أجاب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عما تم طرحه من أسئلة ومداخلات خلال حضوره لقاء العمل الاقتصادي الذي عقد تحت عنوان "حول آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين مصر ولبنان"، بالعاصمة اللبنانية بيروت بمشاركة مسئولي الهيئات الاقتصادية وغرفة التجارة والصناعة بلبنان.
وفي تعقيبه على سؤال، حول العاصمة الجديدة ومردودها على النمو الاقتصادي، أشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أن مصر تعدُ دولة كبيرة جدًا، وعلى مدار التاريخ كان الجزء المعمور منها لا يتجاوز 6 ـ 7% فقط من إجمالي مساحتها، وذلك نتيجة للطبيعة الجغرافية، وظروف تركز الشعب حول نهر النيل، شريان حياة الدولة المصرية، ولكن بعد ارتفاع عدد السكان الذي يصل الآن إلى نحو 110 ملايين نسمة، أصبح لا بديل سوى الإنطلاق إلى تعمير مناطق أخرى، وتحقيق تنمية متكاملة، وبناء مستقرات بشرية متكاملة لمضاعفة الرقعة المعمورة من الدولة المصرية، وخلق فرص عمل للشباب المصري.
ولفت رئيس الوزراء إلى أنه مع تولي فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للمسئولية، وضع خطة طموحة جدًا للدولة المصرية، تقوم على أن تتضاعف الرقعة المعمورة من 7% إلى ما لا يقل عن 14% كخطوة أولى، ولم يكن لذلك أن يتحقق سوى بحزمة مشروعات متكاملة، تشمل إنشاء شبكة كاملة من الطرق ووسائل النقل الجماعي الحديثة، تربط المناطق الجديدة بالمناطق القديمة، وشبكة موانئ ومطارات حديثة على أعلى مستوى تستفيد من موقع مصر المميز وسط 3 قارات والذي يضم قناة السويس، ويطل على البحرين الاحمر والمتوسط، إلى جانب تنفيذ مشروعات استصلاح زراعي لاضافة رقعة زراعية جديدة، وإنشاء مدن جديدة للشباب المصري.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن هذه الخطة التي تبناها فخامة الرئيس ووضعها للحكومة يتابع تنفيذها بنفسه، فعندما تتوافر الإرادة السياسية يكون الأهم المتابعة والإصرار على تنفيذها وتعبئة موارد الدولة من أجل تحقيق هذا الأمر، لافتًا إلى أن العاصمة الجديدة كانت احدى هذه المدن ولكنها حوت الزخم الأكبر، فهناك نحو 30 مدينة جديدة أخرى شرعت الدولة في إنشائها في ذات الوقت، منها مدينة العلمين الجديدة على ساحل البحر المتوسط، مشيرًا إلى أن هذا الفكر التنموي وجهت له عدة انتقادات بزعم أنه يتم انفاق أموال كثيرة في تنفيذ هذه المشروعات التنموية.
وأوضح رئيس الوزراء أن مصر عام 2013 عندما حدثت ثورة 30 يونيو ثم تولي فخامة الرئيس الحكم في 2014 كان المشهد الاقتصادي بها يعكس نسبة بطالة تصل إلى 13.5% لكن الأهم كان عدد السكان الذي كان يقل عن 90 مليون نسمة، وعلى مدار 12 عامًا زاد عدد السكان بواقع 24 مليون نسمة، حيث نزيد بنحو 2 مليون نسمة كل عام، وكانت مصادر الطاقة غير كافية، وسط ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة، ولذا كان أحد أهم أهداف تبني مشروع إنشاء هذه المدن الكبيرة هو تحقيق التنمية للمدى الأشمل، ولكن على المدى القصير خلق فرص عمل للشباب المصري الذي كان يعاني من البطالة، ونتيجة لذلك، نجحت المدن الجديدة ومنها العاصمة الجديدة في توفير نحو 5 ملايين فرصة عمل، واليوم انخفضت البطالة رغم زيادة السكان، لتصل الآن إلى نحو 6.2%، وكان هذا في حد ذاته هدفًا لهذه المشروعات، حيث إن أن أحد أهم المشروعات وأكثرها تاثيرًا على توفير فرص العمل هي مشروعات الانشاءات، كما أن التجربة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية تعكس ذات التوجه، حيث كان كل هدفها تعبئة الموارد لخلق فرص عمل وبناء أوروبا وهذا هو النهج الذي تبنته مصر، فمن خلال هذه النوعية من المشروعات حققت كل هذه الأهداف بحجر واحد.
