في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قال تقرير نشرته واشنطن تايمز إن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث فقد ثقة كبار القادة العسكريين، بعد خطابه أمام الجنرالات بولاية فرجينيا، وسلسلة من القرارات المثيرة للجدل، واستعراضاته العلنية و"المحرجة".
وأخبر ضباط كبار الصحيفة أن وزارة الحرب الأميركية تشهد واحدة من أكثر فتراتها اضطربا، بعد أن حوّل الوزير البنتاغون إلى ساحة استعراض شخصي، تزامنا مع موجة استقالات وإقالات غير مسبوقة تهدد بتفريغ المؤسسة من كفاءاتها العليا وإضعاف هيبتها التاريخية في الداخل والخارج.
وشدد البعض على أن سياسات هيغسيث تلقى بالفعل دعما داخليا وبعضها مرحب به، إلا أن طريقة إعلانها -أثناء الخطاب- كانت "لا تليق" بالمؤسسة وسمعتها، ولم تكن القرارات تتطلب عرضا ومسرحا، وكانت بعضها سارية بالفعل في الكواليس، وفق ضابط رفيع.
وأوضح مراسل شؤون الأمن القومي بين وولفغانغ أن خطاب هيغسيث في قاعدة كوانتيكو العسكرية في 30 سبتمبر/أيلول شكّل نقطة تحول خطيرة، إذ وصفه ضباط بأنه "إهانة للمؤسسة العسكرية".
وقال أحد الجنرالات: "إذا كان الوزير قد امتلك ولو بعضا من ثقتنا في السابق، فقد خسرها الآن للأبد"، وفق ما نقله التقرير.
وأوردت واشنطن تايمز على لسان الجنرالات وكبار الضباط والمسؤولين المدنيين أن خطاب الوزير أثبت لقيادة الجيش العليا أن لديه عقلية "ضابط مبتدئ"، تشغله أمور سطحية مثل تغريدات الضباط وطول لحاهم ومستوى لياقتهم، بدلا من إستراتيجيات الأمن القومي ورؤية البلاد الدفاعية.
وكان هيغسيث قد أكد مرارا وتكرارا أن الجيش يجب أن يعكس "صورة المحارب". فانتقد "الملتحين" و"الجنود البدناء"، وقال: "لا مزيد من مكاتب التنوع والشمول، ولا مزيد من الهراء".
وأكد أحد الجنرالات للصحيفة أن الضباط حضروا خطاب كوانتيكو بانتظار إعلان إستراتيجي جديد، لكن الوزير تحدث عن "الحلاقة واللياقة"، وقال ضابط بغضب: "لسنا هنا للحديث عن قصّات الشعر".
وذكر التقرير أن البعض يرون أن استعراض هيغسيث وخطابه يعكس شخصيته التلفزيونية القادمة من شبكة "فوكس نيوز"، حيث عمل لأكثر من عقد.
ويرى العقيد المتقاعد مارك كانسيان من مركز الدراسات الإستراتيجية أن ما ركز عليه هيغسيث يعكس خبرته العسكرية المحدودة، فالمواضيع المذكورة قد تؤرق جنديا مبتدئا أو في أسفل الهرم القيادي، ولو كانت خبرة "هيغسيث على مستوى القيادة العليا، لكان تحدث عن الحرب والإستراتيجية لا عن الحلاقة".
وبحسب تقرير الصحيفة الأميركية، يرى مؤيدو هيغسيث أن ارتفاع معدلات التجنيد وتطوير الطائرات المسيّرة الصغيرة مؤشرات على نجاح قيادته العسكرية، لكن معارضيه يؤكدون أن هذه الإنجازات لا تساوي شيئا مقابل الأضرار البنيوية التي ألحقها بالبنتاغون.
وأشارت هنا إلى الاستقالات والإقالات التي طالت كبار الضباط خلال الأشهر الأخيرة، وتسببت بفقدان خبرات نادرة. وعلق أحد الجنرالات على ذلك قائلا إن المؤسسة "تنزف مواهبها الفريدة".
ووصف الجنرالات وكبار الضباط والمسؤولون المدنيون الوضع بأنه "فوضى قيادية غير مسبوقة لم نعرفها من قبل"، مما أوجد مناخا من الخوف والريبة داخل أروقة القيادة العسكرية.
ولفتت واشنطن تايمز إلى أن الوزير يروّج لفكرة "الجدارة دون تمييز" -أي مكافأة الجنود بناء على إنجازاتهم فقط دون أي اعتبار للعرق أو الجنس أو الخلفية- لكن الضباط يؤكدون أن ما يجري يعاكس ذلك تماما، إذ يجري استبعاد قادة أكفاء بدوافع شخصية أو أيديولوجية.
كما يستبعد بعض القادة -أو تؤجل ترقياتهم أو يطردون- لمجرد انتقادهم الوزير أو إبدائهم ملاحظات مهنية لا تتوافق مع اتجاهاته السياسية.
وبينما استمر هيغسيث في إقصاء المواهب من المؤسسة، أحاط نفسه بدائرة ضيقة من المقرّبين -تضم المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل وزوجته وشقيقه- يعتمد عليها لاتخاذ قراراته بدلا من استشارة الخبراء العسكريين كما تقتضي العادة، وفق التقرير.
وعلق مسؤول سابق في الوزارة قائلا: "على عكس الوزراء السابقين، لا يستفيد هيغسيث من الخبرة والمعرفة الغنية المتوفرة في البنتاغون عند صياغة السياسات أو اتخاذ قرارات الموظفين الرئيسية".
وبدوره، دافع بارنيل عن الوزير قائلا إن من لا يؤمن بمبادئ "روح المحارب" التي يروج لها وزير الحرب، وينتقد سياساته بالخفاء، عليه الرحيل والاستقالة.
وحسب التقرير، هذا هو ما يحدث بالفعل، إذ أقال الوزير حتى الآن -وفق التقرير- أكثر من 12 جنرالا منذ توليه المنصب، بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق الجنرال تشارلز براون، مما زاد من حالة الارتباك في صفوف الجيش وأثار مخاوف من إضعاف القيادة العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن قائد سلاح الجو الجنرال ديفيد ألوين أعلن تقاعده منتصف ولايته، واستقال مدير وحدة الابتكار الدفاعي دوغ بيك في أغسطس/آب، كما أعلن الأدميرال ألفين هولسي تقاعده بعد أقل من عام على توليه قيادة القيادة الجنوبية الأميركية، وسط جدل بشأن الضربات الأميركية على القوارب الفنزويلية.
وقال أحد الضباط الحاليين: "آمل أن تكون كل هذه الفوضى مؤقتة. من يدري كم سيبقى هيغسيث في المنصب، وكمية الضرر الذي قد يسببه".