بين شواهد القبور وتلال الرمال، يعيش عشرات الفلسطينيين ممن شردتهم الحرب بلا مأوى، بعدما لجأوا إلى المقابر بحثاً عن الأمان.
ففي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تحولت مقبرة قديمة إلى ملاذ قاسٍ للنازحين، حيث تتقاسم العائلات المكان مع الموتى منذ شهور، في مشهد يلخص عمق المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب المستمرة منذ عامين.
فقد تحولت شواهد القبور إلى مقاعد وطاولات لعائلات تعيش مع أطفالها في مقبرة مغبّرة تحت أشعة الشمس في مدينة خان يونس جنوب القطاع، حيث تأوي المقبرة نحو 30 عائلة.
لكن حتى بين الموتى، لا أمان هناك فقد قصفت القوات الإسرائيلية عدداً من المقابر خلال الحرب، بحسب الأمم المتحدة وجهات مراقبة أخرى.
وقالت ميساء بريكة، التي تعيش مع أطفالها منذ خمسة أشهر في إحدى المقابر "عندما تغرب الشمس، يشعر الأطفال بالخوف ولا يريدون الخروج. لدي أربعة أطفال صغار، وهم يخافون من الكلاب التي تجوب المكان ليلاً... ومن الموتى أيضاً"، وفق ما نقل تقرير لوكالة "أسوشييتد برس".
وخلال الحرب، دُفنت الجثث في كل مكان ممكن، حتى في ساحات المستشفيات. ووفق العادة الفلسطينية، تُدفن العائلات قرب أحبّائها، إلا أن المعارك مزّقت هذا التقليد.
ومع وقف إطلاق النار، بدأ البحث عن المفقودين، بينما تتابع العائلات دفن القادمين الجدد، وغالباً لا تُغطى قبورهم بالإسمنت بل بالرمل فقط، محددة بحجارة صغيرة.
وتضغط إسرائيل على حماس لتسليم رفات الرهائن، بينما ينشر مسؤولو الصحة الفلسطينيون صوراً مروّعة للجثث التي تعيدها إسرائيل على أمل أن يتعرف عليها ذووها.
فيما آخرون يبحثون بين ركام الدمار الهائل عن أجساد لم يتمكنوا من دفنها خلال القتال.
وارتفع عدد قتلى الحرب في غزة إلى أكثر من 68,800 شخص، بزيادة مئات الضحايا منذ بدء وقف إطلاق النار، نتيجة انتشال الجثث العالقة تحت الأنقاض.
وأُجبر معظم سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص على النزوح بسبب الحرب المستمرة منذ عامين بين حماس وإسرائيل.
ومع سريان وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عاد البعض إلى ما تبقى من منازلهم، فيما لا يزال آخرون مزدحمين في مناطق صغيرة خارجة عن السيطرة الإسرائيلية.
    
    
        المصدر:
        
             العربيّة