آخر الأخبار

العمليات الفردية.. هاجس إسرائيلي متجدد بين الضفة وغزة

شارك

القدس المحتلة- تشهد الضفة الغربية مؤشرات متزايدة على عودة العمليات الفردية التي يصفها الاحتلال الإسرائيلي بـ "إرهاب الذئاب المنفردة "، في ظل سلسلة هجمات توزعت بين القدس وطولكرم وتلال القدس.

ودفعت هذه العلميات والأحداث والتي كان آخرها الهجوم المسلح في القدس، وإلقاء عبوة ناسفة قرب البوابة العسكرية "نيتساني عوز" قرب طولكرم صوب جيب عسكري للاحتلال، إلى جانب عملية الطعن في فندق كيبوتس تسوفا غرب القدس، المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية إلى رفع حالة التأهب والبحث في إجراءات ردع جديدة.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، حذرت أوساط في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من تزايد العمليات الفردية ضد قوات الاحتلال والمستوطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ يستعد لمواجهة سيناريوهات سياسية محتملة، من بينها احتمال الاعتراف الدولي الواسع بدولة فلسطين.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع قوله إن سلسلة العمليات الأخيرة، تندرج جميعها في إطار ما يعرف بـ "إرهاب الأفراد"، حيث لم تنفذ من قبل خلايا مسلحة منظمة، بل بجهود فردية.

وبحسب المصدر الأمني، فإن تراجع العمليات المسلحة المنظمة في الضفة يعود لتفكيك البنى التنظيمية في مخيمات جنين وطولكرم و نور شمس ، وانتشار الجيش فيها، ما عزز الردع في مخيمات أخرى كعقبة جبر وعسكر والأمعري.

وأوضح أن التهديد ما زال قائما بوجود خلايا يجب إحباطها وتفكيكها، لكن طبيعة العمليات تغيرت وباتت بالأساس عمليات فردية، والخشية الأكبر للأجهزة الأمنية تبقى من هجوم واحد كبير، وأضاف أن نجاح بعض العمليات يشجع آخرين على تقليدها وتنفيذ هجمات جديدة.

من الردع إلى القبضة الحديدية

وفق التقديرات الأمنية الإسرائيلية، فإن هذه الهجمات ليست مجرد حوادث معزولة، بل انعكاس لمناخ عام يتغذى على استمرار الحرب على غزة وما تخلّفه من صور ومشاهد دامية.

إعلان

ويستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تعديل تعليمات قواته الميدانية، مع التشديد على توسيع الاعتقالات وتقييد الحركة في مناطق حساسة، وسط نقاش حول إعادة تعريف قواعد الاشتباك.

وترى أوساط إسرائيلية أن تصاعد هذه الظاهرة قد يدفع الحكومة إلى استثمارها كذريعة لإحكام السيطرة الأمنية على الضفة، بل وربطها بسياق أوسع من "المعركة على الوعي" التي تخوضها إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين.

وهنا يظهر التداخل بين الاعتبارات العسكرية والأهداف السياسية، خاصة في ظل أزمة القيادة الداخلية، ومحاولات الائتلاف الحاكم توظيف الملف الأمني لصرف الأنظار عن الإخفاقات في غزة.

مصدر الصورة فرقة "يهودا والسامرة" أثناء تنفيذ عملية لمصادرة أسلحة ووسائل قتالية قد تستخدم بالعلميات المسلحة (الجيش الإسرائيلي)

غزة والضفة.. جبهتان متوازيتان

في خلفية المشهد، تواصل إسرائيل مناورتها العسكرية في قطاع غزة ، حيث تقلّص الغارات الجوية وتتحول إلى عمليات ميدانية أكثر دقة.

لكن تزايد العمليات الفردية في الضفة يفرض معادلة جديدة، فجبهة غزة لا تنفصل عن الضفة، والضغط العسكري في الأولى قد يشعل جذوة المقاومة في الثانية.

وتمثل عودة العمليات الفردية، بحسب التحليلات الإسرائيلية، مصدر قلق لإسرائيل على المستويين الأمني والسياسي، فهي تهدد بزعزعة ثقة الجمهور بقدرة الجيش على الردع، وتضع الحكومة أمام معضلة، هل تمضي نحو مزيد من "القبضة الحديدية"، أم تبحث عن مسارات سياسية تقلل من دوافع الانفجار الشعبي؟

تعزيز قوة الردع

لمواجهة ما تسميه إسرائيل بـ "إرهاب الذئاب المنفردة"، يقول مراسل "يديعوت أحرونوت" في الضفة الغربية، إليشع بن كيمون، إن القيادة الوسطى للجيش، بقيادة اللواء آفي بلوت، تؤكد على الرد السريع على المنفذين ومساعديهم، بموجب خطة لمواجهة سيناريوهات الهجمات الفردية.

