مصدر الصورة
لم يقتصر نشاطهم على هدم قيم ومبادئ الأسرة والمجتمع المصري من أجل جمع الأموال، بل انخرطوا أيضًا في ارتكاب جرائم من شأنها التأثير سلبًا على الاقتصاد الوطني والنسيج المجتمعي.. إنهم ما يُطلق عليهم بـ"مشاهير التيك توك"، الذين نجحت الأجهزة الأمنية في ملاحقتهم وضبط العشرات منهم وتقديمهم للعدالة.
وكشف مصدر أمني – في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء – أن حجم غسيل الأموال المرتبط بضبط عدد من "مشاهير التيك توك" كبير للغاية، مشيرًا إلى أنه تجاوز ربع مليار جنيه في نحو 6 قضايا فقط، فيما يجري حصر باقي القضايا من خلال التحقيق مع بقية صناع المحتوى الذين أُلقي القبض عليهم.
وأكد المصدر أن التحقيقات أثبتت تهم غسيل الأموال بحق عدد من صناع المحتوى المقبوض عليهم، ومن بينهم ستة أشخاص بلغت المبالغ التي تم رصد غسلها من خلالهم أكثر من ربع مليار جنيه.
وأوضح أن تحريات الأجهزة الأمنية المختصة أسفرت عن قيام المتهمين بغسل الأموال المتحصلة من نشاطهم غير المشروع في إنشاء وإدارة صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، واستخدامها في نشر مقاطع فيديو تتضمن الاعتداء على قيم ومبادئ المجتمع، بهدف زيادة نسب المشاهدة وتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة، بالمخالفة للقانون.
وأضاف أن التحريات أثبتت محاولتهم إخفاء مصدر تلك الأموال وإضفاء الصبغة الشرعية عليها، وإظهارها وكأنها ناتجة عن كيانات مشروعة، من خلال تأسيس أنشطة تجارية، وشراء العقارات والأراضي الزراعية والسيارات.
وتُعرف جريمة غسل الأموال أو ما يُطلق عليها (تبييض الأموال)، بأنها عملية تحويل الأموال المتحصلة بطرق غير قانونية إلى أموال نظيفة وقابلة للتداول في النشاطات العامة؛ وذلك عبر أساليب تُخفي وتُغطي المصادر التي جُنيت منها تلك الأموال. وتمر الجريمة بثلاث مراحل أساسية: الإيداع، التمويه، والدمج.
وتعمل الأجهزة الأمنية المختصة على مواجهة تلك الجرائم نظرًا لآثارها السلبية الكبيرة على الاقتصاد؛ فبينما قد يرى البعض أنه لا فرق بين الأموال القذرة والنظيفة، وأن الأخيرة يمكن استغلالها في دعم التنمية، إلا أن الواقع يثبت أن هذه الأموال تُضعف قدرة السلطات على تنفيذ السياسات الاقتصادية بكفاءة، وتؤدي إلى رفع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار، وزعزعة استقرار سوق الصرف الأجنبي، وإحداث خلل في توزيع الموارد والثروة داخل الاقتصاد، فضلًا عن توجيه الموارد نحو استثمارات غير مجدية على حساب الاستثمارات المنتجة، مما يهدد الاستقرار المالي والمصرفي، ويعرض البورصات لخطر الانهيار.
ولا تتوقف خطورة الأموال القذرة عند آثارها الاقتصادية فقط، بل تمتد إلى المجال السياسي، حيث تؤدي إلى انتشار الفساد السياسي والإداري واستغلال النفوذ، والإضرار بسمعة الدولة خاصة أمام المؤسسات المالية الدولية، فضلًا عن تمكين المجرمين من النفاذ إلى مناصب حساسة، واستغلال الأموال المغسولة في تمويل الإرهاب.
أما على الصعيد الاجتماعي، فتُسفر جرائم غسل الأموال عن آثار سلبية متعددة، من بينها تعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، وصعود فئات دنيا إلى قمة الهرم الاجتماعي، وانتشار الفساد الوظيفي والرشوة وشراء الذمم، مع غياب فرص العمل الحقيقية، مما يزيد من معدلات البطالة ويخفض الأجور، ويؤدي إلى تدهور مستوى المعيشة.
وجدير بالذكر أن القانون رقم (17) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم (80) لسنة 2002، نص على عقوبات مشددة لمكافحة هذه الجريمة، وذلك لمواجهة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفقًا للأطر الدولية، بما يسهم في رفع التقييمات الممنوحة لمصر من قِبل المنظمات الإقليمية والدولية المختصة بتقييم نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وتنص المادة (14) من القانون على أن يُعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 7 سنوات، وبغرامة تعادل مثلي الأموال محل الجريمة، كل من ارتكب أو شرع في ارتكاب جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في المادة (2).
كما يُعاقب كل من علم أن الأموال أو الأصول متحصلة من جريمة أصلية، وقام عمدًا بتحويلها أو نقلها بقصد إخفاء حقيقتها أو مصدرها أو مكانها أو صاحبها أو صاحب الحق فيها، أو تغيير طبيعتها، أو الحيلولة دون اكتشافها أو عرقلة التوصل إلى مرتكب الجريمة الأصلية.
ويُعد أيضًا مرتكبًا لجريمة غسل الأموال كل من اكتسب المتحصلات أو حازها أو استخدمها أو أدارها أو حفظها أو استبدلها أو أودعها أو ضمنها أو استثمرها أو تلاعب في قيمتها أو أخفى أو موّه حقيقتها أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو ملكيتها أو الحقوق المرتبطة بها.
ويُحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأموال المضبوطة، أو بغرامة إضافية تعادل قيمتها في حالة تعذر ضبطها أو التصرف فيها لغير حسن النية.