في عصر السرعة الذي اجتاح جميع مناحي الحياة ومن بينها مجال الطبخ والعمل في المطاعم، ظهرت في السنغال حركة "الطهي ببطء"، وهي حركة تشجع على تناول طعام صحي من مصادر محلية، وتحرص على تحضيره ببطء كما كان يتم قديماً قبل استخدام آلات الطبخ الحديثة وقبل انتشار الوجبات السريعة.
وتحاول هذه الحركة، التي أنشأت عدة مطاعم ودعمت أخرى في شمال السينغال، إعادة استخدام أسس الطبخ الأصلي التي تم تجاوزها بسبب صخب الحياة اليومية، والاستفادة من العناصر الغذائية بشكل صحي باستعمال الخضار والمنتجات الخالية من المواد الكيميائية واللحوم والأسماك الطازجة.
وترى حركة الطهي البطيء أن التخفيف من تأثيرات تغير المناخ يستوجب إحداث تغيير على الغذاء الزراعي الصناعي القائم على الربح والاستغلال الواسع للموارد الطبيعية، عن طريق إعادة القيمة إلى الغذاء الصحي وطريقة الطهي التقليدية والالتزام بالاستدامة والتنوع البيولوجي.
وقد لقيت الحركة دعماً كبيراً في أوساط المزارعين والمنتجين المحليين بعد أن ساهمت أنشطتها وجهودها في الترويج لمنتجاتهم ومساعدتهم على تبني ممارسات زراعية صديقة للبيئة.
لا تستعمل مطاعم الطهي البطيء أي من الآلات الحديثة كالفرن الكهربائي أو الآلات السريعة كالمقلاة، بل إنها تعتمد على الآلات التقليدية كالقدر وعلى طرق الطهي البطيئة كالطهي على الحطب، فكلما استغرق الطهي وقتاً زادت العناصر الغذائية على ما تحتاجه لتنضج وتنسجم مع بعضها.
وتحترف هذه المطاعم إعداد الأكلات التقليدية التي تعتمد أساساً على الحبوب والأرز واللحم، كما أنها بدأت تستجيب للأذواق الشبابية بإدخال مأكولات بحرية ضمن قائمة طعامها.
ويشتري القائمون على هذه المطاعم المنتجات الطازجة التي سيستخدمونها في نفس اليوم، ليحققوا أكبر فائدة غذائية منها وليطبقوا شعار "من الحقل إلى المطبخ". ولا تحتفظ هذه المطاعم بأي شيء في المبردات، فكل ما يحضر لليوم الواحد يتم طبخه وتقديمه للزبائن.
ولا تقتصر مميزات مطاعم الطهي ببطء على الطهاة وطريقة التحضير بل إن لزبائنها أيضاً ما يميزهم من خصال قل تواجدها في الزبائن عادة وهو القدرة على الانتظار لساعات إلى حين إعداد الطعام.
مؤخراً، امتدت مطاعم الطهي البطيء من السنغال إلى دول غرب أفريقيا خاصة ساحل العاج وبوركينافاسو، بهدف الترويج للمنتجات المحلية والأكلات التقليدية التي تستلزم وقتاً طويلاً لإعدادها، ولتعزيز الزراعة العائلية ونشر الوعي بالغذاء الصحي والمستدام.
وقد حظيت ثقافة الطهي البطيء بدعم من مجموعات محلية أصبحت تتشارك في مشاريع لإنشاء مزارع مشتركة والترويج للزراعة العضوية والمنتجات الغذائية النادرة، ودعم صغار المنتجين المحليين وتوفير غذاء جيد وصحي خال من المواد الكيميائية.