آخر الأخبار

أنالينا بيربوك.. رحلة مثيرة للجدل من "البوندستاغ" إلى الأمم المتحدة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

لم تكن خيار بلدها ألمانيا لمنصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة وبدا ترشحها وفقا لمراقبين "كجائزة ترضية" على حساب دبلوماسية ألمانية أخرى مخضرمة، وفي الواقع تعتبر أنالينا بيربوك -حسب منتقديها- محبة جدا لإثارة الجدل بشكل صريح في القضايا الدولية.

وذكر أحد أعضاء الحكومة الألمانية السابقة في تصريح له أنه كان من الغريب أن تصبح من وصفها "بالشخصية الأقل دبلوماسية" وزيرة للخارجية ويقصد منصبها السابق في حكومة بلادها قبل مباشرة منصبها الأممي في نيويورك.

أنالينا بيربوك السياسية التي توصف بالجريئة من حزب " الخضر " الألماني ولدت عام 1980 في هانوفر شمال ألمانيا، وهي ابنة عامل اجتماعي ومهندسة كانا يعملان في شركة أنظمة التحكم في المركبات ومقرها الولايات المتحدة . عاشت عائلتها في نورمبرغ بألمانيا، ثم انتقلت إلى هانوفر حيث نشأت هناك في مزرعة قديمة أعيد بناؤها مع العائلة.

عندما كانت طفلة، انضمت إلى والديها في الاحتجاجات المناهضة للحرب والمناهضة للطاقة النووية التي نظمها ودعمها حزب "الخضر".

مصدر الصورة بيربوك تتحدث خلال المناقشة العامة للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ما تزال أعمالها مستمرة (الأوروبية)

تكوين واتهامات

عملت في بداية حياتها صحفية في صحيفة "هانوفيرشه ألجماينه تسايتونج" من عام 2000 إلى عام 2003، وأكملت تدريبا في إذاعة "نوردويتشر روندفنك"، ووكالة الأنباء الألمانية، ومجلس أوروبا.

حصلت أنالينا على الشهادة الجامعية الأولى في العلوم السياسية والقانون العام من جامعة "هامبورغ" في عام 2004، وعلى شهادة الماجستير في القانون الدولي من كلية لندن للاقتصاد، والماجستير في القانون الدولي العام وتابعت درجة الدكتوراه في القانون الدولي العام في جامعة برلين الحرة.

دخولها معترك السياسة والحياة العامة كان في انتخابها عضوا في برلمان ولاية براندنبورغ ما بين عامي 2009 و2013، وستدخل في هذا العام أيضا في عضوية البرلمان الألماني ( البوندستاغ ).

إعلان

وستتولى بعد ذلك رئاسة "حزب الخضر" من عام 2018 وحتى عام 2022. وأثناء رئاستها للحزب رشحها حزبها لخوض غمار الانتخابات لمنصب المستشارة الألمانية، لكنها لم توفق في مسعاها.

خلال هذا الوقت، اتهمت بسرقة أدبية في كتابها الصادر عام 2021 بعنوان "الآن.. كيف نجدد بلدنا"، وفي الكتاب، أدرجت بيربوك أعمال مؤلفين آخرين دون أن تنسب إليهم هذا العمل.

في الوقت نفسه تقريبا، اتهمت أيضا بتزييف في سيرتها الذاتية المنشورة، وقد أثارت هذه الاتهامات استنكارا واسع النطاق في الرأي العام الألماني وتناولته الصحافة الألمانية وقتها بكثير من التوسع.

مصدر الصورة بيربوك دخلت الحكومة الألمانية كجزء من ائتلاف بقيادة المستشار السابق أولاف شولتس (غيتي-أرشيف)

وزيرة للخارجية

بعد الانتخابات الفدرالية الألمانية في عام 2021 وافق "حزب الخضر" على دخول الحكومة كجزء من ائتلاف "إشارة المرور" بقيادة أولاف شولتس . وبموجب هذا الاتفاق عينت بيربوك وزيرة للخارجية وتولت منصبها في عام 2021.

لم تخرج بيربوك في سياستها عن الخط العام في ألمانيا فقد أيدت جهود بولندا لوقف تدفق المهاجرين الساعين إلى دخول أراضي الاتحاد الأوروبي من بيلاروسيا. ورفضت فكرة دفع ألمانيا المزيد من تعويضات الحرب العالمية الثانية لبولندا.

وحذّرت من أن أفغانستان "تتجه نحو أسوأ كارثة إنسانية في عصرنا"، مع انهيار قطاعات اقتصادية رئيسية بعد الانسحاب الأميركي.

كما وعدت بتسريع إجلاء أكثر من 15 ألف أفغاني "معرض للخطر"، بمن فيهم موظفون عملوا لدى ألمانيا وأفراد عائلاتهم.

ورفضت مطالبات تركيا بالجزر اليونانية في بحر إيجه ، مشيرة إلى أن العديد من الجزر هي "أراض يونانية ولا يحق لأحد التشكيك فيها". وحذرت من أن تهديد تركيا بشن هجوم جديد ضد القوات الكردية في شمال سوريا لن يساعد إلا "الجهاديين من تنظيم الدولة الإسلامية "، بحسب قولها.

وفي بدايات الحرب في أوكرانيا رفضت توريد أسلحة ألمانية إلى كييف بينما اختار حلفاء ( الناتو ) بما في ذلك الولايات المتحدة إرسال أسلحة لدعم أوكرانيا.