وأضاف رئيس الوزراء أنه بالتركيز على مشروع العاصمة الجديدة، فيجب الإشارة إلى أن عدد سكان القاهرة الكبرى اليوم يبلغ نحو 23 مليون نسمة، وكان لا بد من نمو العاصمة خارج المنطقة القديمة، لافتًا إلى أن تجربة إنشاء القاهرة ذاتها بدأت بالقاهرة الإسلامية ثم قيام الخديوي إسماعيل في القرن الـ 19 بإنشاء القاهرة الخديوية، والتي كانت تمثل عاصمة جديدة في هذا الوقت، مستطردًا أنه بعد ذلك بدأ نمو المدن الجديدة مثل السادس من أكتوبر والشيخ زايد والشروق، ولكن كانت القاهرة في حاجة إلى عاصمة جديدة للخروج بالحكومة ومنشآتها من قلب القاهرة إلى منطقة أكثر حداثة، وقد تبنى فخامة الرئيس هذه الفكرة؛ وبالتالي كان التوجه لإنشاء هذه العاصمة كامتداد للقاهرة الكبرى، ونجحنا في ذلك وهذه المنطقة خلال السنوات الخمس القادمة ستكون أكثر المناطق حيوية في مصر، واستكمالا لنجاحات تنمية العاصمة على مدار العصور.
وفي معرض إجابته حول تساؤل بشأن تعاون مصر مع صندوق النقد الدوليّ في برنامجها الاقتصادي، وموقفها التفاوضي القوي، من خلال قيادة محنكة وإرادة قوية، وكيفية استفادة الجانب اللبناني من هذه التجربة، استهل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إجابته بالإشارة إلى أن هناك انطباعا مستمرا يؤخذ عن صندوق النقد الدوليّ أنه يفرض شروطا معينة على أي دولة يتعامل مع برنامجها، إلا أن لدينا تجربة خاصة في مصر، تتمثل في أن البرنامج مع الصندوق هو برنامج وطني خالص وضعته الدولة المصرية، ثم بدأنا التفاوض مع الصندوق حول بنوده.
وفي هذا الإطار، أوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر وضعت منذ البداية ثوابت للبرنامج الاقتصادي المصري، مثل الإصلاحات في قطاع الطاقة على سبيل المثال، أو منظومة الدعم، والموازنة، والسياسة النقدية والمالية، فنحن من وضعنا البرنامج وبدأنا التفاوض مع الصندوق، لكن كان الاختلاف على آليات التنفيذ والتوقيتات وبعض الأرقام التي طالب الصندوق بتنفيذها بوتيرة أسرع، أو عن طريق طرح أرقام أكبر، لكن عليك أن يكون لديك ـ في الأساس ـ برنامجك الوطني، وهذا دور المؤسسات الوطنية اللبنانية في أن تضع البرنامج الذي تراه لإصلاح الاقتصاد اللبناني وبعد ذلك تذهب للتفاوض مع الصندوق.
وأضاف رئيس مجلس الوزراء: صندوق النقد هو مؤسسة نقدية ومالية، وكانت هناك اتهامات توجه إليه بأنه لا يراعي الجانب الاجتماعي، حتى أن مكون الحماية الاجتماعية وضعته الحكومة المصرية في برنامجها الاقتصادي مع الصندوق، لأنه كان لدينا رؤية مسبقة في أن الإصلاحات الاقتصادية التي سنقوم بتنفيذها سيكون لديها ثمن وأعباء من الناحية الاجتماعية، ولذا فقد وضعنا برنامجا موازيا للحماية الاجتماعية، ودعم المواطنين الأكثر احتياجا للدعم والفئات التي يمكن أن تتضرر من تلك الإصلاحات الاقتصادية.
ولفت رئيس الوزراء ـ خلال حديثه ـ إلى أن صندوق النقد دائما ما ينظر إلى استقرار الدولة، وكلما شعر بذلك أبدى مرونة أكبر، حيث إنه مع مرور الوقت في تنفيذ البرنامج، يشعر الصندوق بقدرة الدولة والحكومة على تنفيذ برنامجها ويبدأ في مناقشة المستهدفات، ومن الوارد ونحن نسير على طريق تنفيذ البرنامج أن تطرأ أحداث جديدة مثل الحرب في غزة، والتي ألقت بتداعياتها على المنطقة، كما أن هناك حدثا آخر يتمثل في تراجع إيرادات قناة السويس، وهو ما يفرض عودة التفاوض مع صندوق النقد ويكون هناك إصرار على موقفنا وتقديم وجهة نظرنا بوضوح لكي نستطيع تعديل البرنامج، بحيث لا يكون برنامجا جامدا ثابتا بل ديناميكا قادرا على أن يتواكب مع المستجدات التي تطرأ.
وشدد الدكتور مصطفى مدبولي مرة أخرى على ضرورة أن يكون هناك برنامج وطني، ويكون لديك الإصرار على التفاوض، لافتا إلى نقطة أخرى تتعلق بأن الإصلاحات الاقتصادية هي عملية "غير شعبوية"؛ فهناك قرارات سيتم اتخاذها لن ترضي الشارع في بعض الأحيان، ولا بد من التدخل على مدار فترة تنفيذ البرنامج لتعديل أي بند قد يتسبب في أي وضع يضر مستهدفاتك، كما أنه لا بد أن يكون المسئولون عن تنفيذ البرنامج الاقتصادي مع صندوق النقد على دراية بأنه من الممكن أن ينال هذا البرنامج من شعبيتهم، إلا أنه من الضروري تغليب المصلحة العامة للدولة وهو الأمر الأهم في هذا الشأن، وأن نكون مؤمنين ببرنامجنا الذي وضعناه، والذي نعي جيدا أنه يأتي لصالح بلدنا، وأن ننفذه مهما كانت التبعات و"الثمن السياسي"، ففي نهاية الأمر المواطن هو المستفيد، فقد لا يعي المواطن البسيط أنه مع هذه الإصلاحات المؤلمة التي قد تستغرق عامين أو ثلاثة أعوام سيكون وضع الدولة أفضل بكثير.
وعن كيفية خلق فرص استثمارية للشركات المصرية فى لبنان، وكذا للشركات اللبنانية فى مصر فى العديد من القطاعات الاستراتيجية، التى تمثل أهمية وأولوية للبلدين الشقيقين، وتوسيع اقامة شراكات اقتصادية فى العديد من الدول العربية والأفريقية، هذا فضلا عن كيفية دعم وتعزيز أوجه التعاون الاقتصادي بين البلدين، جدد رئيس الوزراء التأكيد على دعم مصر للدولة اللبنانية، وأن هناك أولوية قصوي لتفعيل وزيادة العلاقات والروابط الاقتصادية بين البلدين الشقيقين.
وأضاف رئيس الوزراء: استقرار ونمو ورخاء لبنان من استقرار ونمو ورخاء مصر، مؤكدًا أن هذا ليس كلاما سياسيا ولا مجاملة، بل هى حقيقة ثابتة فى سياسة الدولة المصرية، موضحًا أن ما نحتاجه لتحقيق هذه الاهداف، هو قيام القطاع الخاص فى البلدين بدوره، حيث أن دور الحكومات فى هذا الصدد، هو تيسير الإجراءات التى تسمح بزيادة حجم الاستثمارات والشراكات الاقتصادية.
وأشار فى هذا الصدد إلى ما شهده الاجتماع صباح اليوم بحضور الدكتور/ نواف سلام، رئيس مجلس وزراء الجمهورية اللبنانية الشقيقة، والوزراء من الجانبين المصري واللبناني، من طرح لبعض التحديات الإدارية التى تواجه الشركات اللبنانية ودخول مزيد من المنتجات اللبنانية إلى السوق المصرية، لافتا إلى أنه وجه على الفور بالعمل على حل مختلف هذه المشكلات، وإزالة أى معوقات إدارية، مضيفًا أنه فيما يتعلق بملف الأدوية سيتم الحصول على قائمة بمختلف الشركات والادوية اللبنانية، والعمل على أعطاء أولوية لتسجيلها ودخولها إلى مصر، وذلك من خلال التنسيق مع هيئة الدواء المصرية، المنوطة بهذا الشأن فى مصر، مؤكدًا فى هذا السياق أن هذا هو دور الحكومة، ويبقي الدور الاصلي وهو دور القطاع الخاص، مضيفا: دور الحكومة هو تهيئة مناخ الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات اللبنانية واتاحة المزيد من الشراكات بين الشركات المصرية واللبنانية فى مختلف القطاعات الكبري.
ونوه رئيس الوزراء إلى أنه فى حالة وجود وضع اقتصادي غير واضح فى بل ما، وخاصة ما يتعلق بالسياسات النقدية والمالية، فإن محاولات التشجيع للقطاع الخاص لن تؤتي جدوي، مشيرًا إلى أن ذلك هو ما كان ظاهرًا للدولة المصرية خلال العامين الماضيين، ومن هنا بدأت الحكومة فى العمل على حل مختلف المشكلات والتعامل مع التحديات التى تواجه رجال الاعمال والمستثمرين، وأصبحت الدولة المصرية من خلال مقوماتها جاذبة، وهناك اقبال كبير من مختلف الشركات على الاستثمار فى مصر.
وفى هذا السياق، أشار رئيس الوزراء إلى أن هناك دورا على مؤسسات الدولة اللبنانية، أن تحقق الاستقرار الاقتصادي، ووجود سياسات نقدية ومالية واضحة، وهو الذي من شأنه تشجيع المستثمرين على ضخ المزيد من الاستثمارات فى لبنان، قائلا:" المستثمرون المصريون سيكونون فى أول القائمة للاستثمار فى لبنان"، مضيفًا ان المستثمرين المصريين موجودين الان فى إفريقيا، وغيرها من البلدان.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن نجاح برنامج الاصلاح الذى تتبناه الحكومة اللبنانية على المدي القصير، سيؤدي إلى المزيد من جذب الاستثمارات الاجنبية إلى لبنان، موضحًا أن لبنان على مدار الفترات السابقة هى قبلة للاستثمارات الاجنبية، لكن الظروف الاستثنائية التى تمر بها، هو ما جعل هناك احجاما من عدد من المستثمرين.
وأكد رئيس الوزراء أن الاستثمارات المصرية واللبنانية لا تخدم فقط مصر ولبنان، ولكن تعد بوابة للدخول لمزيد من الاسواق الدولية، وذلك من خلال تعظيم لما لدي مصر من اتفاقيات للتجارة الحرة مع إفريقيا والاتحاد الاوروبي، والاستفادة من الاعفاءات الجمركية فى هذا الشأن، وهو ما يشجع القطاع الخاص فى كل من مصر ولبنان على مزيد من الشراكات، لافتا إلى قدرة رجال الأعمال اللبنانيين على تحقيق المزيد من النجاحات خلال الفترة القادمة، وذلك اعتمادًا على ما لديهم من خبرات ومقومات فى هذا الشأن.
وخلال الاجتماع، وجه السيد/ محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية، السيد رؤوف أبو زكي، مسئول مجلة الاقتصاد والأعمال بتحضير مؤتمر بالقاهرة بعد شهر رمضان، لتقوية الشبكات والاستثمارات (المصرية اللبنانية)، مؤكدًا تقديم الدعم الكامل لتفعيل برنامج هذا المؤتمر.
ومن جانبه أعرب السيد رؤوف أبو زكي عن سعادته بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء في بيت القطاع الخاص اللبناني، قائلًا: هذا يؤكد مدى تقديرك للقطاع الخاص سواء اللبناني أو المصري".
كما أشار إلى متابعة القطاع الخاص اللبناني عن كثب تطور الأوضاع في مصر مؤكدًا ان جميع المؤشرات الدولية والمحلية شهدت تحسنا ملحوظا في الاقتصاد المصري سواء في معدل النمو أو في استقرار العملة المصرية أو باستثمارات تأتي من الخارج خاصة من دول الخليج والتي سيكون لها أثر كبير في نمو الاقتصاد المصري.
وأضاف: نحن نعتقد أن الطاقات الكامنة في البلدين لم تستخدم بعد، لا يوجد لبناني لا يحب أن يذهب لمصر؛ ولا مصري لا يحب أن يذهب إلى لبنان، وهذا راس مال كبير يمكن استثماره لا سيما في مجال السياحة.
