في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
قالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب صعّد كثيرا حجم الضغوط على فنزويلا بإرسال أكبر حشد بحري وجوي أميركي إلى البحر الكاريبي منذ 3 عقود، في مهمة وصفت رسميا بأنها "عملية لمكافحة تهريب المخدرات"، لكنها، وفق معارضين ومحللين، تحمل هدفا أعمق: إطاحة نظام الرئيس نيكولاس مادورو .
ونقلت عن شخصية فنزويلية معارضة بارزة مطلعة على المشاورات مع واشنطن قولها إن "إستراتيجية ترامب لا تقوم على إرسال قوات برية، بل على إظهار تفوق عسكري ساحق لتحقيق أهداف سياسية"، مضيفة أن الرسالة واضحة: "مادورو يجب أن يرحل، طوعا أو بالقوة".
وأضافت -في تقرير بقلم كل من مايكل ستوت من ريو دي جانيرو، وجيمس بوليتي من واشنطن وجو دانيلز من بوغوتا- أن الإدارة الأميركية ترفض هذه الاتهامات، مؤكدة أن الهدف هو "منع تدفق المخدرات وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة"، كما قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي.
غير أن تصريحات أخرى من الخارجية الأميركية وصفت مادورو بأنه "هارب من العدالة الأميركية ويقوّض الأمن الإقليمي".
وفي كاراكاس، رد الرئيس الفنزويلي بتحد معلن، فأمر بإجراء مناورات عسكرية وجال في البلاد محذرا من "غزو أميركي وشيك". إلا أن تقارير من داخل الجيش تشير إلى قلق متزايد في صفوف كبار المسؤولين، توضح الصحيفة.
وتضيف الصحيفة أن رجال أعمال وشخصيات أمنية أكدوا أن بعض المقربين من مادورو غيّروا هواتفهم ووسائل تنقلهم بشكل مستمر خشية عمليات استهداف، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن الحكومة عرضت بالفعل تسليم السلطة مؤقتا إلى نائبة الرئيس ديلسي رودريغيز، في محاولة لاحتواء الضغط الأميركي.
وتكشف التحركات الأخيرة أن واشنطن تشن أيضا "حربا نفسية"، إذ تنتشر صور لقاذفات بي 52 وسفن حربية أميركية على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي، في ما يراه محللون "استعراض قوة مقصودا" لإثارة الهلع في صفوف النخبة الفنزويلية.
وتقول الصحيفة إن الأولوية الآن هي إجبار كبار المسؤولين في الحكومة الفنزويلية على المغادرة، ويفضل أن يكون ذلك عن طريق الاستقالة أو تسليم السلطة بشكل منظم، ولكن مع تهديد واضح بأن مادورو ومساعديه المقربين إذا تمسكوا بالسلطة، فقد تستخدم الولايات المتحدة القوة العسكرية للقبض عليهم أو قتلهم.
المشهد لا يخلو من تعقيد، فمادورو لا يزال يتمتع بولاء قطاعات من الجيش والمليشيات الموالية، التي يُقدر عدد أفرادها بمليون مقاتل. ويحذر مراقبون من أن أي تحرك أميركي مباشر قد يدفع البلاد إلى حرب أهلية.
وبحسب فايننشال تايمز، ترى دوائر بحثية أميركية أن فنزويلا تمثل اختبارا لطموح ترامب في إعادة ترسيم النفوذ الأميركي في نصف الكرة الغربي. يقول رايان بيرغ، من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: "من الواضح أن العملية تتحول إلى محاولة حقيقية للدفع لانهيار النظام أو تغييره".
وتوضح الصحيفة أن فنزويلا، التي تمتلك أكبر احتياطيات نفط في العالم إلى جانب موارد هائلة من الذهب والماس والكولتان، كانت حتى أواخر القرن الماضي حليفا رئيسيا لواشنطن، قبل أن تنتقل إلى محور موسكو وبكين وطهران منذ عهد هوغو تشافيز .
واليوم، تبدو عودة هذا البلد إلى الفلك الأميركي جزءا من حسابات ترامب الاقتصادية والجيوسياسية، خصوصا في ظل حملته لانتخابات رئاسية يتطلع فيها إلى تحقيق إنجاز خارجي واضح.
في الداخل الفنزويلي -تتابع الصحيفة- تتطلع المعارضة، وعلى رأسها الحائزة جائزة نوبل للسلام ماريا كورينا ماتشادو ، إلى أن يشكل الضغط الأميركي فرصة لإسقاط مادورو الذي تتهمه بسرقة الانتخابات الأخيرة. وتقول مصادر في المعارضة إن ماتشادو "تنتظر لحظة التدخل الحاسم لتتسلم السلطة بدعم من الجيش".
غير أن المشهد لا يخلو من تعقيد، فمادورو لا يزال يتمتع بولاء قطاعات من الجيش والمليشيات الموالية، التي يُقدر عدد أفرادها بمليون مقاتل. ويحذر مراقبون من أن أي تحرك أميركي مباشر قد يدفع البلاد إلى حرب أهلية.
وقالت إنه مع استمرار الحشد العسكري في بحر الكاريبي، يزداد خطر وقوع احتكاك أو حادث قد يشعل مواجهة غير مقصودة، خاصة مع اقتراب موسم الأعاصير.
ومع أن ترامب لا يتحدث عن "الديمقراطية أو الانتخابات"، كما يقول أحد مستشاريه السابقين، فإنه يعرف جيدا كيف يحول أي تصعيد إلى عرض إعلامي يخدم صورته، ومصالح بلاده.