تحدثت المخرجة إلديكو إنيدي خلال محاضرة بعنوان شاعرية الواقع، على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية ، ويديرها الناقد السينمائي محمد طارق، المدير الفني للمهرجان، منذ قليل، وكشفت إنيدي قائلة: قلت لا لعروض إنتاجية كثيرة، وهذه هي البطاقة الأخيرة التي احتفظ ولن أشارك في مشروع دونها، على كل مخرج أن يعرف ما هو مريح له وما هي الظروف التي تسمح له بالإبداع بحرية.
وأضافت إنيدي قائلة: الأمر ليس مجرد مسألة شعور بعدم الراحة تحت السيطرة، بل استحالة العمل بشكل جيد، حتى أورسون ويلز قال قبل وفاته إنه لو أخرج فيلماً ‘عادياً’ لهوليوود، لكان سيخفق.
عن التمويل تحدثت إنيدي قائلة: الحصول على المال لأي مشروع معجزة، على سبيل المثال فيلمي الأول كان شبه مستحيل التمويل، ولو تطلب الأمر أي تنازل، كنت سأغادر وأبحث عن باب آخر.
أما عن الأدوات، فكشفت إنيدي قائلة: اليوم حرية اختيار أسلوب وتقنية الفيلم رائعة، لقد عشت مراحل مختلفة بين الرقمي والشريط السينمائي، وفي فيلم Silent Friend استخدمنا شريط 16 ملم بعد أكثر من 30 عاماً، وكان شعوراً مذهلاً، كما تعاملنا مع الرقمي بنفس الاحترام، وجربنا إمكانياته كجزء من التعبير الفني.
وأضافت إنيدي قائلة: لا أسعى لأحدث الأدوات دائماً، فهي تتقدم بسرعة، وبطبيعة كل فيلم أنه رحلة مجهولة تعتمد على زملائك، وأنا أختار ما يثير حماسي ويخدم المشروع.
تأتي هذه الجلسة تكريمًا للمخرجة والكاتبة الهنغارية البارزة إلديكو إنيدي، إحدى أهم الأصوات الأوروبية وأكثرها تفردًا وخيالًا، والتي يمنحها المهرجان هذا العام جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر تقديرًا لمسيرتها الإبداعية الغنية.
تُعرف إنيدي بقدرتها الاستثنائية على ابتكار لغة سينمائية شاعرية تمزج بين الواقع والخيال، وتُحول أبسط اللقاءات البشرية إلى تأملات فلسفية عميقة حول الحب والزمن والوجود. وقد أثرت السينما العالمية بمجموعة من الأعمال التي أصبحت علامات بارزة، من بينها: "My Twentieth Century" الحاصل على جائزة الكاميرا الذهبية من كان 1989، "On Body And Soul" الحاصل على الدب الذهبي من برلين 2017 ومرشح لاحقا للأوسكار، و"Silent Friend" أحدث أفلامها والذي عرض في مهرجان فينسيا 2025.
وتفتح إنيدي خلال المحاضرة نافذة على رحلتها الإبداعية التي امتدت لعقود، متحدثة عن افتتانها بثنائية الرؤية والوجود، وعن بحثها الدائم عن التوازن بين الخيال والصدق الفني، مؤكدة أن السينما في جوهرها فعل قائم على التعاطف وخلق الدهشة.
وتُعد هذه المحاضرة فرصة نادرة للجمهور للقاء واحدة من أهم المبدعات في السينما المعاصرة، والتعرّف عن قرب على رؤيتها الفريدة التي أعادت تشكيل مفهوم الشاعرية البصرية في السينما الأوروبية والعالمية.
أُطلقت أيام القاهرة لصناعة السينما كمنصّة مخصصة لدعم وتطوير الصناعة السينمائية في العالم العربي وأفريقيا، من خلال توفير فرص التمويل والتدريب والتشبيك بين صُنّاع الأفلام والخبراء الدوليين. تضم الأيام عدة برامج ومحاور رئيسية أبرزها: ملتقى القاهرة السينمائي، منتدى المحترفين، وورش العمل المتخصصة. وقد أصبحت اليوم إحدى أهم الفعاليات المهنية في المنطقة، لما تقدمه من فرص حقيقية لتطوير المشاريع والمواهب الناشئة.
يُعد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أحد أعرق المهرجانات في العالم العربي وأفريقيا، وأحد أبرز المهرجانات الدولية المعتمدة من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF). تأسس عام 1976، ويقام سنويًا تحت رعاية وزارة الثقافة. يحرص المهرجان في كل دورة على الجمع بين البعد الفني والبعد المهني، ما يجعله منصة رئيسية للحوار بين الثقافات وتعزيز حضور السينما العربية على الساحة الدولية.
المصدر:
اليوم السابع