آخر الأخبار

شطب “إيفرغراند”.. نهاية مأساوية لعملاق العقارات الصيني

شارك

أفادت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بأن أسهم مجموعة " إيفرغراند " الصينية، التي كانت في وقت من الأوقات أكبر مطور عقاري في البلاد، شُطبت رسميا من بورصة هونغ كونغ اليوم الاثنين بعد أكثر من 15 عاما من التداول.

وتمثل هذه الخطوة "معلما قاتما"، وفق تعبير خبراء، لشركة كانت قيمتها السوقية تتجاوز 50 مليار دولار قبل انهيارها المدوّي تحت عبء ديون هائلة قُدرت بـ300 مليار دولار، وهو ما منحها لقب "أكثر مطور عقاري مديونية في العالم".

صعود أسطوري وانهيار مدوٍّ

وكانت "إيفرغراند" حتى قبل سنوات قليلة رمزا للمعجزة الاقتصادية الصينية. مؤسسها ورئيسها هوى كا يان صعد من جذور متواضعة في الريف إلى أن أصبح أغنى رجل في آسيا عام 2017 بثروة بلغت 45 مليار دولار. لكن بحلول 2024 تراجعت ثروته إلى أقل من مليار دولار، بعد أن فُرضت عليه غرامة بقيمة 6.5 ملايين دولار وحُظر من سوق رأس المال الصيني مدى الحياة بسبب تضخيم إيرادات شركته بنحو 78 مليار دولار.

مصدر الصورة مبنى مركز "إيفرغراند" في هونغ كونغ شاهدٌ على انهيار أكبر مطور عقاري في الصين (رويترز)

وفي ذروة نشاطها، كان لدى الشركة 1300 مشروع قيد التطوير في 280 مدينة صينية، إلى جانب أنشطة في صناعة السيارات الكهربائية وامتلاكها نادي غوانغجو لكرة القدم، الذي استُبعد من الدوري مطلع 2025 بعد عجزه عن سداد الديون. لكن الأزمة، التي بدأت بعد تشديد بكين قواعد الاقتراض في 2020، دفعت الشركة إلى بيع العقارات بخصومات حادة للحفاظ على السيولة، لتتوالى بعدها حالات التخلف عن سداد الديون، خصوصا في الأسواق الخارجية.

ديون مستعصية وتصفية

وفي يناير/كانون الثاني 2024، أصدرت المحكمة العليا في هونغ كونغ أمرا بتصفية الشركة بعد عجزها عن تقديم خطة مقبولة للتعامل مع التزاماتها الخارجية. ومنذ ذلك الحين، ظلت أسهمها معلقة حتى قرار الشطب النهائي.

وحسب "بي بي سي"، فإن القيمة السوقية للشركة فقدت أكثر من 99% قبل التصفية.

إعلان

المصفون كشفوا هذا الشهر عن أن ديون الشركة لا تزال عند حدود 45 مليار دولار، في حين لم تُبع أصول إلا بقيمة 255 مليون دولار فقط، وهو ما وصفوه بأنه دليل على أن "إعادة هيكلة كاملة ستبقى بعيدة المنال". في السياق، قالت الباحثة دان وانغ من مجموعة أوراسيا إن "الشطب الآن رمزي بالتأكيد، لكنه معلم مهم، فبمجرد الشطب لا عودة".

أثر مدمر على الاقتصاد الصيني

وفاقم انهيار "إيفرغراند" أزمة قطاع العقارات الذي يشكل نحو ثلث الاقتصاد الصيني، ويمثل مصدرا رئيسيا لإيرادات الحكومات المحلية. ووفقا لجاكسون تشان من منصة "بوندسوبرمارت"، فقد أدى الانكماش إلى "تسريحات جماعية"، بينما واجه من بقي في العمل "تخفيضات كبيرة في الأجور".

كما أوضحت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة خبراء الاقتصاد لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في بنك "ناتكسيس"، أن "انخفاض أسعار المساكن بأكثر من 30% أدى إلى تآكل مدخرات ملايين الأسر الصينية، مما جعلها أقل ميلا للإنفاق والاستثمار".

مصدر الصورة مبنى سكني غير مكتمل في مشروع "إيفرغراند أويسيس" بمدينة لويانغ (رويترز)

ورغم أن بكين أعلنت عن سلسلة مبادرات لدعم الاستهلاك وتحفيز سوق العقارات، من خلال إعفاءات وتسهيلات لمشتري المنازل الجدد وتشجيع شراء السيارات الكهربائية والسلع الاستهلاكية، فإن وتيرة النمو الاقتصادي تباطأت إلى نحو 5% فقط. وحسب "بي بي سي"، يعتبر هذا المعدل بطيئا للغاية مقارنة بسنوات النمو المزدوج الرقم التي عرفتها الصين حتى عام 2010.

أزمة ممتدة ومخاطر مستقبلية

ويتفق المحللون على أن الأزمة لم تنتهِ بعد، فقد حُكم هذا الشهر بتصفية شركة "تشاينا ساوث سيتي هولدنغز"، في حين تسعى مجموعة "كانتري غاردن" للتوصل إلى اتفاق مع دائنيها بشأن ديون خارجية تفوق 14 مليار دولار، بانتظار جلسة تصفية حاسمة في يناير/كانون الثاني 2026.

وحذر بروفسور شيتونغ كياو من جامعة ديوك من أن "مزيدا من شركات التطوير العقاري الصينية ستنهار"، مضيفا أن السؤال المتبقي هو "أيُّ الدائنين سيستردون أموالهم وكم سيحصلون؟". أما وانغ، فأكدت أن "الركود العقاري هو السبب الأساسي وراء ضعف الاستهلاك في الصين"، مشيرة إلى أن السوق قد "يبلغ القاع" خلال عامين، بينما ترى غارسيا هيريرو أنه "لا يوجد ضوء حقيقي في نهاية النفق".

وفي ظل إحجام الحكومة عن إنقاذ الشركات العقارية بشكل مباشر لتجنب التشجيع على المخاطر، يبدو أن الحزب الشيوعي الصيني يوجّه اهتمامه نحو قطاعات أخرى، مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والروبوتات، في ما وصفته دان وانغ بأنه "انتقال عميق إلى عصر جديد من التنمية".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار