كشفت بيانات حديثة عن صورة أكثر قتامة للاقتصاد الأميركي، مع تزايد إشارات التباطؤ في سوق العمل وتراجع معنويات المستهلكين، في وقت يواجه فيه مجلس الاحتياطي الاتحادي ضغوطا متزايدة لاتخاذ قرارات جديدة بشأن أسعار الفائدة .
وأفاد مكتب إحصاءات العمل الأميركي في تقرير (جولتس) أن عدد الوظائف الشاغرة ارتفع بشكل طفيف بمقدار 19 ألفا ليصل إلى 7 ملايين و227 ألفا وظيفة في نهاية أغسطس/آب، متجاوزا توقعات المحللين عند 7 ملايين و185 ألف وظيفة، وفقا لوكالة رويترز، لكن التوظيف الفعلي انخفض بمقدار 114 ألف وظيفة إلى 5 ملايين و126 ألفا، بينما تراجعت حالات التسريح بمقدار 62 ألفا إلى مليون و725 ألفا.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه الأرقام تعكس فتورا واضحا في الطلب على العمالة، وهو ما أرجعوه إلى الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات، إضافة إلى القيود على المهاجرين التي قلصت حجم القوى العاملة.
رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول وصف الوضع بأنه "توازن غريب" بين ضعف التوظيف واستمرار قيود العرض.
وأعاد البنك المركزي الأميركي هذا الشهر خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتتراوح بين 4% و4.25% في محاولة لدعم سوق العمل.
لكن وكالة رويترز أشارت إلى أن البيانات المتباينة -بين تباطؤ التوظيف من جهة واستقرار النمو والإنفاق من جهة أخرى- أثارت شكوكا حول جدوى الاستمرار في خفض الفائدة خلال 2025.
وبحسب التقديرات، فإن الوظائف غير الزراعية زادت بمتوسط 29 ألفا فقط شهريا خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس/آب، مقارنة بـ82 ألفا في الفترة نفسها من العام الماضي. ورغم ذلك، يتوقع محللون بقاء معدل البطالة عند 4.3%.
وفي موازاة ذلك، أعلن مجلس المؤتمر الأميركي أن مؤشر ثقة المستهلكين انخفض بأكثر من المتوقع في سبتمبر/أيلول، متراجعا 3.6 نقاط إلى مستوى 94.2، مقابل توقعات عند 96.0.
وقالت ستيفاني جيوتشارد، كبيرة الاقتصاديين في المجلس، إن "تقييم المستهلكين لظروف العمل أصبح أقل إيجابية بكثير، بينما انخفض تقييمهم لتوفر فرص العمل للشهر التاسع على التوالي، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ عدة سنوات"، مؤكدة أن هذا يتماشى مع الانخفاض الملحوظ في بيانات الوظائف المتاحة.
ووفق تحليل رويترز، فإن تقاطع البيانات السلبية -من ضعف التوظيف وتباطؤ التوظيف غير الزراعي إلى تراجع ثقة المستهلكين- يعكس هشاشة في السوق الأميركي، ما يفرض على صناع السياسة النقدية تحديا مزدوجا بين دعم النمو من جهة والحفاظ على استقرار الأسعار من جهة أخرى، وسط احتمالات متزايدة بأن تكون خفض الفائدة المقبلة أقل يقينا مما كان متوقعا.