آخر الأخبار

احتلال غزة.. انقسام حقيقي داخل إسرائيل أم مناورة سياسية؟

شارك
جانب من اجتماع الكابينت

بينما تتصاعد نيران الحرب في قطاع غزة، تتجه الأنظار إلى الاجتماع المرتقب للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، وسط مؤشرات متضاربة حول نوايا حكومة بنيامين نتنياهو، وانقسامات داخلية تعكس خلافًا بين المسارات العسكرية والسياسية، في وقت تدخل فيه واشنطن على خط الأزمة بشكل غير معتاد، تحت غطاء "الجهود الإنسانية".

الخلاف الذي خرج إلى العلن بين رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي إيال زامير ووزير الدفاع إسرائيل كاتس، بشأن خطة احتلال غزة بالكامل، ليس تفصيلاً عابرًا في المشهد العسكري – السياسي الإسرائيلي. فقد عبر زامير عن تفضيله لعملية عسكرية "محدودة" بدل الانخراط في احتلال شامل، محذرًا من تبعات كارثية قد تطال الجيش نفسه، خاصة في ما يتعلق بمصير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

في المقابل، جاء رد كاتس صارمًا، مؤكدًا أن "زامير عليه تنفيذ قرارات الحكومة"، ما يعكس إصرار الجناح السياسي المتشدد في الحكومة على المضي قدمًا بخيار السيطرة الكاملة، رغم التحذيرات الأمنية.

الكابينت على المحك
اجتماع ا لكابينت الإسرائيلي المقرر، يوم الخميس، يُرتقب أن يكون مفصليًا، حيث يتناول بحسب تسريبات إعلامية خطة لتوسيع العمليات العسكرية وصولًا إلى فرض السيطرة الكاملة على القطاع، خصوصًا في المناطق التي يُعتقد أن الأسرى محتجزون فيها.

ويأتي هذا التصعيد المحتمل رغم تحذيرات أممية وصفت الخطة بأنها "مقلقة للغاية"، و"ستؤدي إلى عواقب كارثية"، وفق تصريحات مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ميروسلاف يانشا أمام مجلس الأمن.

في مشهد لا يقل إرباكًا عن الخلافات الإسرائيلية، جاءت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتزيد من الغموض حول الموقف الأميركي. فبينما أكد أن قرار احتلال غزة "يعود لتل أبيب"، تحدثت تقارير، أبرزها من موقع "أكسيوس"، عن نية إدارة ترامب تولي زمام المبادرة الإنسانية في غزة، في ظل تفاقم المجاعة وسوء التغذية.

المفارقة أن واشنطن، بحسب "أكسيوس"، ترفض التورط الكامل وتُفضل دورًا دوليًا مشتركًا، مع إشارات إلى إمكانية مساهمة قطر ماليًا، وانخراط مصر والأردن لوجستيًا. لكن الباحث في العلاقات الدولية أشرف عكة يرى في هذه الخطوة بداية "هندسة للسيطرة تحت غطاء الإغاثة"، مشيرًا إلى وجود ما وصفه بـ"اتفاق ضمني" بين نتنياهو وترامب، يهدف إلى استثمار الحرب سياسيًا وانتخابيًا.

خلال حديثه لبرنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، رسم الباحث أشرف عكة مشهدًا قاتمًا، مشيرًا إلى أن "الكنز الاستراتيجي" الذي ينتظره نتنياهو وترامب من غزة، يبرّر – من وجهة نظرهما – تكبّد التكاليف السياسية والإنسانية، سواء داخل إسرائيل أو أمام الرأي العام العالمي.

واعتبر عكة أن الحديث عن احتلال غزة أو توسيع الحرب ليس سوى مقدّمة لمرحلة تمتد حتى فبراير المقبل، أي قبيل الانتخابات الإسرائيلية. ووفق تقديره، فإن نتنياهو يراهن على الوقت لتحقيق مكاسب ميدانية تعزز موقفه داخليًا، رغم التناقض الواضح بين أهداف الحرب المعلنة: تحرير الأسرى من جهة، وسحق "حماس" من جهة أخرى.

هل الانقسام حقيقي أم أداة ضغط؟

في تحليله، يرى عكة أن الانقسام داخل إسرائيل قد يكون حقيقيًا على مستوى المؤسسة الأمنية والعسكرية، لكنه لم ينجح في فرملة نتنياهو المدفوع برغبة في الحفاظ على الائتلاف الحاكم، وتحقيق اختراقات سياسية على حساب الدم الفلسطيني، على حد قوله.

وأضاف "الكل يعلم أن رئيس الأركان وقادة الجيش في النهاية يخضعون للقرار السياسي"، مشددًا على أن "الشعب الفلسطيني هو من يدفع الثمن، وسط مجاعة غير مسبوقة، وتوسع مستمر في العمليات العسكرية".

وفيما اعتبر عكة أن تصريحات ترامب حول الإغاثة تحمل طابعًا إنسانيًا ظاهريًا، إلا أنه حذر من خلفية سياسية تهدف إلى "تولي إدارة غزة" والتحكم بمسارات ما بعد الحرب. وقال: "ترامب ليس متألمًا على الشعب الفلسطيني، هناك عشرات المؤسسات الدولية القادرة على إدارة المساعدات، لكن واشنطن تريد فرض سيطرتها وابتزاز الإقليم".

تهجير وتصفية القضية

ويحذّر عكة من أن المرحلة القادمة قد تشهد "دفع السكان جنوبًا" كمقدّمة للتهجير الجماعي، ما يهدد بتصفية القضية الفلسطينية، وليس فقط تفكيك حركة حماس.

ولفت إلى أن : "الرئيس المصري تحدث بوضوح عن وجود تحركات لا يمكن القبول بها في المنطقة، وهو ما يشير إلى ضغوط واتصالات أميركية غير مقبولة".

ومع التوتر المتصاعد، يلفت عكة إلى وجود "أصوات حقيقية داخل إسرائيل ترفض هذه السياسات"، من أكاديميين، وقادة سابقين في الجيش، بل وحتى دعوات للعصيان المدني. لكنه في الوقت ذاته يشكك بقدرة هذه الأصوات على قلب المعادلة، خصوصًا في ظل سيطرة اليمين المتطرف.

ويختتم حديثه بالقول: " نتنياهو تخلّى عن الأسرى منذ اليوم الأول، وترامب يعلم أن الحرب لا تستهدف حماس فقط، بل المشروع الوطني الفلسطيني بكامله. ما يجري هو اختبار حقيقي للمجتمع الإسرائيلي وديمقراطيته: هل سيبقى أسير تطرف نتنياهو واندفاعه، أم يستفيق قبل فوات الأوان؟"

الانقسام الإسرائيلي حول احتلال غزة يبدو حقيقيًا في الشكل، لكنه لم يتحوّل بعد إلى قوة كابحة لنتنياهو. أما الولايات المتحدة، فتتبنّى نهجًا مزدوجًا: تدعم إسرائيل سياسيًا وعسكريًا، بينما تُلمّح إلى مبادرة إنسانية ذات طابع إداري قد تعيد تشكيل غزة ما بعد الحرب.

وفي ظل ذلك، يظل الفلسطينيون، خصوصًا في قطاع غزة، بين مطرقة الجوع وسندان الاستهداف، وسط غياب أفق سياسي حقيقي، وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية متدحرجة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا