آخر الأخبار

لماذا يستبعد الخبراء الروس عودة القوات الأميركية إلى أفغانستان؟

شارك

موسكو- بشكل مفاجئ وفي توقيت غير متوقع، عاد ملف إعادة ترسيخ الوجود الأميركي في قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان إلى التداول، بعد 4 سنوات من الانسحاب الأميركي من البلاد وترك القاعدة في أيدي حركة طالبان .

وطرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الفكرة خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في ختام زيارته الرسمية إلى المملكة المتحدة، وربطها بضرورة ما وصفها بمواجهة الولايات المتحدة لخصمها الرئيسي الصين.

وفي وقت لاحق كرر ترامب موقفه، وقال إن بلاده تتفاوض حاليا مع أفغانستان و"تريد استعادة القاعدة فورا"، لكنه هدد بـ "عواقب وخيمة" على كابل إذا رفضت تسليم القاعدة للولايات المتحدة، وذلك في تجاهل واضح لبيان وزارة الخارجية الأفغانية، الذي أكد استحالة وجود عسكري أميركي في البلاد.

وأشار الرئيس الأميركي، في معرض حديثه عن موقع القاعدة، إلى أنها تبعد ساعة بالسيارة عن مناطق تطور فيها الصين أسلحة نووية.

أطول اشتباك عسكري

وتأتي تصريحات ترامب بعد مرور أكثر من 4 سنوات على الانسحاب الأميركي من أفغانستان، ذلك الانسحاب الذي طوى أطول اشتباك عسكري خاضته الولايات المتحدة.

وكانت قاعدة باغرام الجوية التي تبعد نحو 50 كيلومترا شمال العاصمة كابل ، المقر الرئيسي للقوات الأميركية بين عامي 2011 و2021، حيث كانت تضم ما يصل إلى 10 آلاف جندي أميركي، بالإضافة إلى وحدات من الجيش الألماني.

وبعد الانسحاب الأميركي في صيف 2021 وقعت القاعدة تحت سيطرة حركة طالبان، وأصبحت رمزا لقوتها.

وتثير تصريحات ترامب حساسية كبيرة لدى عدد من الدول الفاعلة في الإقليم، إذ تقع أفغانستان على تقاطع إستراتيجي للمصالح الروسية والصينية الإيرانية على حد سواء.

ولم يصدر بعد أي تعليق رسمي من جانب روسيا على التصريحات الأميركية، لكن خبراء روس يعتقدون أن عودة الولايات المتحدة لأفغانستان قد تؤدي إلى تفاقم التوترات في المنطقة والعلاقات بين واشنطن وكابل وغيرها من العواصم الدولية والإقليمية.

مصدر الصورة عرض عسكري لقوات طالبان بقاعدة باغرام بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل القوات الأميركية (الأوروبية)

جيب معزول

ويرى الخبير في شؤون بلدان آسيا الوسطى، سيرغي كورتوف، أن حركة طالبان لم تقبل بالتهديدات الأميركية ولن توافق على عودة التواجد الأميركي إلى البلاد، لأن ذلك سيهدد في المحصلة وجود الحركة في السلطة ويضر بشعبيتها وسيعيدها مجددا أمام أخطار تجدد الحرب الأهلية .

إعلان

ووفق ما يقوله كورتوف "للجزيرة نت"، فإن أي تواجد أميركي في الفضاء الإستراتيجي لروسيا هو بلا شك خطر على المصالح الروسية، فضلا عن المصالح الصينية أيضا، لكنه يؤكد أن الكرملين لا يأخذ التهديدات الأميركية لأفغانستان على محمل الجد لأنه من شبه المستحيل تنفيذها.

ويشير الخبير إلى أنه ليس لدى واشنطن خطط فعلية للسيطرة على القاعدة الجوية عسكريا، لأن السيطرة عليها والاحتفاظ بها يتطلبان عشرات الآلاف من الجنود، علاوة على ذلك، سيتعين على الولايات المتحدة إجراء إصلاحات مكلفة في القاعدة وحل المشكلات اللوجستية المتعلقة بالقاعدة، التي ستصبح "جيبا معزولا" للولايات المتحدة في أفغانستان.

وتابع "كما أنه بعد السيطرة المفترضة على القاعدة، سيتعين على الولايات المتحدة بذل جهود جبارة لتطهير محيطها الواسع والحفاظ عليه لمنع استخدامه لقصف القوات الأميركية، بما في ذلك من قبل تنظيمي الدولة الإسلامية و القاعدة ، ناهيك عن خطر تعرضها لهجمات صاروخية إيرانية".

بموازاة ذلك، لا يستبعد المتحدث أن تلجأ واشنطن إلى محاولات زعزعة الاستقرار في أفغانستان، من خلال نقل مقاتلين أجانب إلى البلاد، لافتا إلى معلومات استخباراتية تؤكد وجود حوالي 20 منظمة مسلحة في أفغانستان، يبلغ مجموع قوتها أكثر من 23 ألف مقاتل.

مصدر الصورة القوات الأميركية غادرت قاعدة باغرام عام 2021 (رويترز)

العصا والجزرة

في غضون ذلك، يرى الباحث في معهد دراسات الولايات المتحدة وكندا التابع للأكاديمية الروسية للعلوم بافل كوشكين، أن رغبة الولايات المتحدة في العودة إلى قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان هي محاولة للضغط، بالدرجة الأولى، على الصين وإيران.

ووفقا له، سترد طالبان سلبا على ذلك، مما قد يؤدي إلى تصعيد الوضع في المنطقة، لأن العودة المفترضة للوجود الأميركي إلى المنطقة، والتي تركها الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ، "بشكل مخزي" تسمح لترامب بإظهار قوة أميركا وسلطتها، لكنها في الواقع تتناقض مع أطروحته الانعزالية التي طرحها خلال حملته الانتخابية.

ويضيف كوشكين في حديث "للجزيرة نت" بأن عودة الأميركيين إلى أفغانستان "في حال حصلت" قد لا تحدث تغييرا يذكر ويمكن أن تسمح فقط للجيش الأميركي بتأمين تمويل إضافي للحملات الخارجية، ضد إيران على سبيل المثال.

لكنها في نفس الوقت تضع القوات الأميركية أمام مخاطر استهدافها من قبل كثير من الحركات داخل البلاد، ومن المرجح أن تلقى هذه الهجمات دعما من دول كثيرة لا ترحب بالوجود الأميركي على مقربة من حدودها وتهدد مصالحها.

في ذات الوقت، لا يستبعد كوشكين أن تلجأ واشنطن إلى إيجاد أرضية مشتركة مع طالبان بهذا الخصوص، عبر خيارات عدة، كالوعود بالاستثمارات، أو المساعدة في مكافحة المخدرات، وإعادة الأصول المصادرة التي تقدر ب 7 مليارات دولار في الولايات المتحدة، لكن مخاطر عودة التواجد العسكري الأميركي إلى أفغانستان تفوق الفوائد في كثير من النواحي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا