احتفلت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أمس الخميس باليوم العالمي للطفل الموافق 20 نوفمبر من كل عام، مؤكدة أن حماية الأطفال ليست مجرد التزام أخلاقي، بل واجب قانوني أصيل نصّت عليه اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني.
وعكست جهود الدولة المصرية اهتمام حقيقي بحقوق الطفل، حيث أولى دستور 2014 اهتمامًا واضحًا بحماية حق الطفل في الحياة والبقاء والنمو، وضمان الرعاية الصحية والتعليم، وحمايته من جميع أشكال العنف والإهمال والاستغلال، إلى جانب حقه في الهوية والأوراق الثبوتية والرعاية الأسرية أو البديلة، وحماية الأطفال ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع.
وعزز قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وتعديلاته بالقانون 186 لسنة 2023 هذا الإطار من خلال توفير حماية شاملة للطفل وضمان مصالحه الفضلى، وتجريم مختلف أشكال العنف والتمييز والإساءة، مع تأكيد حق الطفل في التعبير عن رأيه والاستماع إليه. كما جاء قانون مواجهة التنمر رقم 189 لسنة 2020 لتشديد العقوبات على المتنمرين وحماية الأطفال من العنف النفسي والجسدي.
وقد اتخذت الدولة المصرية خطوات واسعة لتعزيز الحماية الاجتماعية للأطفال من خلال برامج ومبادرات عملية، منها خط نجدة الطفل 16000 للتدخل السريع في حالات الإساءة والعنف، وبرنامج تكافل وكرامة الذي يستفيد منه نحو 6.8 مليون طفل مع زيادة الالتزام بالحضور المدرسي إلى 81%، ومبادرة أطفال بلا مأوى التي قدمت الرعاية لأكثر من 23 ألف طفل في 13 محافظة، إلى جانب الحملات التوعوية ضد زواج القاصرات وعمالة الأطفال، والتوسع في التغذية المدرسية، ودمج الأطفال ذوي الإعاقة في التعليم، والمبادرات الصحية مثل 100 مليون صحة. وأسهمت هذه الجهود في تقدم مصر بالمركز 28 عالميًا في مؤشر حقوق الطفل لعام 2024، ما يعكس تحسنًا في الحقوق الصحية والتعليمية والحماية، وتعزيز البيئة التمكينية للطفل.
ومع هذه الإنجازات، ما زالت بعض التحديات قائمة، أبرزها استمرار عمالة الأطفال في بعض المناطق، وارتفاع معدلات التسرب المدرسي، وانتشار زواج القاصرات، بالإضافة إلى العنف الأسري وسوء المعاملة، والحاجة لتعزيز خدمات الأطفال ذوي الإعاقة وضمان دمجهم الفعّال في المجتمع والتعليم.
ولا يمكن أن نغفل عن المخاطر التي يتعرض لها الأطفال في مناطق النزاعات، وخاصة في فلسطين والفاشر بالسودان، حيث يتعرضون للقتل والإصابة والتشريد، ويفقدون التعليم والرعاية الصحية، مع آثار نفسية جسيمة نتيجة فقدان الأسرة والمأوى حيث تشير التقارير الأممية إلى أن نحو 473 مليون طفل حول العالم يعيشون في مناطق نزاع نشط، فيما وثقت الأمم المتحدة أكثر من 41 ألف انتهاك خطير ضد الأطفال في النزاعات المسلحة عام 2024.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي والجهات الوطنية والإقليمية إلى وقف جميع الانتهاكات ضد الأطفال فورًا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وتأمين ممرات آمنة للأطفال، وحماية المدارس والمستشفيات كمؤسسات مدنية محمية، ووقف تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة، وإعادة دمجهم في برامج دعم نفسي واجتماعي، وتعزيز الاستثمار في الصحة النفسية والتعليمية للأطفال المتأثرين بالحروب، ودعم جهود حقوق الإنسان والمجتمع المدني في الرصد والتوثيق ونشر الوعي بحماية الطفل.
ومن جانبه، أكد المستشار عصام شيحة – رئيس المنظمة أن تحسين أوضاع الأطفال في مصر يتطلب تعزيز سياسات الحماية الاجتماعية، وتوسيع برامج الدعم التعليمي والصحي، وتفعيل آليات الرصد والمتابعة، لضمان بيئة آمنة تعزز حقوق جميع الأطفال دون تمييز.
وعلي المستوى الدولي يجب ألا يدفع الأطفال ثمن صراعات لم يختاروها، وأن حماية حقوقهم واجب إنساني وقانوني يضمن مستقبلهم وكرامتهم، وفق اتفاقية حقوق الطفل (1989) والبروتوكولات الإضافية لاتفاقيات جنيف التي تكفل حماية خاصة للأطفال أثناء النزاعات المسلحة.
المصدر:
اليوم السابع