منذ نشأتها، وضعت جامعة حلوان على عاتقها مسؤولية الريادة العلمية في مصر، فكانت من أوائل الجامعات التي جمعت بين التخصصات التطبيقية والفنية والبحثية في منظومة تعليمية متكاملة.
وعلى مدار خمسين عامًا، شهدت الجامعة تطورًا ملحوظًا في مجال العلوم، حيث توسعت في إنشاء الكليات والمعاهد العلمية، واحتضنت نخبة من العلماء والباحثين الذين ساهموا في إثراء المعرفة وتقديم حلول مبتكرة للتحديات المجتمعية.
لم يكن هذا التطور وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لرؤية استراتيجية واضحة، واستثمار مستمر في البنية التحتية البحثية، وتعاون مثمر مع المؤسسات العلمية المحلية والدولية. فقد نجحت الجامعة في تأسيس مراكز بحثية متخصصة، وتطوير برامج دراسات عليا متقدمة، وتعزيز ثقافة البحث العلمي بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، مما جعلها بيئة خصبة للابتكار والإبداع العلمي.
واليوم، تقف جامعة حلوان شامخة في المشهد العلمي المصري، وهي تواصل مسيرتها نحو المستقبل، مدفوعة بإرث غني من الإنجازات، وطموح لا يعرف حدودًا في خدمة العلم والمجتمع، ليكن تطوّر العلوم في جامعة حلوان على مدار خمسين عامًا يعكس التحول من التعليم التقليدي إلى منظومة علمية متكاملة تُواكب التطورات العالمية.
ففي السبعينات بدأت الجامعة بكليات أساسية منها الفنون التطبيقية والفنون الجميلة والسياحة والفنادق والتربية الفنية والتربية الموسيقية، وفي الثمانينات بدأت بكليات علمية أساسية مثل العلوم، الهندسة، ركّزت على تدريس العلوم الكلاسيكية مثل الفيزياء، الكيمياء، والرياضيات، مع اهتمام محدود بالبحث العلمي، وتأسست معامل تعليمية بسيطة لتدريب الطلاب على التجارب الأساسية.
وفي مرحلة التسعينات كان التوسع في التخصصات العلمية، أُنشئت برامج جديدة في البيولوجيا، الجيولوجيا، علوم البيئة، والتغذية، بدأت الجامعة في دعم المشروعات البحثية التطبيقية، خاصة في مجالات الصناعة والطاقة، تأسست وحدات بحثية متخصصة داخل الكليات العلمية.
وفي الألفينات شهدت هذه الفترة الانفتاح على التكنولوجيا والعلوم الحديثة، وأُدخلت تخصصات مثل علوم الحاسب، التكنولوجيا الحيوية، والميكروبيولوجيا، بدأت الجامعة في التعاون مع جهات دولية في مشروعات علمية مشتركة، تم تطوير المعامل لتشمل أجهزة تحليل متقدمة، ومحطات بحثية بيئية.
وخلال الفترة من 2010–2020 بدأت مرحلة التحول الرقمي والابتكار العلمي، وأُنشئت برامج دراسات عليا في الذكاء الاصطناعي، النانوتكنولوجي، وعلوم المواد، شاركت الجامعة في مؤتمرات علمية دولية، وزاد عدد الأبحاث المنشورة في مجلات عالمية، تم تأسيس مراكز تميز علمي في مجالات الطاقة المتجددة، والمياه، والتكنولوجيا الحيوية، وتم إنشاء مركز النانو تكنولوجي والمعمل المركزي بجامعة حلوان، وكذلك إنشاء كيانات استراتيجية بالجامعة، مثل مكتب العلاقات الدولية ومكتب الوافدين، ومركز البحوث البينية، ووحدة التصنيف الدولي، مركز الإبداع والبحث العلمي، مكتب دعم الابتكارات.
وخلال الفترة من 2020–2025 استطاعت الجامعة تحقيق الريادة العلمية والتميز الأكاديمي أطلقت الجامعة أكثر من 100 برنامج أكاديمي حديث، منها 13 برنامجًا دوليًا في العلوم والتكنولوجيا، توسعت في إنشاء مراكز بحثية متعددة التخصصات تخدم أهداف التنمية المستدامة، دعمت الابتكار الطلابي من خلال مسابقات علمية، وحاضنات أعمال، ومشروعات تخرج تطبيقية.
لقد أثبتت جامعة حلوان، عبر خمسين عامًا من العمل الدؤوب، أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل مركزًا علميًا نابضًا بالحياة، يواكب التطورات العالمية ويصنع الفارق في المجتمع المصري. من خلال كلياتها العلمية المتخصصة، ومراكزها البحثية المتقدمة، وبرامجها الأكاديمية المتطورة، استطاعت الجامعة أن تضع بصمتها في مجالات العلوم التطبيقية، والتكنولوجيا، والبحث العلمي، وأن تخرّج أجيالًا من العلماء والباحثين الذين ساهموا في نهضة الوطن.
المصدر:
الفجر