قالت مجلة لوبوان الفرنسية إن قصر قرطاج يحكم تونس بعد غروب الشمس، حيث تطبق العدالة وتتحرك السياسة فجرا، وتكون الزيارات الميدانية عند منتصف الليل، وتعلن القرارات عند الرابعة فجرا.
وذكرت المجلة -في تقرير بقلم بنوا دلماس- أن البيان الصحفي الصادر عن الرئاسة التونسية عبر صفحة الرئاسة على فيسبوك، صدر عند الساعة 3:48 فجرا من ليلة الخميس، وتضمن هجوما لاذعا على من يدبرون المؤامرات في الخفاء.
وجاء في هذا البيان الذي صدر بعد منتصف الليل، أن "ضمير الشعب التونسي وإدراكه لكل الحقائق والتفاصيل (سيحبطان) محاولات زرع الشك واليأس والإحباط".
ومنذ أن استولى الرئيس قيس سعيد -كما تقول المجلة الفرنسية- على جميع السلطات، بما فيها السلطة القضائية في 25 يوليو/تموز 2022، انطوت تونس تدريجيا على نفسها بعد عقد من الحراك الديمقراطي.
الرئيس الذي يحكم بلاده ليلا، قد يكون عنوان رواية خيالية، وحكاية رمزية عن السلطة وإساءة استخدامها، والطبيعة المربكة لنظام الرئيس سعيد.
وقالت المجلة إن هذا الأكاديمي الذي يعلن نفسه شخصيةً متقشفة، وواعظا يعلي من شأن الفضيلة كنموذجٍ للمجتمع، ورجلَ دين قوميا عربيا بارزا، يحكم البلاد بسلطان تام بدعم من وزارة الشرطة والجيش، ويعتبر الليل ملكه، فيستدعى وزراءه بعد العشاء، وتبث حوارات ذاتية له ليلا من مكتبه في قرطاج، وتصدر بيانات اتهامية في الثانية صباحا.
ورأت لوبوان أن "الرئيس الذي يحكم بلاده ليلا"، قد يكون عنوان رواية خيالية، وحكاية رمزية عن السلطة وإساءة استخدامها، والطبيعة المربكة للنظام التونسي، مع أن معظم القادة يتجولون بعد غروب الشمس، ولكنهم لا يحكمون بلدانهم ليلا، ولكن الليل قد حل على تونس مع قيس سعيد كما يبدو.
وفي الأسبوع الماضي اضطرت وسائل الإعلام العامة إلى تعديل جداولها عندما أعلنت نشرة أخبار منتصف الليل زيارة الرئيس عند منتصف الليل لمنطقة حلق الوادي للاطمئنان على سير مشروع صرف صحي هناك.
وقد أصبح القمع ليليا أيضا -كما تقول المجلة- إذ حُكم في 19 أبريل/نيسان، على حوالي 40 شخصا متهمين "بالتآمر على الدولة" بالسجن لمدد تتراوح بين 10 و66 عاما في محكمة تونس عند الساعة 4:30 صباحا.
واُبلغت وكالة الأنباء التونسية الرسمية بالأمر بعد 20 دقيقة، في وقت لم يكن فيه أي من المتهمين ولا محاميهم حاضرا، وقال رضا إدريس، أحد المحكوم عليهم غيابيا بالسجن 33 عاما: "تونس الآن في العصور الوسطى".
وفي الوقت الذي تعمل فيه قرطاج ليلا، وتطارد المؤامرات عند الثالثة فجرا، يكافح المجتمع مع الحياة اليومية نهارا، وبين قصر قرطاج الليلي المنغلق على نفسه، ومجتمعٍ يعمل نهارا، تعيش البلاد واقعين متوازيين، وتبدو المواجهة بينهما حتمية، في ظل ركود الوضع الاقتصادي والاجتماعي.