استعرض النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة السكان، تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية، والشئون الدستورية والتشريعية، عن مشروع قانون مُقدَّم من الحكومة بشأن بعض الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، وإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - الإيجار القديم - ، ومشروع قانون آخر مُقدَّم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها.
وأشار إلى أن اللجنة قد بحثت وتدارست مشروع القانون المقدم من الحكومة، والذي جاء تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا المُشار إليه، ويهدف بشكل أساسي إلى إنهاء هذا الملف الشائك وفق أسس دستورية وقانونية، روعي فيها مقتضيات العدالة والتوازن بين حقوق وواجبات كافة الأطراف المعنية. وقال إن اللجنة وافقت على مشروع القانون، تأسيسًا على أن صيغته النهائية جاءت بعد الاستماع إلى كافة الآراء والمقترحات التي دارت خلال جلسات الحوار المجتمعي، حيث راعت الحكومة أن يكون محققًا لتوازن دقيق بين متطلبات الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وبين ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من مبادئ دستورية حاكمة للعلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وأضاف أنه بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية بجلسة 9/11/2024، ورغم أن محل النزاع في الدعوى المُشار إليها كان ثبات القيمة الإيجارية، إلا أن المحكمة أكدت في حكمها الأخير على الطبيعة الاستثنائية المؤقتة لقوانين الإيجار، مهما طال أمدها، وأقرت حق المشرع في التدخل لتنظيم "الامتداد القانوني لعقود الإيجار" وكذا "تحديد القيمة الإيجارية"، باعتبارهما من خصائص القوانين الاستثنائية التي يجوز للمشرع مراجعتها دون أن يكون ذلك حكمًا مطلقًا من أي قيد. وذكرت في حيثيات حكمها:
"أن البين من استصفاء الأحكام الآمرة في القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى – التي لم يخرج عليها القانون رقم 136 لسنة 1981 السالف البيان – انطواؤها على خصيصتين رئيسيتين؛ أولاهما: الامتداد القانوني لعقود إيجار هذه الأماكن، والأخرى: التدخل التشريعي في تحديد أجرتها، وكلتاهما لا تستعصي على التنظيم التشريعي، ولا يعد حكمها مطلقًا من كل قيد. فالامتداد القانوني لعقود الإيجار المذكورة حدد نطاقًا بفئات المستفيدين من حكمه دون سواهم، فلا يفيد منه غير المخاطبين به..."
وتابع: بالرغم من تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية منذ إقرار هذه القوانين، خاصة في ظل أزمة الإسكان التي شهدها عام 1996، والتي دفعت المشرع إلى إصدار القانون رقم 4 لسنة 1996، بخضوع عقود الإيجار بعد العمل به لأحكام القانون المدني، إلا أن المشرع لم يتدخل آنذاك لمواجهة إشكاليات العقود القديمة السابقة عليه، نظرًا لعدم قدرة الدولة حينها على توفير سكن بديل. أما الآن، ورغم الوفرة العقارية، فقد التزمت الدولة بتوفير وحدات سكنية بديلة لجميع المستأجرين المتضررين من الزيادات الإيجارية قبل انقضاء المدة المقررة (سبع سنوات) لتحرير العلاقة الإيجارية. وهو ما يعبر عن استجابة مرنة وعملية لمصالح الطرفين، ويسمح بتصفية المراكز القانونية القائمة بشكل تدريجي ومبسط، دون مسوغ للتعدي على ملكية الأفراد.
وأكد أن مشروع القانون قد تلافى ثغرات القوانين السابقة، حيث أرسى قواعدًا جديدة لإعادة تقييم القيمة الإيجارية، تستند إلى معايير موضوعية تراعي طبيعة المنطقة، وتاريخ إنشاء العقار، ومستوى البناء، والخدمات المتاحة، مع وضع آلية تدريجية للزيادة السنوية تضمن عدم الإضرار المفاجئ بالأوضاع الاجتماعية، وفي الوقت ذاته تمهد لاستعادة التوازن العقدي بصورة عادلة ودستورية.
واختتمت اللجنة بأنها، بناءً على ما تقدم، اطمأنت إلى أن تدخل المشرع يمثل تنظيمًا للامتداد القانوني لعقود إيجار الأماكن، كما أقرته المحكمة الدستورية العليا في أحكامها، لاسيما الحكم الأخير. فـالامتداد القانوني مؤقت بطبيعته، سواء بتحديد مدة زمنية تنتهي بعدها العقود (وفقًا لمشروع القانون)، أو بربطه بوقائع معينة كالوفاة أو التخلي عن العين المؤجرة (وفقًا للقوانين القائمة). وبالتالي، فإن تحديد مدة زمنية للامتداد لا يُعد إخلالًا بأحكام المحكمة، بل هو إعمال لاختصاصات السلطة التشريعية في اختيار البديل الأنسب تحقيقًا للمصلحة العامة، في ضوء المتغيرات الدستورية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة.
يقدم المشروع معالجة جادة ومتدرجة للاختلالات المزمنة في منظومة الإيجارات القديمة، التي أفرزت أوضاعًا غير متوازنة أضرت بحقوق المالكين وقيدت حرية التصرف في الملكية الخاصة، دون مبرر اجتماعي أو اقتصادي لهذا الامتداد غير المحدود – كما أكده بوضوح حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في 9 نوفمبر 2024 (الدعوى رقم 24 لسنة 20 قضائية دستورية).