تناقش لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية بمجلس الشيوخ، برئاسة النائب أحمد أبو هشيمة ، مشروع قانون مقدم من الحكومة ب حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، تمهيدا لمناقشته في الجلسة العامة.
ويأتي مشروع القانون، انطلاقا من أحكام الدستور المصري الصادر عام 2014 ، ولاسيما المواد (215، 216، 217)، التي أرست نظاماً متكاملاً للهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية باعتبارها أشخاصاً اعتبارية عامة تتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، وتباشر اختصاصاتها على نحو يضمن حيادها ونزاهتها وفاعليتها؛ فقد جاء هذا المشروع استجابة لهذا الالتزام الدستوري، وضمانًا لممارسة النشاط الاقتصادي في إطار من الشفافية والمنافسة الحرة.
وحسب المذكرة الايضاحية لمشروع القانون الذي تنفرد بها "اليوم السابع" يأتي هذا المشروع تطويرًا للقانون رقم (3) لسنة 2005 بشأن حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، في ضوء ما كشف عنه التطبيق العملي من الحاجة إلى تعزيز صلاحيات جهاز حماية المنافسة وتحديث أدوات إنفاذ القانون بما يتسق مع الممارسات الدولية، ويكفل تحقيق التوازن بين حرية ممارسة النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار المنصوص عليهما في المادة (27) من الدستور، وبين واجب الدولة في منع الممارسات الاحتكارية وصون آليات السوق من التشويه أو الانحراف.
ومن أبرز ما جاء به المشروع أنه نص لأول مرة على منح جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية سلطة توقيع جزاءات مالية إدارية على الأشخاص الاعتبارية المخالفة، عملا بما استقر في بعض الأنظمة المقارنة المتطورة، وبما يحقق الردع العام والخاص دون المساس بضمانات التقاضي، ويعزز من سرعة وكفاءة الاستجابة للانحرافات في السوق، مع فصل نظام الجزاءات المالية الإدارية عن العقوبات الجنائية بالنسبة للجرائم الضارة بالمنافسة.
كما حرص المشروع على تنظيم اختصاصات جهاز حماية المنافسة ونظام عمله وشئون أعضائه (شاغلي الوظائف الرقابية)، على نحو يكفل لهم الحيدة والاستقلال، تنفيذا لحكم المادة (216) من الدستور.
الباب الأول: تناول الأحكام العامة، فضم التعريفات الأساسية التي تفسر مصطلحات القانون وتزيل ما قد يعتري تطبيقه من غموض، كما حدد نطاق سريانه ليشمل الأفعال التي ترتكب داخل الدولة، وكذلك الأفعال الواقعة في الخارج متى ترتب عليها أثر ضار بالمنافسة داخل السوق المصري.
الباب الثاني: عالج الأفعال والأنشطة التي من شأنها منع حرية المنافسة أو تقييدها أو الإضرار بها، سواء اتخذت شكل اتفاقات أفقية بين المتنافسين، أو اتفاقات رأسية بين الموردين والموزعين، كما بين متى يتحقق الوضع المسيطر والممارسات المحظورة المرتبطة به وحدد ضوابط الإعفاء من نطاق الحظر بالنسبة للاتفاقات أو الممارسات المنسقة التي تهدف إلى تحقيق كفاءة اقتصادية، إذا ثبت أن من شأنها تحقيق منفعة للمستهلك تفوق آثار الحد من المنافسة.
الباب الثالث: تناول التركزات الاقتصادية، محددًا صورها الخاضعة لواجب الإخطار، كما قرر حظر بعض أنواع التركز التي يترتب عليها سيطرة مفرطة أو تقييد جوهري للمنافسة. ومبينا آلية التنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية بالنسبة للتركزات التي تقع في نطاق الأنشطة الخاضعة لإشرافها تحقيقا لتكامل الأدوار بين الأجهزة الرقابية.
الباب الرابع خصصه المشروع للإجراءات التصحيحية والجزاءات المالية الإدارية، فبين ضوابط توقيعها، وآجال تقادمها، وأسس التظلم منها، كما نظم اللجنة المختصة بالفصل في التظلمات الصادرة بشأنها، ضمانًا للتوازن بين فاعلية الجهاز في إنفاذ القانون والضمانات اللازمة للمخاطبين بأحكامه.
الباب الخامس: تناول جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، محددًا أهدافه واختصاصاته وتشكيل مجلس إدارته وشروط العضوية فيه، وآلية اتخاذ القرارات، فضلاً عن موارده المالية. كما نظم القانون تشکیل و اختصاصات اللجنة العليا لدعم سياسات المنافسة والحياد التنافسي لضمان اتساق السياسات العامة للدولة مع مبادئ المنافسة الحرة.
الباب السادس: أفرد لتنظيم أوضاع أعضاء الجهاز وضمانات استقلالهم، فبين ماهية وظائفهم وشروط شغلها وطرق تعيينهم وآليات تقييم أدائهم وأسس ترقياتهم وأجورهم وسائر حقوقهم وأوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحيدة والاستقلال في أداء دورهم الرقابي.
الباب السابع والأخير تناول العقوبات الجنائية وأحوال تطبيقها، محددًا نطاقها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين الذين يرتكبون الجرائم المنصوص عليها في القانون بما يحقق الانسجام بين النظامين الإداري والجنائي ويضمن تناسب العقوبة مع جسامة الفعل.
وعلى هدى من ذلك جميعه؛ فإن هذا المشروع يعد إطارا تشريعيًا متكاملاً لحماية المنافسة وترسيخ مبادئ السوق الحر المنضبط، وتعزيز بيئة تنافسية عادلة وجاذبة للاستثمار، تسودها الشفافية وتكافؤ الفرص وتمكن جهاز حماية المنافسة من أداء دوره الدستوري والقانوني بفاعلية واستقلال، وعلى نحو يتكامل مع السياسات العامة للدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وصون حقوق المستثمرين والمستهلكين
المصدر:
اليوم السابع