آخر الأخبار

إل باييس: لقاء مع فلسطيني خارج غزة محاصر بالصورة والذاكرة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في تقرير نشرته صحيفة "ال باييس" الإسبانية، سلطت الكاتبة راكيل مارتي الضوء على مأساة الفلسطينيين من غزّة الذين فاجأتهم الحرب خارج القطاع، ومعاناتهم الطويلة من البعد عن أسرهم في ظل ظروف إنسانية قاسية وتحديات يومية قاهرة.

وقالت الكاتبة إنه في يوم السبت، جاء حسن إلى منزلها للاحتفال بـ"وقف إطلاق النار في غزّة" الذي أُعلن مؤخرا؛ فمنذ وصوله إلى إسبانيا قبل أكثر من سنة ونصف، لم تتح له فرصة اللقاء كثيرا.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 موقع إسرائيلي: طالب فلسطيني يكتب كلمات وداعه الأخير لغزة
* list 2 of 2 موقع إيطالي: حفتر اشترى مروحيات من جنوب أفريقيا رغم الحظر end of list

وأشارت مارتي إلى أن حسن انضم، فور وصوله لإسبانيا، إلى برنامج الحماية الدولية لطالبي اللجوء، وبعد 6 أشهر من الدعم المالي والسكن الحكومي، عاد إلى مدريد بحثا عن عمل.

صورة حية لمعاناة الغزيين في الخارج

ويوضح التقرير أن حسن، وهو اسم مستعار حفاظا على هويته، يمثل صورة حية لمعاناة كثير من الغزيين الذين وجدوا أنفسهم خارج أرضهم في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023 ، ومنذ ذلك التاريخ مُنعوا من العودة.

كان حسن، وفقا لمارتي، يعمل خارج غزة حين وقع طوفان الأقصى، حيث كان قد أصبح من القلائل الذين حصلوا على تصريح عمل خارج القطاع بعد أكثر من سنتين على قائمة الانتظار الإسرائيلية.

وفي ذلك الوقت، كانت غزّة تسجل أحد أعلى معدلات البطالة في العالم، وكانت غالبية السكان تعتمد على المساعدات الإنسانية. وبعد شهرين فقط من عمله وتسديد ديونه، اندلعت الغارات على القطاع، لتقلب حياته رأسا على عقب.

لم يستطع العودة

وذكرت الكاتبة أن حسن قرر العودة إلى غزّة، فشرع في رحلة طويلة قضى خلالها شهورا عالِقا في رام الله ، قبل أن يعبر إلى الأردن ، ومن ثم إلى مصر على أمل الدخول عبر معبر رفح والالتحاق بعائلته، إلا أن المعبر كان مغلقا. ومع استحالة تأمين مقومات الحياة في مصر، تمكن في النهاية من الوصول إلى إسبانيا.

وقالت إن حسن أراها خلال الجلسة مقاطع فيديو أرسلها له أخوه من مدينة غزّة "يوم أمس"، تظهر منزله المدمّر: مبنى من عدة طوابق بُني لإيواء الإخوة وعائلاتهم في شقق منفصلة، وهو أمر شائع في غزّة، لكن حين تُقصف هذه المباني، تختفي عائلات بأكملها. الدمار شامل: لا سقف، والقذائف اخترقت كل طابق، والجدران بالكاد قائمة، والسلم معلّق في الهواء.

إعلان

سألته الكاتبة: "هل ستعودون إلى غزة؟". فأجاب: "من الخطير السكن هناك كما هو الوضع، خصوصا للأطفال. حتى لو غطّوا الفتحات بألواح وبلاستيك، لن يكون العيش ممكنا في الشتاء".

وقالت إن حسن، لكسر الصمت، أطلعها بفخر على صور البيت قبل أشهر من رحيله: صالون واسع مضيء مزخرف على الطراز الفلسطيني، واعدا بمستقبل سعيد.

أثاث المنزل لنار الطبخ

وقال بحسرة: "دفعت 3 آلاف دولار على أثاث الصالون"، لكن لم يبقَ منه شيء؛ فقد حطّمته زوجته لإشعال النار للطبخ والتدفئة بعد منع إسرائيل دخول غاز الطهي وارتفاع سعر الحطب إلى 4 دولارات للكيلوغرام، فاضطر الناس لحرق أثاثهم للبقاء على قيد الحياة.

واستمر يقول: "طعامهم طوال هذه المدة اقتصر على المعكرونة والعدس المسلوق بالماء فقط، بلا صلصة ولا ملح"، وأضاف: "بلغ سعر السكر 100 دولار للكيلوغرام". وتابع مبتسما بحزن: "في يوم من الأيام حصل أحد أفراد العائلة على بعض الحلوى، لكن طعمها بدا لهم غريبا لدرجة أنهم لم يستطيعوا ابتلاعها".

وأشارت الكاتبة إلى أن الصور ومقاطع الفيديو التي يعرضها حسن تجسّد المأساة والصمود والكرامة. كل صورة تذكّر بما سُلب منهم، لكنها أيضا شهادة على قوّة عائلة ترفض الانكسار، وعلى فعل حياة يومية وسط الخراب والعنف.

حسن: أريد أن أجلب عائلتي إلى هنا أولا. في غزة لا يوجد مستقبل، كل شيء مدمر.

أثرياء الحرب

وأوضح حسن كيف أرسل المال إلى عائلته عبر تطبيق يتيح التحويل والدفع داخل غزّة بدون نقود ورقية، رغم ندرة الأموال وقذارتها وتمزقها، ولتحويلها إلى نقد يلجؤون إلى مقرضين بعمولة تصل إلى 50%. ويقول بيأس: "إذا كنت بحاجة إلى 500 دولار، فعليك دفع 500 دولار أخرى كأتعاب تحويل للمقرض".

وسألت الكاتبة حسن، قبل أن يفترقا، وفقا لما قالته، إن كان ينوي العودة إلى غزّة، فأجاب بالنفي: "أريد أن أجلب عائلتي إلى هنا أولا. في غزة لا يوجد مستقبل، كل شيء مدمر. لا نعرف ما إذا كان وقف إطلاق النار هذا سيصمد، أو إن كانت إسرائيل ستتوقف عن احتلال غزة".

وكتبت مارتي أن حلم حسن الآن أن ينعم أطفاله بعلاج نفسي، وأن ينشؤوا ويدرسوا في بلد آمن بعيد عن العنف، ليبني كل واحد منهم مستقبلا أفضل.

وفي الختام، قالت إن نظرة الوداع الأخيرة تكشف أن العنف الإسرائيلي لم يدمّر الأرواح والبنية التحتية داخل غزة فحسب، بل حكم على عائلات كثيرة مثل عائلة حسن بأن تعيش ألم الفراق القسري والعميق.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا