحد إضافي هذا العام.
ويرجح محللون أن يتجنب رئيس المجلس جيروم باول تقديم أي إرشاد واضح حول خطوات الاجتماعات المقبلة، في ظل توقف العديد من التقارير الاقتصادية الرسمية بسبب الإغلاق الحكومي المستمر، ما يجعل موقف الفدرالي أكثر حذرا.
وتحذر بلومبيرغ من أن هذا الغموض "قد يثير مجددا غضب الرئيس ترامب وفريقه"، خاصة بعد أن عبّر وزير الخزانة سكوت بيسنت الشهر الماضي عن استغرابه من "عدم إعلان باول عن هدف نهائي لا يقل عن 100 إلى 150 نقطة أساس من التخفيضات بحلول نهاية العام".
وفي حال اكتفى المجلس بخفض محدود دون وعود مستقبلية، فإن ذلك سيبقى بعيدا عن تطلعات ترامب الذي دعا في وقت سابق من العام إلى خفض الفائدة بـ300 نقطة أساس دفعة واحدة.
وبحسب بلومبيرغ، فإن موقف باول الحذِر يُنظر إليه داخل الأسواق على أنه "محاولة لتجنب الظهور بمظهر الخاضع للضغوط السياسية"، رغم أن ذلك لم يمنع البيت الأبيض من انتقاد الفدرالي مرارا.
وإلى جانب قرار الفائدة، تراقب الأسواق ما إذا كان الفدرالي سيعلن وقف برنامج تقليص ميزانيته العمومية، المعروف باسم "التشديد الكمي"، بعد أن ظهرت مؤشرات على "توتر في أسواق المال" تشير إلى نقص السيولة.
وقال مايكل بول، الخبير الإستراتيجي في بلومبيرغ، "إنهاء التشديد الكمي سيوقف استنزاف الاحتياطيات المصرفية ويخفف الضغط عن النظام المالي".
وتضيف الوكالة أن تعديلات تقنية أخرى في أدوات الفدرالي قد تكون مطروحة أيضا خلال الاجتماع.
وترى بلومبيرغ أن آثار القرار لن تقتصر على الداخل الأميركي، إذ يتزامن مع تباطؤ اقتصادي في الصين وتراجع الطلب على السلع الأساسية.
وأوضحت أن "تباطؤ النمو الصيني سيضغط على اقتصادات ناشئة تعتمد على صادرات المعادن والطاقة مثل البرازيل وجنوب أفريقيا"، مشيرة إلى أن ضعف الطلب الصيني "قد يحدّ من ارتفاع أسعار النفط ويؤثر سلبا على اقتصادات الخليج".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة