آخر الأخبار

«حصاد الردع 2025».. القوات المسلحة ترسم خريطة توازنات من «واشنطن» لـ«بكين» - الوطن

شارك

لم يكن «2025» مجرد عام عابر فى سجلات العسكرية المصرية، بل كان بمثابة «بيان عملى» شامل، أعادت من خلاله «القاهرة» تأكيد ثوابت استراتيجيتها القائمة على «الردع والتنويع»؛ فمن قاعدة محمد نجيب العسكرية فى الشمال، وصولاً إلى عمق البحر الأحمر، ومن ميادين التدريب فى الهند والصين شرقاً، إلى المياه الفرنسية غرباً، سطر رجال القوات المسلحة المصرية ملحمة تدريبية غير مسبوقة خلال عام 2025.

المتتبع لحصاد التدريبات المشتركة لرجال قواتنا المسلحة الباسلة خلال عام 2025، يرصد فلسفة القيادة العامة للقوات المسلحة فى الانفتاح على جميع المدارس العسكرية العالمية، وتأمين المصالح الحيوية للدولة فى لحظة إقليمية فارقة، بما ينعكس إيجابياً على تبادل الخبرات، والعلاقات السياسية والعسكرية بين مصر ومختلف دول العالم، عبر سياسة قائمة على التوازن مع جميع الأطراف العالمية، بما يحقق المصالح المشتركة للجميع، دون الانحياز لطرف على حساب الآخر.

تصدر مشهد التدريبات المشتركة هذا العام تدريب «النجم الساطع 2025»، الذى استضافته مصر فى الفترة من أغسطس حتى سبتمبر، ولم تكن نسخة هذا العام تقليدية، إذ شهدت مشاركة أكثر من 40 دولة، وحضوراً لافتاً للقوات الأمريكية، مما كرس مكانة مصر كمركز ثقل إقليمى لا غنى عنه.

كما احتلت منطقة شرق المتوسط أولوية قصوى فى أجندة التدريبات لعام 2025، نظراً للأهمية الاقتصادية المتزايدة لحقول الغاز والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وفى هذا السياق جاء التدريب الجوى البحرى المشترك «ميدوزا-14» فى نوفمبر الماضى، بمشاركة مصر واليونان وقبرص، وانضمام فرنسا والسعودية كشركاء رئيسيين، بما يبعث برسالة طمأنة للمستثمرين فى قطاع الطاقة، مفادها أن ثروات مصر محمية بقوة ردع لا يستهان بها.

«النجم الساطع» جمع جيوش 40 دولة فى أكبر تدريب مشترك على أرض مصر.. و«بحر الصداقة» دشن عهداً جديداً من التعاون العسكرى مع تركيا

وفى السياق ذاته، جاء التدريب البحرى «كليوباترا- 2025»، الذى نفذته القوات البحرية المصرية والفرنسية فى المياه الإقليمية الفرنسية خلال ديسمبر الجارى، ليعزز الشراكة الاستراتيجية مع باريس.

ويُعد أبرز ما ميز حصاد 2025 هو الترجمة العملية لسياسة «تنويع مصادر التسليح والتدريب»؛ فلم تكتفِ القوات المسلحة بشراكاتها الغربية التقليدية، بل فتحت آفاقاً جديدة مع القوى الآسيوية الصاعدة.

وفى مايو 2025، انطلقت مناورات «نسور الحضارة- 2» مع القوات الجوية الصينية، وهو حدث استثنائى عكس تطور العلاقات العسكرية بين «القاهرة» و«بكين»، وركز التدريب على تكتيكات القتال الجوى القريب والبعيد، وتبادل الخبرات بين الطيارين المصريين والصينيين.

ولم تغب المدرسة الهندية العريقة عن المشهد؛ حيث استضافت «نيودلهى»، فى مارس، فعاليات التدريب «إعصار-3»، الذى جمع عناصر القوات الخاصة المصرية (الصاعقة) بنظيرتها الهندية، فى تدريبات عكست مهارات فائقة للمقاتل المصرى فى أعمال الإغارة ومكافحة الإرهاب فى البيئات الجبلية والمبنية، مما يؤكد الجاهزية القتالية العالية لرجال الصاعقة فى مختلف الظروف.

ويمكن وصف التدريب البحرى «بحر الصداقة-2025»، الذى جرى فى نوفمبر الماضى، بأنه أحد أبرز الأحداث سياسياً وعسكرياً لهذا العام، فهذا التدريب المشترك بين القوات البحرية المصرية والتركية يمثل أول تعاون عسكرى ميدانى مباشر منذ سنوات طويلة، وعلامة فارقة فى عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعى، مما يعزز الأمن والاستقرار فى منطقة شرق المتوسط.

ولم يغفل المخطط العسكرى البعد العربى، باعتباره إحدى الركائز الأساسية للأمن القومى المصرى، وتجلى ذلك بوضوح فى التدريب المصرى السعودى «السهم الثاقب» فى أكتوبر 2025، كما شاركت مصر بفاعلية فى تدريب «الموج الأحمر-8» بالسعودية فى نوفمبر، بمشاركة الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وهو التدريب الذى جاء فى توقيت بالغ الحساسية لضمان أمن الملاحة فى هذا الممر المائى الحيوى، الذى يمثل شريان الحياة لقناة السويس والاقتصاد العالمى.

وأكد اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن المقاتل المصرى أثبت كفاءة استثنائية خلال التدريبات المشتركة فى استيعاب أحدث منظومات التسليح والتكنولوجيا العسكرية العالمية، سواء الشرقية أو الغربية. وأوضح أن هذه الجاهزية شملت جميع الأفرع الرئيسية والقوات الخاصة، مما يعكس قدرة القوات المسلحة على العمل بتناغم مع مدارس عسكرية مختلفة العقائد، وحماية جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة المصرية فى آن واحد وباحترافية عالية.

كما شدد اللواء العمدة، فى تصريح لـ«الوطن»، على أن هذه المناورات تمثل «رسالة سلام وقوة» من مصر للعالم، وتؤكد دورها كحصن منيع وواحة للأمن والاستقرار فى منطقة تموج بالاضطرابات. وأشار إلى أن النجاح فى تنفيذ تدريبات مع دول كبرى مثل تركيا والصين والهند يعزز من العلاقات السياسية، ويبرهن على امتلاك مصر لـ«يد ردع» قادرة على الوصول إلى أى مكان لحماية مقدرات الشعب المصرى بالتعاون مع الدول الصديقة والشقيقة.


*
*
*
*
الوطن المصدر: الوطن
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا