طبيب عيون بدرجة رئيس سابق.. كيف غير حادث سيارة حياة بشار الأسد؟

عودة إلى طب العيون ودروس مكثفة لتعلم اللغة الروسية .. بهذا الروتين يمضي الرئيس السوري السابق بشار الأسد أيامه في المنفى الروسي بحسب ما كشفه مقربون تحدثوا لصحيفة جارديان البريطانية في تقرير لها قبل أسبوع، فما هي قصة بشار الأسد الذي أمضي ما يقرب من ربع قرن داخل السلطة مع طب العيون، وكيف تسببت حادثة سيارة مروعة في تغيير مسارات حياته ؟

زيارة إلى التاريخ .. ملامح من الحياة في قصر الشعب قبل 30 عاماً

في عرين الأسد الأب كانت الأدوار محددة بعناية أب يرسم مسارات المستقبل لأبنائه، اختار حافظ الأسد رئيس سوريا منذ عام 1971 وحتي وفاته عام 2000 في ذلك الحين ابنه باسل الأسد ليكون وريثاً للعرش، أحسن إعداده للمهمة فدرس الهندسة المدنية ونال الدكتوراه في العلوم العسكرية، وتنقل في ثكنات الجيش ما بين سلاح المظلات والقوات الخاصة وصولاً لقيادة لواء في الحرس الجمهورى.

مصدر الصورة
باسل الأسد الشقيق الأكبر للرئيس السوري بشار الأسد

كانت تلك اختيارات حافظ الأسد لأبنه البكر.. أما الابن الأوسط بشار فلم يبدي اهتماماً لافتاً بالسلطة في مراحل الشباب، فاختار حياة مدنية ليدرس طب العيون ويتخرج في كلية الطب بجامعة دمشق وينال شهادتها عام 1988، وبدأ العمل طبيبًا في الجيش السوري، قبل أن يلتحق بعد أربع سنوات بالدراسات العليا في مستشفى ويسترن للعيون في لندن.

في قصر الأسد مرت الأيام هادئة، حتي فجر 21 يناير 1994 عندما اختلت عجلة قيادة سيارة باسل الأسد بين يديه قبل أن يبلغ مطار دمشق ، ليلقي مصرعه في الحال ، وتكشف التحقيقات أن سرعة السيارة كانت تقترب من 240 كيلو متر في الساعة ، وأن الأبن الراحل كان في طريقه إلى استقلال طائرة خاصة متجهة إلى فرانكفورت حيث كان يعتزم قضاء عطلة تزلج في جبال الألب .. مات باسل الأسد ليفقد قصر الرئيس الأب هدوءه وتتبدل الخيارات، وتنقلب حياة الابن الأوسط بشار الأسد رأساً علي عقب.

مهمة عاجلة لإعداد الوريث الجديد

بعد الحادث ، استدعت الأسرة بشار الأسد من لندن ليلتحق بالأكاديمية العسكرية في عجالة ويتولي بعد 4 سنوات من وفاة باسل مسئولية الوجود العسكري السوري في لبنان اعتباراً من عام 1998.

استغرق حافظ الأسد ستة أعوام ونصف العام لإعداد رئيس دولة بدرجة طبيب عيون ، فبجانب التحاق بشار الأسد بالمؤسسة العسكرية ، تولي رئاسة مكتب شكاوي المواطنين ليقود حملة واسعة ضد الفساد في كنف الأب ، وينال قدراً من الشعبية ، ثم تولي رئاسة جمعية الحاسب الآلي السورية التي كان لها دوراً في دخول الانترنت للبلاد ما أكسبه المزيد من الصيت في أوساط الشباب، قبل أن يرحل حافظ الأسد ، ويحقق بشار حلم أبيه ويتم انتخابه خلفاً لوالده رئيساً للبلاد في 10 يوليو 2000 ويستمر بقاءه في السلطة لحين سقوط العاصمة السورية دمشق في 8 ديسمبر 2024 .

مصدر الصورة

علي مدار 24 عاماً في السلطة، استطاع بشار الأسد أن يقدم نفسه رقماً استثنائياً في المعادلة العربية وحجز لنفسه موقعاً مميزاً فيما كان يلقب حينها بـ« محور الممانعة » قبل أن تهب علي دمشق رياح ربيع 2011 وتنزلق دمشق في دوامة الفوضى ويخوض الجيش السوري مواجهة متعددة الجبهات مع مرتزقة من كل أجناس الأرض ويولد علي التراب السوري تنظيم داعش الذي نال من قدرات سوريا الأمنية والعسكرية وأرهق مؤسسات الدولة لتصبح البلاد بمرور الوقت ساحة مفتوحة لحلفاء ووكلاء ومسلحين وأرضاً خصبة للحروب بالوكالة التي انتهت بـ سقوط العاصمة السورية دمشق في 8 ديسمبر 2024 ، ليبدأ السوريين عهداً جديداً بقيادة الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع ، ويختار بشار الأسد العاصمة الروسية موسكو ملاذاً آمناً حيث كفلت له روسيا ما اسمته حينها بـ حق اللجوء الإنساني.

الأسد في ضيافة القيصر .. شائعات كثيرة وحقائق غائبة

منذ وصوله العاصمة الروسية موسكو ، أحاطت السلطات الروسية حليفها بشار الأسد بسياج من الكتمان، إلا أن الشائعات والتسريبات لم تترك بشار الأسد وقرينته أسماء الأخرس ، فما بين شائعة ظهوره المتكررة التي كان بطلها الـAI والتقارير الإعلامية التي انتشرت عن محاولة تسميم بشار الأسد ، وما أشيع عن مرض زوجته ، تضاربت المعلومات وتشابكت الحقائق بالأكاذيب.

وفي تقرير لها ، حاولت صحيفة جارديان البريطانية قبل أسبوع أن ترسم صورة أقرب للحقيقة عن حياة بشار الأسد في موسكو حيث تواصلت مع أصدقاء ومقربين من الرئيس السابق لمعرفة كواليس يومه وتفاصيل حياته في المنفي الروسي.

ربما يهمك ..

ونقلت الصحيفة عن صديق لـ «الأسد» قوله أنه «يدرس اللغة الروسية ويُراجع معلوماته في طب العيون. إنها مهنة يحبها، ومن الواضح أنه ليس بحاجة إلى المال لكنه يبحث عن شغفه القديم ، ومن الممكن أن تكون النخبة الثرية في موسكو من بين زبائنه».

مصدر الصورة
بشار الأسد وقرينته فى جولة أوروبية قبل العزل

وكشف مقربين أن عائلة بشار الأسد تعيش حياة هادئة ومنعزلة في موسكو أن العائلة من المرجح أن تقيم في حي روبليوفكا الراقي، وهو مجمع سكني مسوّر يقطنه نخبة موسكو، وفقًا لمصدرين مطلعين على الوضع. هناك، يختلطون بشخصيات بارزة مثل الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش ، الذي فرّ من كييف عام 2014 ويُعتقد أنه يقيم في المنطقة.

وقال مصدر مقرب من الكرملين إن الأسد أصبح «غير ذي أهمية» إلى حد كبير بالنسبة لبوتين والنخبة السياسية الروسية. وأضاف المصدر: لا يتسامح بوتين مع القادة الذين يفقدون قبضتهم على السلطة، ولم يعد يُنظر إلى الأسد كشخصية مؤثرة أو حتى كضيف مرغوب فيه على مائدة العشاء.