قال علاء شلبي عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان المصرى ورئيس المنظمة عربية لحقوق الإنسان، إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يشكل تحولا تاريخيا، فمن ناحية باتت نصف الدول الأوروبية تقريبا تعترف بالدولة الفلسطينية وهذا أمر بالغ الأهمية لما لأوروبا من وزن سياسي واقتصادي، وكذا تاريخي وحضاري بحكم الجوار والتلاقح بين الحضارتين الأوروبية والعربية.
وتابع "شلبي" فى تصريحات له: "اعترفت فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا وموناكو والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال، بعد الخطوة الشجاعة التي اتخذها كل من إسبانيا وإيرلندا والنرويج العام الماضي، ومن ناحية ثانية، يقترب عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية من حاجز ١٦٠ دولة عضو في الأمم المتحدة، وهو ما يعني أن عدد الدول المعترفة بفلسطين يقارب جدا عدد الدول التي تعترف بإسرائيل.
وأكد عضو القومى لحقوق الإنسان، أنه سيكون لاعتراف ألمانيا المنشود أثر هائل في تطوير الموقف الأوروبي، حيث تعد ألمانيا بين الدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي التي سيؤدي اعترافها لتحول كاسح في السياق الأوروبي، وفي هذا الصدد أيضا لابد من الإشادة بالدور القيادي لفرنسا والسعودية في أخذ زمام المبادرة، وتحقيقهما هذا النجاح غير المسبوق.
وأشار "شلبي": "يكتسب هذا التوقيت أهمية كبرى لأنه يواجه محاولات الاحتلال تقويض حقوق الشعب الفلسطيني عبر الرفض المطلق لمبدأ حل الدولتين، وهو ما يفسر لنا تركيز الرئيس السيسي والقيادة المصرية منذ مؤتمر ٢١ أكتوبر ٢٠٢٣ على أهمية الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو المطلب الذي عملت عليه بقوة البعثة المصرية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك طوال الفترة من أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى انعقاد مؤتمر حل الدولتين صيف ٢٠٢٥".
وتابع رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان؛ أن "يشكل هذا الاعتراف في توقيته ضغطا قويا على الاحتلال وداعميه، ويفاقم من العزلة السياسية للحكومة الفاشية التي تقود الاحتلال، وتعلن رفضها لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على ترابه المحتل في العام ١٩٦٧، وتسعى لتحقيق التهجير القسري لسكان غزة خارج أراضيهم، وهو ما يؤدي تلقائيا إلى تهجير قسري لاحق لسكان الضفة والقدس المحتلتين، وبالتالي تقويض فرص تطبيق قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين على أرض الواقع، وهو ما يفسر براعة القيادة المصرية في التنبؤ المبكر واجهاض مخططات الاحتلال".
وأكد أن التوقيت بالغ الدلالة، حيث يترجم عمليا تحول المزاج العالمي نحو دعم حقوق الشعب الفلسطيني والتعاطف مع قضيته العادلة، والقضاء المبرم على أثر الخديعة الصهيونية التي تقدم الاحتلال باعتباره ضحية الإبادة الجماعية، وهي الجريمة الأفظع التي يرتكبها الاحتلال ويجري بثها على الهواء.
وأشار "شلبي" إلى أن القرار يفاقم من عزلة الاحتلال، ويسمح بتعظيم التدابير والعقوبات عليه بشكل مضاعف، وهو ما يحاصر أيضا داعميه سياسيا ويكشف زيف مواقفهم من الناحية الأخلاقية، ويصب كل ذلك في مضاعفة الضغط لوقف جريمة الإبادة الجماعية وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأكد "الحقوقى" أن هذا الاعتراف سيدعم مكانة القيادة الفلسطينية، ويمنحها تلقي الدعم الاقتصادي العالمي خارج أطر الحصار الإسرائيلي الذي بات يصادر نحو 5 مليارات دولار أمريكي من أموال السلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ما فاقم الضغوط المعيشية على قرابة ٦٠ بالمائة من أبناء الشعب الفلسطيني. ولا يوجد مراقب واحد متخصص في الشئون الفلسطينية والإسرائيلية لديه ذرة تفاؤل تجاه حكومة الفاشية الدينية الصهيونية التي تحكم إسرائيل وتقودها نحو الهلاك. والأسوأ أن الخلافات بين النخبة السياسية الإسرائيلية لا يتعلق بحق الفلسطينيين في تحرير أراضيهم وإقامة دولتهم، لكنها تتعلق بكيفية التعامل مع الأزمة وإدارتها".
وأما عن الموقف الأمريكي قال "شلبي" أنه لا يحقق فارقا، فبعد ١٦ شهرا من تخاذل إدارة بايدن السابقة في وقف الفظاعات الإسرائيلية، تتحكم المسيحية الصهيونية ذات الطبيعة الفاشية في مواقف إدارة ترامب الحالية، ويكفي النظر إلى تصريحات السفير الأمريكي لدى إسرائيل "هاكابي " للتوصل لهذه الحقيقة المرة. ولذا فإن الأمل يبقى في موقف جماعي دولي حازم يستجيب للقانون الدولي وتصحبه تدابير عملية سياسية واقتصادية جادة، وهذا الموقف الدولي يستدعي عمل جماعي عربي قوي يستخدم الموارد العربية للتأثير في المواقف الدولية وفي واشنطن أيضا.
وختم علاء شلبي قائلا: "تبدو الاستفادة الفلسطينية المباشرة محدودة، وخاصة من الزاوية السياسية والاقتصادية، فإن تعظيم الاستفادة ومواكبة التحركات المصرية والغربية والدولية يتطلب بشكل فوري إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، وتلبية الخطة المصرية التي باتت الخطة العربية والإسلامية لإعادة الإعمار والتعافي المبكر".