في سرير بمجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله، يسترجع الصحافي الفلسطيني عصام الريماوي، مصوّر وكالة "الأناضول" التركية، لحظات الاعتداء العنيفة التي كادت أن تودي بحياته أثناء تغطيته الميدانية لاعتداءات المستوطنين في قرية المغير.
يقول، وهو جالس على سرير المستشفى ورأسه ملفوف بضماد أبيض: "كنت أوثق مشهداً مؤلماً آخر. المستوطنون يحرقون محاصيل أهالي قرية المغير، أمام أعين أصحاب الأرض، كنت أرتدي سترة الصحافة، والكاميرا معلّقة على عنقي٬ وكل شيء كان يدل أنني صحافي، لكن ذلك لم يمنعهم من الهجوم عليّ".
بينما كان في طريقه عائداً إلى مركبته، فوجئ بعشرات المستوطنين يركضون نحوه، ويقول: "هجموا عليّ بالعصي والحجارة. صرخت بأعلى صوتي: 'أنا صحافي! أنا صحافي!'، لكنهم لم يتوقفوا، بدا الأمر وكأنهم قرروا معاقبتي فقط لأنني كنت أوثق جرائمهم".
ويتابع بصعوبة: "أحدهم اقترب من الخلف وضربني بقوة على رأسي. بعدها، كل شيء اختفى. فقدت الوعي لثلاث ساعات تقريباً. عرفت لاحقاً أن المسعف الذي أنقذني أبلغ الطاقم الطبي أنني كنت في حالة موت سريري".
ويقول بصوت متهدّج: "لقد سرقوا كاميراتي... لا أعلم إلى أين أخذوها".
الاعتداء لم يترك جسده كما كان، حيث أصيب بعدة جراح، وأبلغه الطبيب أنه أُصيب بارتجاج في الدماغ، وعشر غرز في مؤخرة رأسه، وكسور في يده اليسرى، ورضوض مؤلمة في كتفه.
ويتابع من غرفته بالمستشفى، حيث يتلقى الرعاية المكثفة: "الأطباء أخبروني أنني بحاجة للبقاء هنا خمسة أيام على الأقل، تحت المراقبة الطبية، حتى يتأكدوا من استقرار حالتي".
ليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها الريماوي للإصابة خلال عمله الصحافي، ويقول: "هذه المرة الرابعة عشرة، أُصبت سابقاً بالاختناق، والرصاص المطاطي، والضرب، لكن هذه المرة كانت الأقسى... شعرت أنني لن أعود. رأيت الموت بعيني".
ينهي عصام: "رغم كل شيء، سأواصل نقل الحقيقة. الكاميرا سلاحي، وما زلت متمسكاً بها... حتى لو حاولوا كسرها وكسر إرادتي، التغطية مستمرة".
في الضفة الغربية، ذكر مؤشر حرية الصحافة في تقريره أنّ "الصحفيين تعرضوا لانتهاكات واسعة من جانب السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي، خاصةً مع تكثف الضغوط الإسرائيلية منذ بداية الحرب، وزيادة اعتقالات الصحفيين وعرقلة عملهم"، بحسب التقرير.
وردّت إسرائيل أكثر من مرة على مقتل صحفيين في حرب غزة قائلة إنها تستهدف صحفيين "تابعين لحماس" وإنّ بعضهم "ينتحلون صفة عاملين في الإعلام".
بجانب الريماوي، أصيب في وقت سابق الثلاثاء، 12 صحفياً فلسطينياً، برضوض وحالات اختناق إثر اقتحام الجيش الإسرائيلي مدينتي نابلس (شمال) وبيت لحم (جنوب).
** ولم تُعلّق السلطات الإسرائيلية على هذه الحادثة حتى لحظة نشر هذا المقال.