قال السفير ماجد عبد الفتاح، مندوب جامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة، إن العديد من المقررين الأمميين واللجان الفرعية المعنية بمتابعة الأوضاع الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، توصلوا إلى استنتاجات تؤكد أن هناك أفعالاً ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية تُرتكب على الأرض نتيجة استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأوضح عبد الفتاح، خلال مداخلة ببرنامج "ستوديو إكسترا"، المذاع على قناة "إكسترا نيوز"، ويقدمه الإعلاميان شادي شاش ونانسي نور، أن محكمة العدل الدولية أصدرت مرتين أوامر احترازية تُلزم إسرائيل باتخاذ إجراءات عاجلة، من بينها فتح المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية، والتوقف عن دفع الفلسطينيين نحو الهجرة القسرية، بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح.
وأشار إلى أن المقررين الخاصين المعنيين بالأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى عدد من خبراء مجلس حقوق الإنسان، أكدوا أن الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب بحق المدنيين الفلسطينيين تشكل خرقًا فاضحًا للقانون الإنساني الدولي.
وأكد السفير أن مسألة المساءلة القانونية عن هذه الانتهاكات يجب أن تتم عبر مجلس الأمن الدولي، "لكن إسرائيل تتمتع بحماية كاملة من الولايات المتحدة داخل المجلس، ولذلك لا يُتوقع في هذه المرحلة أي تحرك فعال نحو محاسبتها".
ورغم ذلك، شدد عبد الفتاح على أن هذه العراقيل "لن تمنعنا من مواصلة جهودنا لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، وفي مقدمتها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتنفيذ حل الدولتين، الذي ترفضه إسرائيل حاليًا وتسعى عبر اقتحام غزة والسيطرة على الضفة الغربية إلى القضاء عليه نهائيًا".
وقال ماجد عبد الفتاح، إن بلورة موقف عربي موحد تجاه قضايا الأمن الإقليمي لم تحدث خلال القمة العربية الإسلامية التي عُقدت مؤخرًا في قطر، بل بدأت ملامحه تتشكل في الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية الذي عُقد في 4 سبتمبر بالقاهرة.
وأوضح السفير، أن الاجتماع شهد تقديم مبادرة ومشروع قرار مشترك من مصر والسعودية، تحت عنوان: "الرؤية المشتركة للأمن الجماعي والتعاون في المنطقة"، مشيرًا إلى أن هذا القرار، ورغم أهميته، لم يحظَ بتغطية إعلامية كافية، لا سيما في الإعلام المصري، لأنه طُرح تحت بند "ما يستجد من أعمال"، ولم يُدرج ضمن البنود الرئيسية لاجتماع الجامعة.
وأكد عبد الفتاح أن هذه المبادرة تعكس رغبة مصرية-سعودية واضحة وصريحة في تعزيز مفاهيم الأمن الجماعي العربي، والتصدي للتحديات والتهديدات المشتركة، ووضع آليات تنفيذية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأضاف أن العمل جارٍ حاليًا على صياغة هذه الآليات التنفيذية، التي تستند إلى مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ومنها: احترام السيادة الوطنية، عدم التدخل في الشؤون الداخلية، حسن الجوار، المساواة في الحقوق والواجبات، إضافة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.
كما شدد على أن من أبرز أهداف المبادرة هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967.
وأشار عبد الفتاح إلى أن هذه المبادرة تم تضمينها في الوثيقة الختامية الصادرة أمس في القمة العربية الإسلامية بالدوحة، كما وردت أيضًا في مخرجات القمة الخليجية التي عُقدت صباح اليوم نفسه، ما يعكس وجود دفع عربي جديد نحو مزيد من التنسيق والوعي الجماعي.
واختتم السفير تصريحه بالتأكيد على أن مجلس التعاون الخليجي قرر عقد اجتماعات منتظمة في إطار الأمن الجماعي الخليجي، مضيفًا: "نأمل أن نرى آليات تنفيذية حقيقية، تمكّننا من وقف التهور والعبث الإسرائيلي في التعامل مع قضايا العالم العربي."