تتكرر وقائع استغلال الأطفال في التسول بشكل مؤسف على أيدي شبكات منظمة، حيث تستغل بعض السيدات، خاصة من الخارجات عن القانون، الأطفال للقيام بأعمال التسول في الشوارع، وأحيانًا تتعرض هذه الأطفال للضرب والاعتداء من قبل هؤلاء الأشخاص.
وعلى غرار المشاهد التي تظهر في فيلم "العفاريت"، تم الكشف مؤخرًا عن نشاط شبكات نسائية تستخدم الأطفال في أعمال التسول بنطاق محافظتي القاهرة والجيزة.
في خطوة حازمة، لم تقف وزارة الداخلية مكتوفة الأيدي أمام هذه الوقائع، حيث تابعت بحرص مكثف هذه الشبكات النسائية، وتمكنت الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بقطاع الشرطة المتخصصة من ضبط تسع سيدات، من بينهن خمس سيدات يحملن معلومات جنائية، بتهمة استغلال الأطفال في التسول وبيع السلع بطريقة إلحاحية على المارة.
كان برفقة هؤلاء السيدات 16 طفلًا من المعرضين للخطر، حيث كانوا يُجبرون على التسول وبيع السلع في ظروف غير إنسانية، وهو ما يعرضهم لمخاطر كبيرة تهدد حياتهم ومستقبلهم.
وخلال المواجهة، اعترفت السيدات بنشاطهن الإجرامي، مؤكدة أن الأطفال كانوا أداة لتحقيق مصالحهن الشخصية دون أي اعتبار لحقوق الأطفال أو سلامتهم. وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاههن، مع الحرص على حماية الأطفال وتأمين مستقبلهم.
تم تسليم الأطفال إلى أولياء أمورهم الذين ثبت أهليتهم، وأخذ التعهد اللازم منهم بحسن رعاية الأطفال، فيما تم التنسيق مع الجهات المعنية لإيداع الأطفال الذين تعذر الوصول إلى أولياء أمورهم إلى دور الرعاية المختصة، وذلك للحفاظ على سلامتهم وتوفير بيئة آمنة لهم.
من الناحية القانونية، تنص المادة 90 من قانون الطفل على عقوبات رادعة لكل من يستغل الأطفال في التسول أو استغلالهم بأي شكل من الأشكال. وتصل العقوبة إلى الحبس والغرامة المالية، وقد تشمل أيضا التدابير الإصلاحية التي تهدف إلى حماية الطفل وإعادة تأهيله.
كما تضع القوانين إطارًا صارمًا لمنع استغلال الأطفال في أي نشاط غير قانوني، سواء كان تسولاً أو عملًا قسريًا، مع التركيز على إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال وتأمين حقوقهم الأساسية في التعليم والحياة الكريمة.
تشير هذه الضبطيات إلى جهود وزارة الداخلية المتواصلة في مكافحة استغلال الأطفال وحمايتهم من الانحراف والاعتداء، عبر تكثيف الحملات الأمنية والتنسيق مع الجهات الاجتماعية والقضائية، في إطار سياسة شاملة تستهدف القضاء على ظاهرة استغلال الأطفال في التسول والأنشطة الإجرامية.
يبقى الأمل معقودًا على تضافر جهود المجتمع لمكافحة هذه الوقائع التي تهدد مستقبل الأطفال، وتعمل على استغلال براءتهم في قضايا لا طائل منها سوى الإضرار بهم وبمجتمعهم.