قالت صحيفة واشنطن بوست إن منح صواريخ توماهوك بعيدة المدى لأوكرانيا لتمكينها من شن ضربات أعمق داخل روسيا كان حديث الساعة في واشنطن هذا الأسبوع، ولكن الرئيس دونالد ترامب غير رأيه في اللحظة الأخيرة.
وفي الوقت الذي ظن فيه الجميع أن هذا الموضوع سيكون محور لقاء ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة، تحوّل الأمر، بعد مكالمة مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، إلى الاتفاق على قمة جديدة ستعقد في بودابست خلال الأسابيع المقبلة، كما تقول الصحيفة.
ورأت افتتاحية الصحيفة أن ترامب، رغم الانتقادات المتوقعة من خصومه في الداخل، يستخدم تكتيكات مدروسة ضمن حملة ضغط تهدف إلى دفع بوتين نحو طاولة المفاوضات.
ويرى مراقبون أن تلويح ترامب المتكرر بإرسال صواريخ متقدمة، وتصريحاته النارية التي يطلقها، لا تعني نية فعلية بالتصعيد العسكري بقدر ما تعكس إستراتيجية تهديد محسوبة، ولذلك كان التلويح بإرسال صواريخ توماهوك كافيا لدفع بوتين للاتصال بترامب.
ويظهر للصحيفة أن ترامب لا يسعى إلى "ضربة قاضية" على روسيا، بل إلى تسوية تنهي الحرب وفق توازنات الأمر الواقع، إذ يشير المقترح المتداول إلى تجميد القتال عند خطوط التماس الحالية، مع بقاء المناطق المحتلة بيد روسيا فعليا، مقابل حصول أوكرانيا على ضمانات أمنية غربية قوية.
ورغم أن هذا لا يرقى إلى "سلام عادل"، فإنه -حسب رأي واشنطن بوست- قد يعتبر نصرا إستراتيجيا لأوكرانيا إن ضمنت الحفاظ على سيادتها وعدم نزع سلاحها.
وتتزامن التحركات الأميركية الحالية مع استمرار أوكرانيا في ضرب البنية التحتية للطاقة داخل روسيا بدعم استخباراتي وتقني من واشنطن، حسب الصحيفة، وقد أفاد زيلينسكي بأن هذه الضربات عطلت نحو 20% من إنتاج الوقود الروسي، في وقت تشهد فيه أسعار النفط انخفاضا غير مسبوق، مما يزيد الضغط على الاقتصاد الروسي.
ترامب يعتمد نهجا براغماتيا قوامه الضغط دون الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الاحتفاظ بكامل أدوات القوة حتى اللحظة الأخيرة
ورغم اتهامات بعض السياسيين بأن ترامب لا يزال خاضعا لتأثير بوتين، فإن تقارير جديدة تشير إلى أن لقاء ألاسكا الأخير بين الطرفين كشف عن خلافات حادة، إذ لم يتردد ترامب -حسب فايننشال تايمز- في رفع صوته في وجه بوتين، وهدد بإنهاء الاجتماع عندما حاول بوتين إلقاء محاضرة تاريخية مطولة.
ومع اقتراب قمة بودابست، تبقى خيارات التصعيد مفتوحة، من إرسال صواريخ توماهوك إلى دعم الأطروحات الأوروبية بفرض مناطق حظر طيران، وصولا إلى استهداف ناقلات النفط الروسية التي تمثل شبكة ظل لتمويل الحرب.
وفي الوقت الذي يحرص فيه ترامب على استخدام خطاب دبلوماسي مرن أمام الكاميرات، فإنه يحرص على توجيه رسائل ذات نبرة حازمة إلى موسكو، مما يعني -بالنسبة للصحيفة- أن ترامب يعتمد نهجا براغماتيا قوامه الضغط دون الانزلاق إلى حرب شاملة، مع الاحتفاظ بكامل أدوات القوة حتى اللحظة الأخيرة.