كشفت نتائج تقرير "إكسبات إنسايدر 2025" الصادر عن شبكة "إنترناشينز العالمية" أن بنما احتلت المرتبة الأولى كأفضل دولة للعيش في العالم للسنة الثانية على التوالي، متفوقة على عشرات الدول في مؤشرات:
وذلك وفقا لما أورده تقرير مفصل نشرته مجلة "فوربس".
ويُعد هذا التقرير واحدا من أوسع الدراسات التي تقيس تجارب المغتربين حول العالم، ويعتمد على آراء أكثر من 10 آلاف مغترب يمثلون 172 جنسية مختلفة، ويقيمون في 46 دولة شملها التصنيف النهائي.
واللافت في نسخة هذا العام كان الحضور العربي الذي تباين بين تقدم واضح لبعض دول الخليج وتراجع حاد لأخرى، مقابل غياب شبه تام لدول شمال أفريقيا والمشرق العربي، والتي لم تُدرج بسبب قلة الردود أو تدني مؤشرات الاستقرار والجذب.
وسجّلت بنما نسبة رضا بلغت 94% بين المغتربين، حيث قالوا إنهم سعداء بالعيش هناك، في دلالة على البيئة المرحبة والميسّرة. وقالت كاثرين شودوبا، رئيسة تحرير التقرير، في مقابلة مع فوربس: "بنما تحقق نتائج ضمن الثلاثة الأوائل في جميع المؤشرات الرئيسية، وتدخل ضمن العشرة الأوائل في معظم المؤشرات الفرعية، وهو أمر نادر".
وأضافت شودوبا: "ربما يكمن سر جاذبية بنما في مزيج شبه مثالي من بنية تحتية محترمة بأسعار معقولة، ومناخ مريح، وثقافة منفتحة يسهل الاندماج معها".
ويبدو أن التركيبة السكانية للمغتربين هناك تلعب دورا في ذلك، إذ يشكل المتقاعدون نحو 35% من العينة مقارنة بـ11% عالميا، ومعظمهم يتمتع بدخل سنوي مرتفع نسبيا، ويخطط أكثر من ثلثهم للبقاء هناك إلى أجل غير مسمى.
ورغم أن الدول العربية لم تتصدر القائمة، فإن بعض العواصم الخليجية حققت حضورا لافتا، وفي مقدمتها الإمارات التي جاءت في المركز السابع عالميا، وهي الدولة العربية الوحيدة ضمن العشرة الأوائل.
التقرير أشار إلى أن المغتربين في الإمارات أبدوا رضاهم عن جودة البنية التحتية، والخدمات الرقمية، وسهولة إنجاز المعاملات، إلى جانب البيئة الآمنة المستقرة. كما أشار العديد منهم إلى تحسّن ملحوظ في فرص العمل والتوازن بين الحياة المهنية والشخصية.
وجاءت قطر في المرتبة العشرين، محافظة على مركز متقدم نسبيا، حيث استفادت من الاستقرار السياسي، والتوسع العمراني، وزيادة الإنفاق على البنية التحتية. كما رصد التقرير ارتفاعا في مؤشرات الراحة المعيشية وتوافر الخدمات، لكن مع استمرار بعض التحديات في مؤشرات الاندماج الاجتماعي وسهولة بناء علاقات محلية.
أما السعودية، فقد برزت بشكل خاص في محور "المالية الشخصية"، إذ كانت من بين الدول الأفضل عالميا من حيث مستوى الدخل، وتكلفة المعيشة مقارنة بالفرص الوظيفية. غير أن محدودية الاندماج الثقافي وصعوبة الحياة الاجتماعية في بعض المدن أعاقت حصولها على ترتيب أعلى في التصنيف العام.
في المقابل، حلّت الكويت في المرتبة الأخيرة (46) للسنة الثامنة على التوالي، رغم جاذبيتها الوظيفية لبعض الفئات. وأشار التقرير إلى ضعف جودة الحياة، وشحّ خيارات الترفيه، وارتفاع الإحساس بالعزلة الاجتماعية بين المغتربين، إلى جانب صعوبة الاندماج الثقافي والمناخ القاسي.
ولم تُدرج دول عربية كالأردن، والمغرب، ولبنان، والجزائر، وتونس، ومصر ، ضمن التصنيف النهائي، وذلك إما بسبب قلة عدد الاستجابات من المغتربين المقيمين فيها أو ضعف المؤشرات الكمية المطلوبة للدخول في التصنيف.
في المقابل، احتلت الولايات المتحدة المرتبة 36، متراجعة مركزا عن العام الماضي، وسط انخفاض في رضا المغتربين عن جودة الحياة، وتدهور تقييمات البنية التحتية، والنقل العام، وتكاليف الصحة. كما أشار التقرير إلى تراجع الشعور بالأمان والانتماء الاجتماعي، وتدهور تقييم الحريات الشخصية والاستقرار السياسي.
وحلّت كولومبيا في المرتبة الثانية بعد أن كانت خامسة العام الماضي، بفضل الرضا المالي (81% مقارنة بـ54% عالميًا) وسهولة السكن والحياة الاجتماعية، رغم استمرار القلق بشأن الأمن والاستقرار السياسي. أما المكسيك، التي تصدرت القائمة في 2022 و2023، فجاءت ثالثة بفضل تصدرها مؤشر "سهولة الاستقرار"، رغم استمرار التحديات البيئية والأمنية.
وسيطرت دول آسيا على نصف المراتب العشرة الأولى، إذ حلّت تايلند رابعة، وفيتنام خامسة، والصين سادسة، وإندونيسيا ثامنة، وماليزيا عاشرة. وبرزت الصين خصوصا بعد أن قفزت من المركز 19 إلى التاسع في مؤشر "العمل في الخارج"، مدعومة بتحسن آفاق العمل، وزيادة الأمان الوظيفي، وتحسن التوازن بين العمل والحياة.
في الجهة الأخرى من القائمة، سجلت كوريا الجنوبية أسوأ أداء بهبوطها 21 مركزا لتستقر في المرتبة 44، وسط تدهور في مؤشرات الاستقرار السياسي، وجودة الرعاية الصحية، والمالية الشخصية. وجاءت الكويت في ذيل القائمة للمرة الثامنة على التوالي، رغم جاذبيتها الاقتصادية، وذلك بسبب محدودية جودة الحياة، والعزلة الاجتماعية، والمناخ القاسي.
العديد من الدول الأوروبية الغنية جاءت في ذيل القائمة أيضا، مثل ألمانيا (42)، المملكة المتحدة (41)، السويد (38)، والنرويج (39). وأبرزت فوربس أن ارتفاع تكاليف المعيشة، وصعوبة الإجراءات الإدارية، وتحديات الاندماج الاجتماعي كانت الأسباب الرئيسية.
وقالت شودوبا إن "الثروة وحدها لا تصنع السعادة، خصوصا إذا كانت تُستنزف في نفقات معيشية مرتفعة باستمرار".
وتشير فوربس إلى أن الاتجاه الأكبر الذي كشفه التقرير هو أن العوامل الاقتصادية أصبحت ذات أهمية متزايدة في تحديد جودة الحياة. ففي 2025، جميع الدول المصنفة ضمن أفضل 15 في مؤشر "المالية الشخصية" -باستثناء السعودية- جاءت أيضا في أعلى مراتب "السعادة العامة"، مقارنة بنسبة 50% فقط عام 2022.
وقالت شودوبا في ختام التقرير: "المال لم يعد مجرد عامل مساعد، بل أصبح إطارا تقييميا تنعكس من خلاله كافة الجوانب الأخرى لحياة المغترب في البلد المضيف".