من المشهد الافتتاحي لمسلسل ظلم المصطب ة، يضعنا الصناع أمام نموذج فريد في بناء الصراع الدرامي، حيث ينكشف التنافس المحتدم بين "حمادة" (فتحي عبد الوهاب) و"حسن" (إياد نصار) حتى قبل أن تُعرض الشخصيات بالكامل.
هذا الاختيار الجريء في كشف الصراع منذ البداية – بعيدًا عن التدرج التقليدي – نجح في جذب المتلقي إلى قلب الأحداث، ليكتشف لاحقًا أن محور هذا الصراع هو "هند" (ريهام عبد الغفور).
ما يلفت في العمل هو براعة توظيف الشخصيات فكل منها ليس مجرد أداة لتطوير الحبكة، بل كيانًا مستقلًا له دوافعه وحياته الخاصة، مما يضفي عمقًا على الصراع.
"هند" ليست مجرد امرأة تتأرجح بين رجلين، بل شخصية معقدة تعيش تناقضًا صارخًا بين التمرد الداخلي والخوف الظاهر ، وهو ما عبّرت عنه ريهام عبد الغفور بإتقان من خلال تلوين صوتها، إيماءات جسدها، ونظرات عينيها التي تقول ما لا يُقال.
أما فتحي عبد الوهاب ، فيجسد شخصية "حمادة" بقوة تختبر حدودها حين تواجه التهديد. إنه يقدم انفعالات مقتصدة تعكس صراع القوة مع الخوف من فقدان الهيبة بينما يبرز إياد نصار في دور "حسن" كطرف يدرك ضعفه، لكنه يحوّله إلى تحدٍ يظهر بين الحين والآخر من خلال ردود أفعال مدروسة، وأحيانًا بصمتٍ يعبّر أكثر من الكلام.
لا يتوقف تميز المسلسل عند السرد أو الأداء، بل يمتد إلى الواقعية التي تضفيها أماكن التصوير الحقيقية، بعيدًا عن الاستوديوهات، مما يعزز مصداقية الأحداث.
"ظلم المصطبة" يقدم لنا ثلاثية تمثيلية نادرة (عبد الوهاب، نصار، عبد الغفور) ترفع سقف الجودة، وتثبت أن الدراما يمكنها أن تكون فنًا راقيًا حين تُختزل الصراعات الإنسانية بهذا العمق.
هذا العمل ليس مجرد مسلسل، بل درس في كيفية تحويل الصراع البشري إلى فن يُشاهد بتركيز، ويُحلل باهتمام، حيث يُكشف النقاب عن الصراع قبل الشخصيات، ليصبح المتلقي شريكًا في تفكيكه.
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025