لكنها في عام 2023 وأثناء زيارتها الثالثة إلى أوكرانيا قالت "نحن نخوض حربا ضد روسيا، وليس ضد بعضنا بعضا" مما عرضها لانتقادات من السياسيين المحافظين واليمينيين في ألمانيا، مما دفع المتحدث باسم وزارة الخارجية إلى القول "ألمانيا ليست طرفا في الصراع".

وحثت الصين على اتخاذ موقف واضح بشأن الحرب الروسية الأوكرانية "إن الحياد يعني الوقوف إلى جانب المعتدي"، وأطلقت على الرئيس الصيني شي جين بينغ، لقب "ديكتاتور" إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وذلك بعد أن أشار الرئيس الأميركي السابق جو بايدن إلى شي بأنه "ديكتاتور".

وفي بداية هذا العام، زارت بيربوك كوزيرة للخارجية ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو، دمشق للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع ، نيابة عن الاتحاد الأوروبي وذلك بعد أسابيع من سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

مصدر الصورة بيربوك أثارت الجدل أيضا عندما زارت دمشق بعد سقوط الأسد ولم يصافحها الرئيس أحمد الشرع (غيتي-أرشيف)

تصريح صادم

وعلى وقع الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، ستعرب بيربوك عن دعمها دولة الاحتلال و"حقها في الدفاع عن النفس"، بحسب قولها، وذلك أثناء زيارتها لتل أبيب في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، للتعبير عن "تضامنها" معها.

إعلان

ورفضت بيربوك الدعوات لوقف إطلاق النار، لكنها أيدت "وقفات إنسانية" لإيصال المساعدات إلى المدنيين في غزة. وصرحت بأن "أمن إسرائيل بالنسبة لألمانيا غير قابل للتفاوض"، وأشارت إلى "المسؤولية التاريخية والأخلاقية لألمانيا تجاه الشعب اليهودي ودولة إسرائيل".

لكن ما فجر هجمات واسعة النطاق عليها كان تصريحها الصادم في البرلمان الألماني في أكتوبر/تشرين الأول 2024، الذي قالت فيه إن "الأماكن المدنية تفقد حمايتها" بوجود مقاتلي حماس ، وقالت أمام "البوندستاغ" بأن "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس يشمل قصف المواقع المدنية في غزة".

وبررت ذلك: "عندما يختبئ مقاتلو حماس خلف الناس، خلف المدارس.. تفقد الأماكن المدنية حمايتها".

وهي تصريحات يرى النقاد أنها بررت استهداف الاحتلال الجماعي للمواقع المدنية وقتل المدنيين في غزة، وتخاطر بتمرير مجازر بحق المدنيين.

رئيسة للجمعية العامة رغم الجدل

وستكون هذه التصريحات حاضرة لاحقا في مسيرتها السياسية. فقد انتخبت بيربوك في يونيو/حزيران الماضي رئيسة للدورة 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة على الرغم من الجدل الدائر حولها في ألمانيا والمجتمع الدولي .

وفي تصويت سري غير عادي طالبت به روسيا، حصلت على 167 صوتا من أصل 193 صوتا. ومباشرة بعد انتخابها استقالت من منصبها في "البوندستاغ".

وأدى ترشيح بيربوك المفاجئ إلى إزاحة هيلغا شميد، إحدى أكثر الدبلوماسيين احتراما في ألمانيا، والتي تم ترشيحها بالفعل وإجراء مقابلات معها لهذا المنصب. وكانت ألمانيا تنوي في الأصل ترشيح شميد لرئاسة الجمعية لعدة أشهر، لكنها استبدلتها ببيربوك بعد أن فقدت وظيفتها في حكومة الأقلية المنتهية ولايتها.

وقال كريستوف هويسغن، الرئيس السابق لمؤتمر ميونيخ للأمن في مقابلة مع صحيفة "تاغس شبيغل" في برلين إن "استبدال أفضل دبلوماسية ألمانية وأكثرها خبرة دولية (يقصد شميد) بشخصية منتهية الصلاحية (ويقصد بيربوك) هو أمر غير مقبول"، وفق تعبيره.

موقف مزدوج

وفي أول ظهور لها أمام الصحافة بعد تسلم منصبها الجديد وعندما سُئلت قبل أكثر من أسبوع عما إذا كانت متمسكة بتصريحاتها حول "قصف المواقع المدنية"، أنكرت بيربوك قولها، ثم لاحقا في أول مؤتمر صحفي لها من غرفة الإعلام في الأمم المتحدة كرئيسة للجمعية العامة، أشارت إلى أنها لا ترى أي خطأ في تصريحاتها الأصلية.

لكنها في أول جلسة تترأسها رسميا قالت لمندوبي الدول المشاركة "لا نستطيع تجاهل صوت هند رجب عندما تعرضت السيارة التي كانت تقلها للقصف، وبأن أطفال غزة مرعوبون منذ أكثر من 700 يوم، نحن بحاجة إلى وقف فوري غير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة"، كما قالت.

وأضافت "الإنسانية ليست في اختيار طرف دون آخر بل في إدراك أن لكل حياة القيمة ذاتها" وحتى لا تبدو وكأنها نسيت الجانب الإسرائيلي، وموقفها المعلن، فقد ربطت مأساة هند رجب بطفل إسرائيلي قائلة "العالم خذل الطفلة الغزية هند رجب والطفل الإسرائيلي كفير بيباس".

منصب بيربوك، في نيويورك لا يتطلب ظهورا علنيا كبيرا، لكن سيتعين عليها إجراء العديد من المحادثات خلف أبواب مغلقة حول الموضوعات التي ستجري مناقشتها في الجمعية العامة، وستبقى في موقعها لمدة عام حيث يتزامن ذلك مع انتخاب أمين عام جديد للأم المتحدة عام 2026.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا