يبدو الأمر ككابوس وقد يحدث للكثيرين: مجهولون يسرقون صور عارية وصور جنسية من السحابة الخاصة لشابة ألمانية وينشرونها على مواقع إباحية على الإنترنت. والأسوأ من ذلك: يمكن العثور على المحتويات التي تظهرها هي وشريكها عبر غوغل بما في ذلك اسمها الحقيقي. لأن وثيقة الهوية كانت موجودة أيضا في السحابة التي تم تسريبها. واتصلت المرأة بـ HateAid وهي منظمة غير ربحية تساعد الأشخاص المتضررين من الكراهية عبر الإنترنت والعنف الرقمي.
وبمساعدتها اتصلت بالعديد من المواقع المعنية وأبلغت Google عن أكثر من 2000 عنوان يمكن العثور عليها عبر محرك البحث عن الصور. على الرغم من أن غوغل عادة ما تزيل نتائج البحث ذات الصلة إلا أن الصور ومقاطع الفيديو تظهر مرارا على الإنترنت وفي نتائج بحث غوغل وكذلك الصور المزيفة أي الصور التي تم إنشاؤها أو التلاعب بها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وتثير هذه القضية أسئلة جوهرية: إلى أي مدى يجب أن تصل حماية البيانات على الإنترنت؟ ما هي سيناريوهات التهديدات التي تواجه المستخدمين وخاصة النساء والأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم نساء وكيف يمكن التغلب عليها؟
ألمانيا 2006، غوغل تشتري يوتيوب مقابل 1.65 مليار دولارصورة من: Gero Breloer/dpa/picture allianceالمرأة التي تريد أن تظل مجهولة الهوية في التقرير الصحفي والتي يطلق عليها اسم مستعار هو "لورا" على موقع HateAid اكتشفت بالصدفة في عام 2023 سرقة ملفاتها عندما بحثت عن اسمها على غوغل . وقالت لمجلة دير شبيغل إن العثور على الصور والفيديوهات الحميمة التي لم تكن مخصصة للنشر على الإنترنت كان أشبه بالاغتصاب. وقد غيّر هذا الحادث حياة لورا بالكامل: فقد انتقلت من منزلها، وغيّرت وظيفتها وتعاني من اضطراب ما بعد الصدمة.
بعد أن فشلت المحاولات خارج المحكمة في إقناع غوغل بإزالة التسجيلات نهائيا من نتائج البحث رفعت لورا دعوى قضائية ضد الشركة في أيرلندا.
وتدعمها منظمة HateAid في ذلك. وتقول المديرة التنفيذية جوزفين بالون في حوار مع DW: "نحن نتحمل جميع التكاليف الحالية والمستقبلية في هذه القضية، لأن قلة قليلة من المتضررين يمكنهم بالفعل أن يتصوروا رفع دعوى قضائية ضد شركة مثل غوغل على مسؤوليتهم الخاصة". وهي تأمل في الحصول على حكم مبدئي لتوضيح ما إذا كانت محركات البحث ملزمة قانونيا بإزالة الصورة التي تم الإبلاغ عنها بشكل دائم من نتائج البحث حتى لو تم تحميلها مرة أخرى في مكان آخر.
تقول ماريت هانسن، خبيرة حماية البيانات وخبيرة الكمبيوتر لـ DW: "قبل أحد عشر عاما كتبت المحكمة الأوروبية العليا تاريخا في مجال حماية البيانات بقرارها المبدئي بشأن الحق في النسيان. وتسعى القضية الحالية إلى مواصلة هذا المسار". يتيح الحق في النسيان لأي شخص أن يطلب حذف بياناته الشخصية إذا استوفيت شروط معينة.
تقول هانسن، مسؤولة حماية البيانات في ولاية شليسفيغ هولشتاين إنه من منطلق اللائحة الأوروبية العامة لحماية البيانات والحق الأساسي في حماية البيانات يجب أن يظل استخدام البيانات الشخصية قابلا للتحكم ولذلك "ليس من المستغرب أن ينشأ عن ذلك التزامات على مزودي محركات البحث العالمية. ولكن يجب الآن تحديد مدى هذه الالتزامات فيما يتعلق بالصور".
