فى زمن أصبحت فيه ضغطة زر قادرة على بناء مؤسسات أو هدم سمعة، تزداد الجرائم الإلكترونية حضورًا فى المشهد الأمنى والاجتماعي.
لم تعد الجريمة حكرًا على الأزقة أو الشوارع، بل تسللت إلى الشاشات، واختبأت خلف شيفرات معقدة وأسماء وهمية.
من اختراق الحسابات البنكية وسرقة البيانات الشخصية، إلى التشهير والابتزاز ونشر الشائعات، تتعدد أشكال الجرائم الرقمية، لكن القاسم المشترك بينها هو الضرر النفسى والمادى الذى قد يدمر ضحاياها دون طلقة واحدة.
المفارقة أن الجانى قد لا يغادر مقعده، لكنه يعبث بأمن الأفراد والمؤسسات، ويُربك الاقتصاد، ويزرع الخوف فى المجتمع.
وخطورة تلك الجرائم لا تكمن فقط فى سهولة تنفيذها، بل فى صعوبة تتبع مرتكبيها، خاصة مع استخدام أدوات إخفاء الهوية والتشفير.
القانون لم يغفل هذا التطور، إذ أقر قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والذى نصّ على عقوبات قد تصل إلى السجن المشدد وغرامات مالية كبيرة، بحسب طبيعة الجريمة وخطورتها.
فعلى سبيل المثال، يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنتين كل من ارتكب جريمة اختراق بريد إلكترونى أو موقع إلكترونى خاص، وتصل العقوبة إلى السجن المشدد والغرامة إذا نتج عن ذلك تهديد الأمن القومى أو الإضرار بمصالح الدولة.
بين شاشة وموقع، تظل الجرائم الإلكترونية خطرًا غير مرئى، لكنها ليست بلا أثر، ولا تمر بلا عقاب. فى عالم افتراضى يتسارع يومًا بعد يوم، يظل الوعى الرقمى درعًا لا غنى عنه.