وتحدث أحد رجال الاعمال عن مؤشرات النمو الإيجابية بمصر في مختلف القطاعات والمستويات، مشيدًا بالنمو السريع جدًا في إنشاء الطرق والبنية التحتية والكباري، وحصول مصر على المرتبة العاشرة عالميًا فيما يتعلق بالنمو فى البنية التحتية، موجهًا سؤاله لرئيس الوزراء ماهو سر هذا النجاح في التجربة الفريدة التي حققتها مصر اخر 10 سنوات بالبنية التحتية المصرية، وفي هذا السياق عبر الدكتور مصطفى مدبولي عن سعادته بهذا التعليق والسؤال خاصة إنه تم طرحه من القطاع الخاص اللبناني، وإعجابه بالتجربة المصرية والطفرة الكبيرة في البنية التحتية المصرية، موضحًا ان البنية التحتية ليست فقط بقطاع الطاقة (الكهرباء والغاز) والطرق والنقل ووسائل المواصلات الجماعية، بل في المنظومة المتكاملة التي اشتملت على كل هذه القطاعات.
وأضاف: أن كل هذا تم من خلال تخطيط واضح برعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بضرورة تنمية الدولة المصرية بالكامل، موضحًا أن هناك رؤية واضحة ومخططا واضحا، وبدأت الدولة تدشين كافة الموارد لتنفيذ هذا المخطط.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أن السر في الاعتماد على الشركات الوطنية، ولسرعة الخطى في البداية تجاوزنا المنظومة البيروقراطية في عملية طرح واسناد المشروعات للشركات، حيث عادةً كانت تتم من خلال مناقصات ومزايدات وممارسات، لكن ما تم عمله بمثابة تجربة فريدة، باستدعاء الجهات الاستشارية بالدولة لتحديد فئات أسعار لجميع المشروعات وبناء على هذه الفئات تم اسناد الاعمال لجميع جهات الدولة سواء حكومية أو قطاع خاص، وهو ما اسفر عن تثبيت للسعر، وطرح مختلف المشروعات على جميع شركات المقاولات في مصر مهما كان حجمها ه، واسناد العمل لهم في وقت واحد وهو بمثابة النقطة الأساسية.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة خلقت مساحة للمشروعات الاستثمارية أكبر من المعتاد، بالرغم من الانتقاد فى هذا الصدد من زيادة حجم الدين المعتاد في الدولة بصورة استثنائية في هذه الفترة، ولكن هذا هو ما مكن من النجاح في انشاء بنية حقيقة داخل الدولة المصرية وبدانا نجني ثمارها، فهناك تسابق للاستثمارات الاجنبية المباشرة للاستثمار داخل مصر، وهو ما كان ليحدث دون بنية أساسية، قائلًا: "النهاردة علشان يتعمل مصنع أو مشروع كبير اول حاجه بيسال عليها المستثمر بخلاف الظروف المالية والاقتصادية؛ هل عندكم كهرباء؟ هل عندكم غاز؟ هل عندكم طرق علشان اتحرك فيها ؟ هل عندكم مواني اقدر اصدر منها ؟".
وأضاف: أن هذه البنية الأساسية لم تكن موجود في مصر بالصورة الكفء، ومن هنا ظهرت رغبة الدولة واصرارها من خلال قيادتها السياسية ببناء دولة حديثة تكون لديها كافة المقدرات، وهو عامل جذب للاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية، وقد كان وهذا هو ما تم.
ولفت رئيس الوزراء إلى التركيز على استغلال التمويلات الميسرة من المؤسسات الدولية؛ كالبنك الدولي، وبنك إعادة الاعمار الأوروبي، وبنك الاستثمار الأوروبي، مشيرًا إلى ان جميع هذه المؤسسات كانت شركاء في العمل والجهد معنا، من خلال استعراض الخطط والبدء في المساهمة، وهو ما أسهم في تمويل وانشاء المشروعات من القروض الميسرة، لافتًا إلى ان هناك منظومة كاملة عملت جانبًا إلى جنب للوصول في أسرع وقت، قائلا: "لكن تبقي الإرادة السياسية والقيادة القوية والحكيمة للدولة والمتابعة الدؤوبة على الحكومة وعلى جميع المؤسسات حتى يتم التنفيذ"، مؤكدًا من السهل أن تضع مخططا ولكن الأصعب أن تكون قادرا ولديك القدرة والإرادة على تنفيذه علي الأرض، وهو سر نجاح ما حدث في مصر.
المصدر:
الفجر