لا يزال البحث عن المواقع الإلكترونية ومحتوياتها يتم بشكل أساسي عبر غوغل. كما يتزايد البحث عبر روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.صورة من: Eibner Europa/imagoولكن هل من الممكن تقنيا تصفية النتائج من نتائج البحث؟ وحسب هانسن فإن الأمر سهل نسبيا في حالة النسخ المطابقة تماما حيث تتطابق جميع ملفات الصور.
وحسب هذه الخبيرة فإن الوضع يكون أكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر بالمحتويات "المتطابقة جوهريا" التي توجد فيها اختلافات عن الأصل على سبيل المثال بسبب الاختلافات في القص والتغييرات التي تتم بمساعدة الذكاء الاصطناعي . تشرح هانسن: "هذه المسألة مرتبطة بإمكانيات البحث العكسي عن الصور التي يوفرها مختلف مقدمي الخدمة بما في ذلك غوغل". في هذه الحالة يتم تحميل الصور ويقوم محرك البحث بالبحث عن صور مشابهة وهذا يعمل في كثير من الأحيان ولكنه ليس موثوقا بنسبة 100٪، فهناك أيضا العديد من النتائج الخاطئة.
لذلك حسب هانسن يمكن لمزودي محركات البحث أن يجادلوا بأن الدقة لا تزال غير كافية للتصفية التقنية للصور المتشابهة. لكن من حيث المبدأ يجب أن تتحمل منصات مثل غوغل المسؤولية. لم ترد غوغل حتى الآن على استفسار DW بشأن القضية الحالية.
ترى HateAid في قضية لورا مثالا ليس فقط على مشاكل حماية البيانات والخصوصية على الإنترنت، بل أيضا على العنف الجنسي القائم على الصور ضد النساء والأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم إناث. وكذلك على الأرباح التي تجنيها شركات مثل غوغل من ذلك. لأن "محرك البحث يجعل المحتوى متاحا للجمهور العام ويستفيد من عدد الزيارات"، كما تقول جوزفين بالون.
وتوضح بالون قائلة: "غالبا ما تتعرض النساء والأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم من الإناث لإساءة استخدام الصور الحميمة. أو يتم إنتاج صور ومقاطع فيديو مزيفة باستخدام الذكاء الاصطناعي ولهذا لا تحتاج اليوم نظريا إلى أكثر من صورة ملفك الشخصي على LinkedIn. هذه مشكلة مجتمعية شاملة وهي آخذة في التفاقم ونرى ذلك أيضا في استشاراتنا للمتضررين".
صورة رمزية ، خطر الإباحية المزيفةصورة من: Marcus Brandt/dpa/picture allianceمن المرجح أن يكون الكثيرون على دراية بظاهرة العنف الجنسي القائم على الصور، لا سيما فيما يتعلق بالمشاهير. ففي عام 2014 وقع هجوم إلكتروني واسع النطاق على صور خاصة لنجمات معظمهن من النساء تم نشرها بعد ذلك على الإنترنت تحت عنوان ”Celebgate“. كما انتشرت صور مزيفة جنسية صريحة لنساء مشهورات مثل تايلور سويفت وجيورجيا ميلوني. لكن حالة لورا تظهر أن مثل هذا الأمر يمكن أن يحدث أيضا لأشخاص غير مشهورين.
في حين أن الحملة المرتبطة بدعواها القضائية تهدف أيضا إلى اعتبار إنشاء مثل هذه الصور المزيفة جريمة جنائية، ما لم توافق الشخصية المصورة على ذلك فإن الدعوى القضائية تهدف إلى إجبار غوغل على توفير حماية أفضل للمتضررين.
وتقول بالون: "بدون هذا المطلب سيضطر المتضررون إلى البحث عن صورهم طوال حياتهم لتقديم طلبات حذف يدوية. هذا عبء نفسي هائل لا ينبغي أن يكون موجودا".
أعده للعربية: م.أ.م
تحرير: يوسف بوفيجلين