ولفت إلى أن الخطة العسكرية تقوم على أنه إذا فشلت القوات في إحباط الهجوم قبل وقوعه، فإن سرعة الوصول إلى المنفذ وشركائه بعد التنفيذ وفرض العقوبات عليهم تعزز من قوة الردع، وهو ما يعتبر تجسيدا لسياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين.

وينطبق ذلك أيضا، يقول بن كيمون على "سياسة هدم منازل المنفذين"، غير أن مسؤولين أمنيين أعربوا عن استيائهم من بطء الإجراءات، إذ قد يستغرق تنفيذ عملية الهدم عدة أشهر أو حتى أكثر من عام بسبب التعقيدات القانونية.

وحيال ذلك، قرر قائد فرقة "يهودا والسامرة" بجيش الاحتلال، العميد كوبي هيلر، أن تغلق القوات منازل منفذي الهجمات فور وقوعها، بانتظار استكمال الإجراءات القانونية تمهيدا لهدمها، مستندا إلى ما وصفه بـ "الصلة القائمة بين المهاجم ومنزله".

ومنذ عملية إطلاق النار في قرية المغير شرق مدينة رام الله وسط الضفة قبل نحو شهر، يقول بن كيمون "بدأت القيادة المركزية بالجيش تنفيذ سياسة جديدة تستهدف البيئة وجغرافيا القرية التي ينتمي إليها المنفذ".

ووفق هذه السياسة، يتابع بن كيمون "يراد إيصال رسالة واضحة إلى السكان مفادها أنه في حال خرج هجوم من قريتهم، فإن الجيش الإسرائيلي سيضعها في دائرة الاستهداف"، لتصبح أولوية في التعامل مع قضايا الأمن، ومصادرة الأراضي وتجريف المزروعات والأشجار، وهدم المنازل غير المرخصة.

مصدر الصورة الاحتلال يهدم منزلين بقرية عقبة قرب طوباس لشهيدين نفذا قبل عام عملية إطلاق نار أسفرت عن مقتل مستوطن (الجيش الإسرائيلي)

مكافحة العلميات الفردية

تعد مواجهة ما تصفه إسرائيل بـ "المحرضين والدعوات الداعمة للهجمات"، بحسب الموقع الإلكتروني "واي نت"، من أبرز الأدوات التي تعتمدها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لمكافحة العمليات الفردية.

إعلان

منذ اندلاع الحرب على غزة، كثف الجيش الإسرائيلي والشرطة جهودهم لمحاصرة ما وصوفه بـ "التحريض"، وتطهير المنطقة من "المحرضين" قبيل موجة هجمات جديدة، مع انطلاق العملية البرية ضمن "عربات جدعون 2".

واستنادا إلى معطيات الأجهزة الأمنية، فإن جهود مكافحة التحريض أسفرت منذ مطلع عام 2025 عن تقديم 255 لائحة اتهام بتهم التحريض ودعم منظمات معادية، من أصل 433 ملفا فتحتها شرطة منطقة "يهودا والسامرة".

وخلال الفترة نفسها، اعتقل 343 مشتبها بالتحريض على "الإرهاب"، فيما لا يزال 294 منهم قيد الاحتجاز حتى انتهاء الإجراءات القانونية.

وتستند هذه اللوائح بالأساس إلى منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي تضمنت دعوات لاستهداف قوات الأمن والمستوطنين، إضافة إلى تمجيد منظمات مصنفة "إرهابية".

مصدر الصورة قوات من لواء "بنيامين" داهمت وأغلقت منازل محمد طه ومثنى عمر منفذا عملية القدس التي أسفرت عن مقتل 6 إسرائيليين (الجيش الإسرائيلي)

"الذئاب المنفردة"

ويتساءل الباحث في معهد السياسات والإستراتيجية بجامعة "رايخمان"، ليئور أكرمان عما يمكن فعله إذا غابت المعلومات الاستخبارية وأصبح دور جهاز الأمن العام " الشاباك " أقل فاعلية في مواجهة ما يسمى "إرهاب الذئاب المنفردة".

ونوه إلى أن هذا النمط من العمليات ليس جديدا، فقد بدأ يظهر بقوة منذ موجة "الذئاب المنفردة" في 2015-2016، والآن قد يتصاعد إلى موجة أوسع أو حتى انتفاضة شاملة.

يؤكد الكاتب أن الشاباك نجح خلال العام الماضي في إحباط مئات هجمات منظمة بفضل المعلومات الاستخبارية، لكن الارتفاع الحاد في هجمات الأفراد المستقلين يضعف إمكانية الكشف المسبق، لأن هذه العمليات لا تترك مؤشرات استخبارية واضحة.

الخلاصة عند أكرمان أن الردود الجزئية من إغلاق أو هدم منازل، لن تكفي، والمطلوب -برأيه- تحرك إستراتيجي طويل المدى يستهدف تفكيك دوافع "الإرهاب" وتقويض أسبابه، ومقارعة التحريض وبناء سياقات سياسية وأمنية جديدة، إذ من دون ذلك سيبقى احتمال توسع موجة العلميات المسلحة قائما.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا