آخر الأخبار

إخوان السودان في مواجهة عاصفة "التصنيف الأميركي"

شارك
ترامب يعتزم تصنيف الإخوان منظمة إرهابية أجنبية

بعد إيوائه أسامة بن لادن عام 1991 وعشرات العناصر المتطرفة من عدد من بلدان العالم، ومنحه استثمارات ضخمة لتلك المجموعات، حول تنظيم الإخوان السودان إلى قاعدة وشريان حياة للتنظيم العالمي.

فكيف سيؤثر التصنيف الأميركي المحتمل على تنظيم الإخوان في السودان، وما انعكاسات ذلك على الأوضاع الداخلية الحالية؟

تزامنت سيطرت تنظيم الإخوان على السلطة في عام 1989، مع شروع العديد من دول الإقليم في القضاء على نفوذ الإخوان ووقف أنشطتهم المدمرة في تلك الدول، لكن بعد أقل من عامين على تمكنه من كل مفاصل الدولة الأمنية والاقتصادية والسياسية في السودان، حشد التنظيم لمؤتمر عالمي.

المؤتمر عقد في الخرطوم، في الفترة من 25 وحتى 28 أبريل 1991، عرف باسم " المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي" وحشد له أكثر من 500 شخصية متطرفة من مختلف 45 بلدا.

ووفر التنظيم دعما لوجستيا كبيرا لنشاط عناصر متطرفة من عدد من بلدان المنطقة، مما مكنها من استخدام السودان ممرا لوجستيا للحركة والسلاح، ورسّخ بالتالي موقع السودان كنقطة انطلاق لعملياتٍ لاحقة ذات أثر إقليمي ودولي. كما وطد التنظيم علاقته مع إيران باعتبارها حليفا استراتيجيا.

وتمكن التنظيم خلال السنوات الماضية من توسيع قاعدته المالية والعسكرية، واستفاد التنظيم من شبكاته الواسعة داخل الأجهزة الأمنية، لدعم التطرف الخارجي.

كما عززت الشعارات الجهادية التي رفعها نظام الإخوان في حرب الجنوب خلال الفترة ما بين 1990 و 2005 من نفوذه الخارجي.

ويرى مراقبون أن القرار الأميركي المرتقب بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية سيكون له تأثير واسع وسريع على الأوضاع الداخلية في السودان حيث سينهي التأثير الكبير للإخوان في حاضر، ومستقبل، السودان، وسيدفع خطوات التعافي بعد إفساد التنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية خلال العقود الثلاث الماضية.

ويشيرون إلى أهمية إنهاء دور أذرع وتيارات التنظيم الخفية والظاهرة والمتمثلة في عدد من المنظمات والأجسام السياسية والمدنية والعسكرية والأمنية، وهو ما سيفسح المجال أمام إنهاء هيمنة التنظيم ونفوذه الكبير داخل مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية والاقتصادية، ويوفر بالتالي فرصة كبيرة لانجاح التحول المدني.

بداية الانطلاقة العالمية

شكل تنظيم الإخوان للمؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في تسعينات القرن الماضي الذي رفع شعار"بلورة أنشطة المسلحين الإسلاميين المتشددين"، بدايات قيادة تنظيم الإخوان في السودان لأنشطة التنظيم العالمي المتطرفة والتي توالت لاحقا، ما أدى إلى إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب لفترة استمرت 27 عاما، قبل أن تتمكن الحكومة المدنية التي تم تشكيلها برئاسة عبدالله حمدوك في أعقاب سقوط نظام الإخوان في أبريل 2019، من شطب اسم السودان من القائمة التي عزلته دوليا وكبدته خسائر قدرت بمئات المليارات من الدولارات.

ويشير الأكاديمي المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عبد المنعم همت إلى الدور الكبير الذي لعبه تنظيم الإخوان في السودان في تجميع أنفاس التنظيم العالمي، ويقول لموقع "سكاي نيوز عربية": "لعبت الحركة الاسلامية السودانية دورا محوريا في تجميع أنفاس التنظيم العالمي للإخوان وحلفائه عبر توفير ملاذ آمن لعناصر تلك التنظيمات وإعادة بناء شبكاته حيث استضافت أسامة بن لادن وقيادات القاعدة بين 1991 و1996، ما مكنهم من تأسيس بنى مالية ولوجستية استخدمت لاحقا في عمليات إرهابية دولية".

ويضيف: "تحولت الخرطوم تحت حكم الإخوان إلى محطة خلفية لعناصر الجماعات المتطرفة من دول المنطقة".

جوازات وأعمال عابرة للحدود

عقب انعقاد المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي، فتح التنظيم أبواب السودان للمئات من العناصر الإرهابية من دول المنطقة التي انخرط بعضها في معسكرات تدريب أقامها أسامة بن لادن في شرق السودان وقرب العاصمة الخرطوم.

وبعد انتهاء فترات تدريبهم، منح السودان العشرات من تلك العناصر جوازات سفر مكنتهم من التحرك نحو تنفيذ عمليات إرهابية عابرة للحدود.

وظلت المحاكم الأميركية تلاحق السودان لسنوات لدوره في إيواء أسامة بن لادن ودعمه لوجستيا قبل أن يتحول إلى أفغانستان التي انطلق منها تنظيم القاعدة لتنفيذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في نيويورك والتي أدت إلى مقتل الآلاف من الأميركيين والأجانب.

الحرب توطد مخاوف الارتباط

زادت الحرب الحالية المستمرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023؛ من خطر ارتباط التنظيم بمجموعات عالمية متطرفة مشابهة، خصوصا مع بروز الدور الكبير الذي لعبته أجنحة التنظيم المسلحة مثل كتيبة البراء في الحرب.

ومنذ بداية الحرب، ظهرت كتيبة البراء والميليشيات الأمنية التي شرع التنظيم في بنائها منذ بداية التسعينيات، وجند لها آلاف الشباب لحمايته وخصص لها مليارات الدولارات وزودها بتجهيزات عالية ومنحها صلاحيات كبيرة؛ ومكنها من إنشاء مؤسسات اقتصادية ضخمة استفاد منها في دعم مالية التنظيم وفي تقوية تلك المليشيات، ذات الارتباطات الخارجية.

وينبه المحامي كمال الأمين إلى أن "خطورة الإخوان تكمن في إنهم منظمة إرهابية بالميلاد وعابرة للحدود الجغرافية للدول".

انعكاسات داخلية

اعتبر تحالف "صمود" أن الطريق نحو السلام في السودان يمر عبر تحميل هذه الجماعة مسؤولية إشعال الحرب وإطالة أمدها ومحاسبتها على كل ما اقترفته من جرائم.

وقال إن السودان "دفع الثمن الأكبر لإجرامهم حين رزح تحت حكمهم لثلاثين عاماً، حيث قسموا البلاد ونشروا الحروب وارتكبوا جريمة الإبادة الجماعية، وتعرضت النساء والأقليات الدينية لانتهاكات واسعة وممنهجة".

ووفقا للمحلل السياسي صلاح شعيب فإن التحرك الأميركي سيضع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أمام تحدي الابتعاد الكلي عن الحركة الإسلامية بالقدر الذي يجعله متصالحاً مع الرغبة الاميركية لحماية نفسها استباقياً من الإرهاب، وكذلك خلق استقرار طويل الأمد لحلفائها في المنطقة.

وينظر شعيب إلى تداعيات التصنيف الأميركي المحتمل، من زاوية اعتماد البرهان على التنظيم كحاضنة عسكرية وإعلامية له خلال الحرب الحالية وقبلها في تنفيذ انقلاب 25 أكتوبر 2021.

ويرى شعيب أن صدور التصنيف سيحد من قدرة البرهان على المراوغة، موضحا "في حال إذعان البرهان لقرار واشنطن بتنفيذ الخطة الرباعية فإن هذا الموقف سيجعله في مواجهة مكشوفة مع التيارات الإسلامية الذي هددت مرارا بزواله، أما في حال رفض القرار فإنه سيفتقد دعم حلفائه الإقليميين، وبالتالي تحجيم قدرة الجيش في الاستمرار في الحرب، وعزل حكومته دوليا واقليميا".

تفكيك لم يكتمل

يقول الخبير والمستشار في الأمم المتحدة أحمد التجاني: "منذ استيلاء تنظيم الإخوان على السلطة، لم يكن السودان أمام انقلاب عسكري تقليدي، بل أمام عملية استيلاء متعددة الطبقات استهدفت قلب الدولة بمؤسساتها، مواردها، مجتمعها، توازناتها، وذاكرتها السياسية.... لم يتعامل التنظيم في الدولة ككيان وطني؛ بل أرادت احتكارها، تحويلها إلى ملكية خاصة، توزيع مفاصلها على شبكات الولاء، وتقسيم اقتصادها على الشركات الأمنية، وتسليم مواردها لقطاعٍ تنظيمي يتحرك خارج القانون والميزانية".

وبعد أشهر من تشكيل الحكومة المدنية في نهاية 2019، بدأت اللجنة التي شكلت لتفكيك شبكات تنظيم الإخوان الاقتصادية والأمنية والإعلامية؛ في تفكيك تلك الشبكات واسترداد أصول بمليارات الدولارات إلا أن الأمر لم يكتمل لسببين تمثل الأول في عمق تمكين تلك الشبكات؛ فعلى عكس البلدان التي مرت بتجارب مشابهة وسعت شعوبها للتخلص من الإخوان ووقف طموحاتهم الإرهابية المدمرة؛ كان الأمر مختلفا تماما في السودان الذي شهد تمكينا كليا للإخوان في كافة مفاصل الدولة المدنية والأمنية بعد وصول التنظيم للسلطة في 1989 كأول جماعة إخوانية تسيطر على الحكم بشكل كامل في العالم العربي.

أما السبب الثاني فيتمثل في العقبات الداخلية وقصر مدة عمل اللجنة التي ألغى انقلاب البرهان في أكتوبر 2021 مهمتها وزج باعضائها في السجون.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا