أثار فيديو متداول لطفلة (9 سنوات) أثناء تحضيرها لإجراء عملية "تكميم معدة" جدلًا واسعًا خلال الساعات الماضية، بعدما أظهر المقطع خوفها من دخول غرفة العمليات، وسط تعليقات متباينة بين من اعتبر الأمر "جريمة طبية" لخطورة هذا النوع من الجراحات على الأطفال، وبين من دافع بحجة معاناتها من سمنة مفرطة قد تهدد حياتها بمضاعفات خطيرة في المستقبل.
بدوره، أوضح الدكتور هشام عبد الله، استشاري جراحات السمنة والمناظير، والذي أجرى العملية الجراحية للطفلة، أن قرار التدخل الجراحي جاء بعد تقييم شامل لحالتها الصحية.
وقال في تصريحات لمصراوي: "الطفلة تعاني من تقوس بالساقين تسبب في خشونة مبكرة بمفصل الركبة، وكان من المقرر خضوعها لجراحة إصلاح التقوس، إلا أن طبيب العظام رفض إجرائها بسبب زيادة وزنها المفرطة".
وأضاف عبدالله أن "الطفلة أجرت فحوصات وتحاليل خاصة بالغدد الصماء، تبيّن أن حالتها لا ترتبط بأي خلل هرموني، وأنها غير قادرة على إنقاص وزنها بالطرق التقليدية، ما جعل جراحة التكميم الحل الطبي الوحيد لتفادي تدمير المفصل في سن مبكرة".
وذكر أن "هذه المضاعفات حدثت لحالات بين الأطفال، إذ يتم تغيير مفصل الركبة في سن صغير".
وأضاف عبد الله أن البعد النفسي كان حاضرًا في قرار التدخل، إذ تعاني الطفلة من ضغوط نفسية شديدة وصلت إلى حد رفضها الذهاب للمدرسة بسبب تنمر زميلاتها، مشددًا على أن الفريق الطبي بكامله كان على دراية تامة بأبعاد حالتها، وأن كل الخطوات أُجريت وفقًا للمعايير الطبية المتعارف عليها.
وعلّق على الجدل المثار قائلاً: "من الطبيعي أن يُثار نقاش حول مثل هذه العمليات، لكننا كأطباء نتعامل مع حالة طبية محددة بأبعادها ومضاعفاتها"، مؤكدًا أن نقابة الأطباء لم تتواصل معه بشكل مباشر، "لكن في حال رغبوا بالتحقق من أي شيئ فنحن على استعداد كامل، أنا ناشر على صفحتي مش عامل حاجة في الخفاء".
بدورها، أكدت الدكتورة إيناس شلتوت، أستاذ أمراض السكر والسمنة بكلية الطب – قصر العيني، ورئيس الجمعية العربية لدراسة أمراض السكر، أن جراحات إنقاص الوزن للأطفال لا تُجرى إلا وفق ضوابط صارمة وبعد استنفاد جميع الوسائل الأخرى.
وقالت شلتوت في تصريحات لمصراوي أن "أدوية التخسيس، بما في ذلك الحقن المخصصة لذلك، لا يُسمح باستخدامها إلا من سن 12 عامًا فأكثر، بينما ما زالت الأبحاث جارية حول استخدامها من سن 6 سنوات، لكنها لم تحصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية حتى الآن. وبالتالي، فإن كل من هم دون 12 عامًا لا يُتاح لهم سوى النظام الغذائي والرياضة فقط".
وأوضحت أن إجراء جراحات السمنة للأطفال يبدأ من عمر 13 عامًا بشرط أن يكون الطفل قد خضع لتقييم شامل، مؤكدة أنه "لا بد أن يُعرض الطفل على فريق طبي متكامل يشمل أخصائي تغذية، وطبيب جهاز هضمي، وطبيب غدد صماء للتأكد من عدم وجود أسباب أخرى للسمنة، بالإضافة إلى طبيب نفسي لتقييم حالته النفسية والسلوكية، فالسمنة لدى الأطفال قد تكون مرتبطة بعوامل نفسية أو بسلوكيات غذائية خاطئة".
وتابعت: "من المهم معرفة طبيعة عادات الطفل الغذائية؛ فإذا كان يعتمد على تناول كميات كبيرة من السكريات أو الحلويات أو المشروبات الغازية، فلن تحقق عملية التكميم أي جدوى، إذ أن نسبة نجاح هذه العمليات لا تتجاوز 50% في بعض الحالات، فضلًا عن المضاعفات المحتملة على المعدة والمريء بعد الجراحة".