آخر الأخبار

جنة عدن بين الأسطورة والواقع: كيف يحاول العلماء فكّ ألغاز "الفردوس الأول"؟

شارك

رغم غياب الأدلة الأثرية القاطعة، لا يزال الإيمان بوجود عدن حاضرًا بقوة حتى اليوم، متجاوزًا حدود البراهين المادية.

يستخدم علماء الآثار التوراتية نصوصًا قديمة وتقنيات حديثة لمحاولة كشف أسرار واحدة من أبرز الألغاز: موقع "جنة عدن".

الجذور والبحث عن الموقع

بحسب سفر التكوين، طُرد آدم وحواء من الجنة بعدما خالفا الوصية الإلهية، حيث وُضع كروبيم وسيف ملتهب عند المدخل لحراسة المكان. لكن هذا الطرد لم يمنع علماء الدين والآثار والسياح من السعي لمعرفة الموقع الحقيقي لهذه "الفردوس الأرضي".

الكتاب المقدس قدّم أوصافًا جغرافية دقيقة نسبياً، إذ ورد أن نهرًا يتفرع من عدن ليشكل أربعة أنهار: دجلة والفرات في جنوب غرب آسيا، إضافة إلى "فيشون" و"جيحون"، اللذين لا يزال الباحثون يسعون لتحديد مسارهما. هذه التفاصيل عززت لدى القراء الأوائل قناعة بأن عدن مكان حقيقي.

يقول جويل بادن، أستاذ الدراسات الدينية بجامعة ييل، إن "العلماء حاولوا طويلاً تحديد ما إذا كان سفر التكوين يشير إلى موقع جغرافي فعلي أو إلى منطقة استُلهمت منها القصة".

بين الأسطورة والتاريخ

غالبية الباحثين المحدثين يرون أن القصة أسطورية تهدف لتفسير أصل العالم، لكن بعض علماء الآثار لا يزالون يحاولون ربطها ببيئة واقعية.

من أبرز الفرضيات:

بلاد ما بين النهرين (ميسوبوتاميا): تربط القصة بالخصوبة الاستثنائية لجنوب العراق، حيث تلاقت دجلة والفرات لتشكيل الهلال الخصيب. هذه المنطقة كانت مهدًا للحضارات الزراعية والملكية، وحدائقها الغنّاء قد تكون ألهمت قصة الجنة.

المياه المفقودة: اقترح بعض الباحثين أن نهري فيشون وجيحون كانا مجرد أودية جافة أو مجاري موسمية، مثل وادي الباطن الممتد من السعودية إلى الكويت.

الخليج الفارسي: عالم الآثار يوريس زارينس طرح في الثمانينيات فرضية غرق عدن تحت الخليج الفارسي، مستندًا إلى صور أقمار صناعية أظهرت آثار مجاري أنهار قديمة كانت تصب في المنطقة.

القراءات الرمزية

إلى جانب الطروحات الجغرافية، هناك تفسيرات رمزية. فرانسيسكا ستافراكوبولو، أستاذة بجامعة إكستر، ترى أن عدن فضاء رمزي استُلهم من حدائق الملوك القديمة ، وربما ارتبط بالقدس كمفهوم ديني. أما مارك لوتشر، أستاذ الدراسات اليهودية بجامعة تيمبل، فيعتبر أن "عدن ليست مكانًا محددًا، بل رمزًا للعالم الغربي الآسيوي القديم من شواطئ المتوسط حتى حدود الإمبراطوريات الآشورية والبابلية".

بين الإيمان والغياب الأثري

رغم غياب الأدلة الأثرية القاطعة، لا يزال الإيمان بوجود عدن حاضرًا بقوة حتى اليوم، متجاوزًا حدود البراهين المادية. فسواء كانت عدن أسطورة أو حقيقة جغرافية، تبقى رمزًا متجذرًا في المخيلة الدينية والثقافية العالمية.

يورو نيوز المصدر: يورو نيوز
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار